الإدارية العليا: حرية التعبير في وسائل الإعلام مشروطة بالحس الوطني ومقتضيات الدفاع الاجتماعي
كتب- محمود الشوربجي:
أصدرت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية فحص، برئاسة المستشار عبد العزيز أحمد حسن نائب رئيس مجلس الدولة، حكمًا برفض الطعن رقم 606 لسنة 61 ق عليا، والمقام من رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق ضد أحمد عبدالحي السنديوني.
وأيدت الإدارية العليا حكم محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ الصادر في أغسطس 2014 برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، في الدعوى رقم 829 لسنة 12 قضائية، ضد نظام حكم الإخوان يتعلق بضوابط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وحدود التعبير في وسائل الإعلام، وأنها مشروطة بالحس الوطني دون مساس بأمن البلاد أو النظام العام أو مقتضيات الدفاع الاجتماعي.
وكانت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ، قضت بإلغاء القرار الصادر من رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينه في عهد الإخوان بنقل المدعي من مراقبة حسابات الائتمان الزراعي والتعاوني التابع للجهاز المركزي للمحاسبات بمحافظة كفر الشيخ، إلى مراقبة حسابات الهيئة القومية للبريد بطنطا، ووقف تنفيذ قرار نقله من طنطا إلى أسيوط الصادر في أكتوبر 2013 باعتباره تلاحقا لقرارات النقل مشوبا بالانحراف في السلطة, ولاستخدام المدعي حقا دستوريا في التعبير عن رأيه.
وقالت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ في حكمها المؤيد بحكم دائرة الفحص بالمحكمة الإدارية العليا، أن الدستور كفل للمصريين جميعًا الحرية الشخصية وحرية الرأي وحرية التعبير وحرية النشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني وذلك انطلاقا من أن الديمقراطية وهي الوصف الأول لنظام الحكم إنما هي ديمقراطية جميع أفراد الشعب طالما كان إبداء الرأي ونشره والدعوة إليه من خلال اقتناع ذاتي وحس وطني، وطالما أنه لم يتعد بنشاطه حدود المشروعية الدستورية والقانونية ولا يصل إلى حد المساس بأمن البلاد أو النظام العام أو مقتضيات الدفاع الاجتماعي من خلال ارتكاب جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.
وأضافت المحكمة أن الأصل المقرر دستوريًا والمتطلب ديمقراطيا هو وجوب كفالة حماية الموظفين العموميين في أداء واجباتهم، مع كفالة حرية الرأي وتوفير حق الشكوى لكل منهم لوسائل النشر الورقي والمرئي والمسموع والالكتروني وغير ذلك مما تستحدثه بيئة التطور الإعلامي دون مساس بأسرار الدولة وصيانتها، وأن اجتماع حق الشكوى مع حرية الرأي والتعبير عنه يبيح كأصل عام لكل مواطن أن يعرض شكاياه ومظالمه على الرأي العام شريطة ألا يتضمن النشر ما ينطوي على مخالفة للدستور أو القانون أو إساءة استعمال الحق, لأن عدم إساءة استعمال الحقوق هو القيد العام المشروع الذي يسري على جميع الحقوق والحريات.
وأشارت المحكمة إلى أن للموظف العام أن يتظلم إلى السلطات الرئاسية وله أن يعبر من خلال وسائل النشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني عن تظلمه مما يعانيه أو مما يتصوره ظلما لحق به وأن يحدد وقائع ما لاقاه من عنت أو اضطهاد، وكذلك أن ينتقد بصيغة موضوعية إجراءات ونظام العمل ووسائله مقترحا ما يراه بحسب وجهة نظره وخبرته من إصلاح في أساليب ووسائل تنظيم وأداء العمل مما يرتفع بمستوى الخدمات والانتاج للمصالح العامة وحماية الأموال والأملاك العامة ورعاية حقوق وكرامة المواطنين، شريطة ألا يلجأ إلى أسلوب ينطوي على امتهان أو تجريح للرؤساء بما لا يستوجبه عرض وقائع الشكوى, في إطار حسن سير وانتظام أداء المرفق والمصالح العامة للخدمات العامة للشعب.
وأوضحت المحكمة أن المدعي قد انتقد مظاهر الفساد في عهد الإخوان بالأدلة قاصدًا الإصلاح عبر وسائل الإعلام، بوسائل الاعلام وهي تدور في الأساس حول مخالفات ارتأها وقعت في أداء الوظيفة بالجهاز المركزي للمحاسبات فترة الإخوان, وقد علمها الرأي العام كله وانشغل بها وهي الدافع الرئيسي لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة في ذلك الوقت فى إصدار قراره بنقل المدني من كفر الشيخ إلى الغربية ثم نقله إلى أسيوط.
واعتبرت المحكمة أن تلاحق قرارات النقل المكاني وصدورها بغير مقتضى من الصالح العام إنما قصد بها مجازاة الموظف وتكون الجهة الإدارية قد انحرفت بسلطتها في نقل الموظفين من مكان إلى آخر عن الغاية التي وضعت لها، واتخذتها أداة للعقاب وتكون قد ابتدعت نوعا من الجزاء التأديبي لم ينص عليه القانون.
وانتهت المحكمة إلى أن المدعي سبق له الحصول على حكم ببراءته من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها عن مخالفة النشر عن طريق المداخلات بإحدى القنوات الفضائية الصادر في الدعوى رقم 97 لسنة 54 ق بجلسة 7/7/2013 وحصوله على الصيغة التنفيذية لهذا الحكم بتاريخ 14 سبتمبر 2013، ورغم ذلك أصدر رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قراره الثاني بتاريخ 8 أكتوبر 2013 بنقله إلى محافظة أسيوط، وأن تلاحقه للمدعى بقرارات النقل المكاني وصدورها بغير مقتضي من الصالح العام يؤكد على أن مصدر القرار إنما قصد مجازاة المدعي لأنه لم يكن راضيا لممارسة المدعي لحقه الدستوري في التعبير عن رأيه, ويعد ستارًا انتقاميًا من شانه أن يحطم المقومات الأساسية للمدعي ولأسرته ويؤدي إلى انفراط شملها وهو ما يحمل على عاتقه ما لا يطاق.
فيديو قد يعجبك: