"الإدارية العليا": شرط زواج المعاقة ذهنيًا أو بلوغها سن الـ50 لاستحقاقها المعاش الضماني باطل
كتب- محمود الشوربجي:
حصل محمد مبارك المحامي، شقيق المعاقة ذهنيًا سناء مبارك، 25 عامًا، على شهادة في أول ديسمبر 2020، من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد أن وزارة التضامن الاجتماعي لم تطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، بإلغاء قرار وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالبحيرة باشتراط زواج المعاقة ذهنيا أو بلوغها سن الخمسين لاستحقاقها المعاش الضمانين.
وألزم الحكم وزارة التضامن بصرف 19 ألف جنيه متجمد المعاش الضماني الموقوف، وبطلان قرار وكيل الوزارة بالحجز على أموالها بمقدار أربعة اَلاف جنيه، وبالتالي أصبح حكم القضاء الإداري نهائيًا وباتًا.
وأرست المحكمة مبدأ جديداً لصالح المعاقين ذهنيًا بصرف معاش ضماني لهم بصفة مستقلة عن معاش أسرهم، وبطلان شرط زواج المعاقة ذهنياً أو بلوغها سن الخمسين لاستحقاقه وحظر الحجز على أموالهم، وسطرت المحكمة موقفا نبيلا في الإنسانية مؤكدة أن الرحمة هي الوجه الآخر للعدل، بعد أن تم حرمان المصابة بتخلف عقلي شديد وآفه عقلية من نوع العته من معاشها الضماني مدة 5 سنوات متصلة، مؤكدة أن المساعدة الشهرية الضمانية للمعاقين ذهنيًا ليست منحة من التضامن الاجتماعي بل هي حق وشرف لمن يلتمس الطريق إليه.
وقالت المحكمة برئاسة الدكتور محمد خفاجي، إن المعاقين ذهنيًا لهم الحق في الضمان الاجتماعي بما يضمن لهم حياة كريمة، لتعيد إليهم توازنًا اختل من خلال عوارضهم، ومن ثم فإن قيام المجتمع على أساس التضامن الاجتماعي يعني وحدة المجتمع في بنيانه، وتداخل مصالحه لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها عند تزاحمها واتصال أفرادها وترابطهم ليكون بعضهم لبعض ظهيرًا، فلا يتفرقون بدداً أو يتناحرون طمعاً، أو يتنابذون بغياً، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم قبلها، لا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها، وليس لفريق منهم بالتالي أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال من الحقوق قدراً منها يكون بها - عدوانا - أكثر علواً، بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها، التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق.
وأضافت المحكمة أنه يجب ألا تخل الحقوق الدستورية المشتركة بين الأسوياء وغيرهم بتلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار، وبهذه المثابة فإن تدابير اقتصادية واجتماعية يتعين ضمانها في شأن المعاقين ذهنيا، تأخذ واقعهم في اعتبارها، ولا تنحي مشكلاتهم عن دائرة اهتمامها، بل توليها ما تستحق من الرعاية، لتقدم لهم عوناً يلتئم وأوضاعهم، وليس ذلك تمييزاً منهيا عنه دستوريا، بل هو نزول على حكم الضرورة وبقدرها، فلا يغمطون حقاً ولا يحرمون أملاً, ولما كان المعاقون ذهنياً هم على القمة إنسانيا من الحاجة لمعاش ضماني يكفيهم لمواجهة عجزهم التام، يعوضهم عن انعدام إرادتهم الذي يحرمهم من فرص يعملون من خلالها, فإن المجتمع مسئول تجاه المعاقين ذهنياً وفقا للقيم الخلقية الأصيلة، التي ينافيها أن يظل المعاقون ذهنيًا مؤاخذين بعاهاتهم لا يملكون لها دفعاً أو تقويماً, فالمساعدة الضمانية بديل عن عجزهم التام والكامل.
فيديو قد يعجبك: