"الكحول جمب أوراق القضايا".. حكايات محامون في زمن كورونا

كتب- محمود السعيد:

داخل ساحات المحاكم، بدا الوضع مختلفًا عقب قرار وزارة العدل باستمرار العمل الإداري فقط للحد من انتشار فيروس كورونا؛ حضر المحامون إلى المحاكم يتسلّح بعضهم بـ"كمامة طبية" وآخر بقفاز طبي ينشد الوقاية من الفيروسات، وآخرين كان لزجاجة الكحول مكانًا في حقيبة أوراقهم.

كانت وزارة العدل قررت في 15 مارس الماضي، تأجيل جميع الدعاوى لمدة أسبوعين إداريًا، واستثنت محكمة استئناف القاهرة جلسات النطق بالأحكام وتجديد حبس المتهمين ومواعيد الطعون وغيرها، في إطار خطة الدولة الاحترازية للحد من التجمعات.

"كمامة وكحول"

الثلاثاء الماضي، اضطر المحامي وليد سامي للذهاب إلى محضرين الهرم بمحكمة "الكيت كات" في إمبابة بمحافظة الجيزة، لعمل إعلان جلسة لأحد موكليه؛ ارتدى كمامة طبية وجوانتي ووضع زجاجة كحول في حقيبته بغرض التعقيم عقب لمس الأوراق "لو مش وقاية ليا.. فوقاية لأهل بيتي والناس اللي بحبهم".

"وليد" ضمن نحو 170 ألف محامي مشتغلًا اضطر بعضهم للنزول إلى المحاكم، يقول المحامي الثلاثيني لمصراوي "بيبقى شغل ضروري.. ودي حقوق ناس"، مشيرًا إلى أنه بدأ اتخاذ إجراءات احترازية لوقاية نفسه من العدوى فور الإعلان عن أول إصابة في مصر.

"زي ما روحت زي ما رجعت" يصف "وليد" نتيجة مشواره إلى المحكمة، يقول إن وجود حالة مشتبه في إصابتها بكورونا قبل أيام، دفع المحكمة إلى إغلاقها بغرض التعقيم والتطهير حتى أول الشهر المقبل.

أكثر ما ضايق الثلاثيني خلال مشواره إلى المحكمة هو استهتار ولا مبالاة بعض المواطنين في المحكمة، واستهزاءهم بالإجراءات الاحترازية للآخرين ما دفع المحامون لتنبيههم بالخطر المحدق بالجميع.

جانب آخر للوقاية اتخذه الثلاثيني، بأن اكتفى بمتابعة الموكلين عبر الهاتف، على أن تقتصر المقابلات –على قلتها في ظل كورونا – في أضيق الحدود.

أمّا عن المنزل، فالأمور تغيرت "محدش بيستقبلني دلوقتي"، يشير وليد إلى أنه يتجه مباشرة لغسل يديه ووجه جيدًا وتطهير متعلقاته "الوقاية خير من العلاج".

الشغل واقف "احنا إجازة مع الدولة"

"احنا يعتبر إجازة مع الدولة" يشير المحامي محمد موسى إلى قلة الشغل بعد قرار وزارة العدل بتأجيل جميع الجلسات إداريًا لمدة أسبوعين "مفيش موكلين جداد لأن ميش رفع دعاوى".

وقال "موسى" لمصراوي "لو موكل جالك مش هتعرف تاخد منه شغل" موضحًا أن غير معروف متى سيتم تحديد الجلسات الجديدة في ظل الوضع الحالي.

لا يفارق الكمامة وجه المحامي الشاب عند نزوله المحكمة لحضور تجديد حبس أو تحقيق مع متهم، وخصص جيبًا في حقيبته لزجاجة الكحول الذي يستخدمه باستمرار لتطهير يده.

"مسافات بين المتهمين"

المحامي إبراهيم طنطاوي، المتخصص في قضايا الجنايات فقط، لم يختلف حاله عن سابقيه، إذ اقتصر عمله منذ إعلان القرار على حضور تجديدات الحبس، محاولًا ترك مسافات مع الآخرين قدر الإمكان "مبعملش دا كتير.. ممكن حد يفهمه من باب التعالي".

وقال "طنطاوي" لمصراوي إن قرار وزارة العدل بالتأجيل الإداري قلل كثيرًا من الكثافة في المحاكم، بالإضافة إلى حرص الأمن على عدم إيداع المتهمين الحبسخانه وجلوسهم بالقاعة الأكبر سعة، وعند الحضور أمام القاضي بالمداولة يكون هناك مسافات بين الأطراف المتواجدة (القاضي والمحامي والمتهم) وقاية من انتقال العدوى –إن وجدت-.

بادرة أخرى اتخذها المحامي الشاب بعدم مقابلة أي موكل بعد الساعة السابعة مساءًا، التزامًا بقرار مجلس الوزراء بغلق كل المنشآت باستثناء محال المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية.

"مشوفناش حد بيترافع بكمامة" يشير "طنطاوي" مازحًا إلى عدم ارتدائه كمامة خلال حضور جلسات تجديد الحبس، مع التزامه بغسل الأيدي باستمرار.

مبادرة لتعقيم النقابة

في محكمة بنها بالقليوبية، بادر المحامي الشاب زكريا الشريف وزملائه بجمع بعض الأموال لشراء زجاجات الكلور لتعقيم النقابة، حيث يستريح المحامون بين الجلسات، وذلك بعد متابعتهم لتعقيم وزارة العدل لمبنى المحكمة فقط.

يشير "الشريف" إلى أن عدد المحامين في المحكمة يوميا قد لا بتعد 10 محامين خوفا من عدوى فيروس كورونا.

وأضاف أنه يتم عرض أوراق المتهمين لتجديد حبسهم دون عرض المحبوسين وهو. إجراء قانوني، على حد قوله.

يستخدم المحامي الشاب كحول إثيلي لتعقيم وتطهير يده، فقد نجح في الحصول على زجاجتين من صديقي صيدلي بثمن 70 جنيها.

يشكو "الشريف" من قلة الشغل، قائلا "المحامين الكبار ببصرفوا من مدخراتهم.. لكن احنا محتاجين تعويضات"، مطالبا النقابة العامة للمحامين بتعويض المحامين الشباب ماليا للتغلب على مسؤولياتهم خلال فترة تعليق العمل.

يذكر أن حصيلة الإصابات بفيروس كورونا في مصر بلغ 402 و20 حالة وفاة، وتعافى 80 حالة حتى اليوم الثلاثاء، بحسب بيان لوزارة الصحة المصرية.