جريمة في ذاكرة طفل.. المشهد الأخير في مقتل "الجارة الجدعة" بالوراق
كتب - محمد شعبان:
لم تهنأ "أم أحمد" بأولى خطواتها في مشروع زواج ابنها الأكبر حتى سرق جارها العاطل فرحتها بكل خِسة. قتلها بدم بارد على مرآى ومسمع الجيران. لفظت السيدة أنفاسها الأخيرة أمام طفلها الذي سيظل ذلك المشهد محفورا في ذاكرته.
منذ 3 عقود تزوجت "راوية" ورزقت بـ5 أبناء. حضرت الأسرة البسيطة للإقامة في شقة بعقار سكني بشارع متفرع من القومية العربية بكفر السلمانية التابعة لمركز الوراق، شمال الجيزة.
حظيت السيدة بحب واحترام الجميع لاسيما دعمها لجيرانها لكنها لم تدر بأنها ستدفع حياتها ثمن شهامة ندرت في ذلك الزمان.
منذ فترة استأجرت سيدة مطلقة شقة بالطابق الأرضي في العقار ذاته التي تقطن فيه "أم أحمد". لم تسلم السيدة من مضايقة عاطل يقيم في غرفة مجاورة للعقار يدعى "شعبان.ب.".
أمام محاولات الجار العاطل للتهجم على السيدة مستغلا إقامتها بمفردها، اضطرت الأخيرة للاستنجاد بجارتها "رواية" التي لم تدخر جهدا في الدفاع عنها غير عابئة بتهديدات "شعبان".
لم ييأس الجار في مخططه. عمد إلى حيلة شيطانية ظنا أنها "الضربة القاضية" التي ستسهل حصوله على فريسته.
نشر "شعبان" منشروا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حذر فيه الأهالي من تلك السيدة زاعما أنها "الست دي بتخطف العيال الصغيرة".
مع كثرة تداول المنشور، فزعت السيدة البسيطة. راحت تنفي ما جاء عبر السوشيال ميديا الأمر الذي صدق عليه الجيران مؤكدين أنها "ست كويسة مشوفناش منك حاجة".
أيقنت "راوية" أن "شعبان" لن يترك الجارة المسكينة فباتت حائط صد منيع يحول بينها وبين أنياب ذلك الذئب البشري الذي وصل به الحال لتهديدها علنا أو برسالة بعثها لشقيقها "لو مبعدتيش عن سكتي هقتلك".
الأسبوع الماضي، كانت "رواية" على موعد مع خبر سار، كلل مجهودها في البحث عن عروس لنجلها الأكبر بالنجاح. قررت الأم الدخول في "جمعية" لمساعدة فلذة كبدها ولكي تراه ببدلة الزفاف لكن يد الغدر لم تمهلها.
في اليوم التالي، توجهت "راوية" إلى منزل والدتها بالقرب من مسكنها، زفت لها الخبر السار وطالبتها بالدعاء لحفيدها بإتمام تلك الزيجة لاسيما بعد طلاق ابنتها "مي".
ودعت "راوية" والدتها على وعد بتجدد اللقاء -لم تدر أنها لحظات الوداع- انصرفت لمقابلة "النقاش" لإنجاز بعض المهام في شقتها.
على بعد أمتار من العقار، تنامى إلى مسامع "رواية" صوت استغاثة جارتها. استغاثة مألوفة والسبب معروف للجميع "شعبان يحاول اقتحام مسكنها".
كعادتها تصدت والدة الأطفال الخمسة لجارها "عيب عليك دي جارتك.. ترضى حد يعمل كده في أهلك". كلمات السيدة أشعلت غضب الجار العاطل الذي توعدها وانصرف على وعد بالعودة.
دقائق معدودة عاد بعدها "شعبان" ممسكا بسلاح أبيض "مطواة" أحضرها من غرفة تخصه كائنة بناصية الشارع، انتهز فرصة صعود "راوية" درجات السلم ليباغتها بطعنة في الظهر.
حاولت "راوية" الفرار من ذاك الوحش فلاحقها بطنات متفرقة بالساق والرقبة وأسفل البطن لتسقط غارقة في دمائها وسط صدمة الجميع الذين فقدوا القدرة على الحركة والنطق معا.
المشهد الأصعب الذي يدمي القلوب كان لدى مشاهدة الابن الأصغر للضحية والدته تسيل منها الدماء.
لم يتقدم أحد لنجدة الجارة "الجدعة". تركوها تفترش الأرض المخضبة بالدماء حتى حضر أقاربها واصطحبوها عبر "توكتوك" إلى أقرب مستشفى لكن سبق السيف العذل.
بالعودة إلى مسرح الجريمة، آثار الدماء لا تزل شاهدة على تفاصيل تلك المأساة، وجوه شاحبة وعيون أرهقتها الدموع تنطق بما جرى.
منذ اللحظة الأولى لوصول رجال الشرطة، بدت الصورة واضحة، المتهم معروف والسبب أيضا. وجه اللواء عاصم أبو الخير مدير المباحث الجنائية بالجيزة بسرعة ضبط الجاني.
نشر رجال المباحث أكمنة تحت إشراف العميد عمرو طلعت رئيس قطاع الشمال أسفرت إحداها عن ضبط المتهم وأرشد عن الأداة المستخدمة في الجريمة. علل المتهم فعلته "هي اللي وقفت في سكتي.. نصيبها كده".
بالعودة إلى الحي الشعبي، اتشح الشارع الضيق بالسواد حزنا على مقتل جارتهم "الجدعة" - كما لقبوها- مطالبين بالقصاص العادل "لازم المتهم يكون عبرة.. منه لله دمر أسرة كاملة.. الإعدام قليل عليه".
فيديو قد يعجبك: