أشعلت النار في نفسها وسارت في الشارع.. تفاصيل انتحار سيدة السلام
كتب- سامح غيث وفاطمة عادل:
لم تجد "صباح" مفرًا من اعتداءات زوجها عليها بالضرب ورفضه الخروج للعمل، وعجزها عن توفير مطالب طفليهما وتكفيهما مذلة السؤال، سوى بالانتحار. أحضرت بنزين وسكبته عليها، وأشعلت النيران في جسدها وخرجت تجري في الشارع.
رؤية المجني عليها تحترق وسط شارع عام في مدينة السلام، رافضة إسعافها، حتى فارقت الحياة، أمر أثار استغراب وتساؤل الأهالي عن الأسباب التي دفعتها للانتحار.
المجني عليها "صباح"، تبلغ من العمر 35 سنة، تزوجت قبل 10 سنوات من رجل يكبرها بسنتين، بعد قصة حب مشهودة من أهالي المنطقة، رزقا بطفلين (محمد بالصف الثالث الابتدائي، وطفلة بالصف الأول الابتدائي).
في البداية كانت حياة الأسرة هادئة، تسير على وتيرة واحدة، الزوج يعمل بائع خردة ويمتلك مخزن للخردة بمنطقة السلام، والزوجة ترعى شئون طفليهما وتقوم بالأعمال المنزلية.
في الآونة الأخيرة تبدل حال الزوج، تعرف على أصدقاء سوء، وأدمن المخدرات، فباع مخزن الخردة وأصبح عاطلاً عن العمل، بمرور الوقت، عرفت المشاكل طريق الأسرة المستقرة، تحول الزوج لشخص آخر دائم الاعتداء على زوجته بالضرب والسب، واعتاد الأهالي سماع أصوات شجار الزوجين.
أصبحت الأسرة بدون مصدر دخل، لكن سرعان ما أنهت الزوجة الخلافات وخرجت لسوق العمل كي تكفي بيتها مذلة السؤال، وتحملت بمفردها المسئولية المادية تجاه متطلبات البيت.
الراتب الشهري للزوجة لم يكفي احتياجات الأسرة، فطالبت زوجها بالبحث عن عمل لمساعدتها في تحمل أعباء المعيشة، لكنه كان يرفض، بحجة أنه لا يجد عمل يناسبه.
مع فشل الزوجة في إقناع زوجها بالخروج للعمل، وعدم قدرتها على تلبية احتياجات طفليهما، قررت التخلص من حياتها أكثر من مرة إلا أن أبنها كان دائما يمنعها، تقول والدة الزوجة المجني عليها: كل مرة كانت بتحاول تنتحر كان ابنها محمد يمنعها ويقولها "هتسيبينا لمين يربينا".
مع ضعف الزوجة أمام كلمات ابنها، كانت تتراجع عن قرارها، إلا أنها أصرت في النهاية على تنفيذ قرارها بالانتحار، في يوم الواقعة، أرسلت طفلها محمد للمبيت لدى والدتها "جدته"، بينما أبقت طفلتها معها.
في السادسة صباح السبت قبل الماضي، الأمور هادئة في منطقة مساكن المُحتلة بمدينة السلام، الشوارع شبه خالية من المارة، أغلب المحال مغلقة، بينما السكون يسود المنطقة، قطع صراخ سيدة هدوء المنطقة "ألحقوا صباح ولعت في نفسها"، التفت المارة ففوجئوا بسيدة تقف في شرفة منزلها بالطابق الثالث والنار تندلع في جسدها وملابسها.
سارع بعض المارة؛ لإنقاذ السيدة المشتعلة، طرقوا باب مسكنها، فتح لهم الزوج- كان نائمًا ولم يعلم شيء عن الحادث، فتحوا باب الغرفة المتصلة بالشرفة التي تقف فيها زوجته، حاول بعضهم إخماد النيران المشتعلة بها، إلا أنها نهرتهم ونزلت مسرعة إلى الشارع.
مشهد السيدة وهي تحترق كان صادما للجميع، أسرع بعضهم لإخماد النيران التي بدأت تنهش جسدها، بينما تسمّرت أقدام آخرين في مواضعها غير قادرين على الحركة من هول المشهد.
علا صراخ وعويل المارة، المشهد مزق قلوب الجميع؛ وبعد محاولات فاشلة لإخماد النيران، سقطت السيدة أرضًا، فأحضر شاب "بطانية" لف بها جسدها حتى انطفأت النيران، لكنها فارقت الحياة.
رفض الضحية محاولات إخماد النيران المشتعلة بجسدها وملابسها، أثار استغراب وتساؤل الجميع عن الأسباب التي دفعتها للانتحار.
والدة الضحية وحفيدها "نجل الضحية"، حضرا بعد نحو ساعة من الحادث، أخذ الطفل يصرخ قائلًا: "عملتي اللي عايزاه ياماما"، لافتا إلى أنه معنها كثيرا من الانتحار، وأنها أرسلته للمبيت في منزل جدته حتى تنفذ مرادها، مشيرا إلى أنها كانت تضعف أمام مطالبته لها بعدم الانتحار.
وقررت النيابة العامة، انتداب الطب الشرعي لتشريح جثمان المجني عليها، لبيان أسباب وفاتها واستدعت النيابة زوجها وشهود العيان لسماع أقوالهم في الحادث.
فيديو قد يعجبك: