لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"ذبيح في نص الشارع".. كيف تسببت طيارة ورق في جريمة هزت نزلة السمّان؟

11:47 ص الإثنين 15 يونيو 2020

كتب - محمد شعبان:

مساء الجمعة الماضي، ارتفعت أصوات الماشية داخل منزل اتخذه "أسامة" مقرا لمشروع تسمين العجول، فتوجه لمعرفة السبب. فوجئ صاحب المشروع بشاب يدعى "حسن" أعلى سطح المنزل ممسكا بطائرة ورقية ليطالبه بالنزول وعدم معاودة الكرة.

مشادة حادة تطورت إلى مشاجرة نشبت بين الطرفين وسط توعد الشاب بالرد. لم يدر "أسامة" ماهية الانتقام الذي أنهى حياته ذبيحا أمام منزله في جريمة أضحت حديث أهالي نزلة السمان بحي الهرم.

منذ تفشي فيروس "كورونا" المستجد في شتى أنحاء المحروسة، تدهورت أحوال العاملين بقطاع السياحة مع غلق المطارات والمزارات واحدة تلو أخرى ضمن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة للحد من انتشار الوباء العالمي، حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية.

داخل منزله بمنطقة نزلة السمان المتاخمة لأهرامات الجيزة، جلس "أسامة" يبحث سبل عبور الأزمة المالية وتوفير نفقات أسرته المكونة من زوجته وأطفالهما الأربعة في أعقاب توقف حركة السياحة- إذ يعمل خيالا.

استقر الشاب الثلاثيني على خوض تجربة تسمين العجول، واستأجر منزلا في الشارع الذي يلي مسكنه كمقر للمشروع.

خلال الفترة الأخيرة، تصدرت مقاطع وصور اللهو بالطيارات الورقية منصات السوشيال ميديا، ليتبارى سكان كل منطقة بمهارتهم في صنع الأكبر والأفضل خاصة الأحياء الشعبية كما هو الحال في نزلة السمان.

مساء يوم الجمعة الماضي، تصادف مرور "أسامة" بالقرب من الحظيرة "مقر مشروعه" وتنامى إلى سمعه أصوات العجول فأسرع لاكتشاف السبب؛ خشية حدوث أي مكروه.

وقعت أنظار الثلاثيني على تجمع مجموعة من الفتية اعتلى أحدهم سطح الحظيرة للهو بطائرته الورقية، فطالبه بالنزول "محدش يطلع فوق بيتي علشان العجول بيجيلها صرع".

كلمات "أسامة" لم تلقَ قبولا لدى الشُبان خاصة "حسن" الذي رد بحدة "هطلع واعمل اللي عايزه". ارتفعت وتيرة الحديث بين "أسامة" و"حسن" ونشبت مشاجرة استعان كل منهما بأنصاره إلا أن تدخل عقلاء المنطقة حال دون تفاقم الأمور وسط توعد ابن الـ19 ربيعا.

السابعة، مساء السبت، توجه "حسن" وشقيقه "علام" ووالدهما "سامي" وزوجته وصديق الشقيقين إلى منزل "أسامة"، ووقعت مشاجرة غير متكافئة القوى.

سقط "أسامة" في الأرض مع توالي الضربات واللكمات من الطرف الثاني، فحاول النهوض ومن ثم الدفاع عن نفسه فأمسك "حسن" بمطواة صديقه وعاجله من الخلف بطعنة ذبحية قطعت شرايين الرقبة من جهة اليسار.

نافورة دماء مصدرها رقبة المصاب حاول الجيران إيقافها، وأسرعوا بنقله إلى مستشفى الشروق الخاص لكن رفض مسئولوه استقباله "الجرح غائر ومعندناش إمكانيات" فجاء الخيار الثاني بنقله إلى مستشفى الهرم فأخبروهم "اطلعوا على القصر لأن الحالة خطيرة".

التاسعة والنصف مساء، استقبل مستشفى قصر العيني "أسامة" وجرى تقديم الإسعافات الأولية له لحين تجهيز غرفة العمليات بسبب حالته الحرجة.

انتصف ليل القاهرة، ونقل الطاقم الطبي "أسامة" إلى غرفة العمليات ليصف جاره "صابر نجاح " الذي رافقه آنذاك "كان بيطلع رغاوي بيضاء من بقه وكأنه بيطلع في الروح" مضيفا "مات لما خرج لأن المتهم سحب السكينة بطول رقبته".

لحظات قليلة انتشر معها الخبر كالنار في الهشيم ليحدث حالة من الغليان بين أهالي نزلة السمان حزنا على مقتل "ابن البلد الجدع" -كما وصفوه- متوعدين الجاني الذي لاذ بالهرب خوفا من الفتك به.

بالانتقال إلى قسم شرطة الهرم، يتابع المقدم محمد الصغير، رئيس وحدة المباحث، حصيلة جهود تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بالتصدي لمخالفي البناء، ومراجعة خطة الانتشار لتطبيق قراري غلق المحال التجاري وحظر تحرك المواطنين إضافة إلى الحالة الأمنية بالمنطقة ذات الكثافة السكانية المرتفعة حتى قطع صوت جهاز اللاسلكي ما ينجزه.

توجيهات سريعة من المقدم محمد الصغير لمعاونه النقيب محمد سعودي بعمل التحريات اللازمة، وسماع أقوال شهود عيان وأسرة المجني عليه، والاطلاع على التقرير الطبي المبدئي حول سبب الوفاة.

أحكم رجال المباحث قبضتهم على مداخل ومخارج مسرح الجريمة مع نشر أكمنة للإيقاع بالمتهم.

السادسة صباح الأحد، توجه المتهم "حسن. س. ع."، 19 سنة، إلى ديوان القسم، وسلم نفسه "أنا اللي قتلت أسامة يا بيه.. بس المطواة مش بتاعتي".

أمام العميد عاصم أبو الخير، مدير المباحث الجنائية، أدلى المتهم باعترافات تفصيلية، وأرشد عن صاحب السلاح المستخدم في الجريمة، وتمكن النقيب محمد سعودي من ضبطه وأداة الجريمة.

بالعودة إلى مسقط رأس الضحية، اكتست القلوب والمنازل بالسواد حزنا على مقتله بتلك الطريقة البشعة ليثني أحد الأهالي على دماثه خلقه "أسامة الكل كان بيحبه ومش بتاع مشاكل.. بالعكس بيحل ويجري في الصلح بين الناس" مطالبين بالقصاص العادل من قاتليه وتوقيع أقصى عقوبة عليهما "نفسنا النار اللي جوانا تبرد".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان