"خليها بكرة الصبح".. أسرار ليلة المجون والدم في جريمة "مسن إمبابة"
كتب - محمد شعبان:
جلسة صداقة وأمسية عادية هكذا ظنها خمسيني لدى حضوره مسكن رفيقه الذي أرادها بصبغة مختلفة. نطق لسانه بطلب مخجل دون أن يدري للحظة أن تلك الكلمات ستكون بداية النهاية لجريمة قتل احتضنتها جدران شقته في ليلة الشذوذ والدم بحي إمبابة.
ذات ليلة، حضر متسول على مشارف عقده السادس إلى منزل صديقه الذي يكبره بأعوام قليلة وتجمعهما علاقة شذوذ منذ سنوات. جلس الصديقان يشكو كل منهما تردي أحواله المادية والاجتماعية قبل أن يقطع صاحب الشقة الحديث طالبا من ضيفه أن يمارس معه الشذوذ.
قوبل الطلب بالرفض "خليها بكرة الصبح" مما أثار حفيظة صاحب الـ60 عاما. مشادة كلامية حادة نشبت بين الصديقين تطورت إلى مشاجرة، استل على إثرها الخمسيني سكينا مسددا للثاني نحو 15 طعنة بأنحاء متفرقة من الجسد.
سقط المسن قتيلا، فهمَّ المتهم بترك مسرح جريمته المخضب بالدماء لكنه أبا أن يخرج خالي الوفاض فاستولى على هاتف الضحية ومبلغ مالي، ولاذ بعدها بالهرب.
يوم تلو آخر ظلت الجريمة حبيسة باب الشقة حتى أن الجاني ظن بإفلاته من العقاب وأنه نجح في ارتكاب جريمة كاملة إلا أن انبعاث رائحة كريهة كان بداية حل الجريمة اللغز.
تلقى اللواء عمرو طلعت مدير قطاع الشمال إشارة من إدارة شرطة النجدة بانبعاث رائحة كريهة من داخل إحدى الشقق بدائرة قسم إمبابة.
وجه العميد هاني شعراوي رئيس المباحث الجنائية لقطاع الشمال بسرعة التوجه إلى محل البلاغ تنسيقا مع الأدلة الجنائية.
معاينة العقيد أحمد الوليلي مفتش الفرقة ووكيله المقدم أحمد السويركي توصلت إلى أن الجثة لرجل ستيني بها 15 طعنة متفرقة بالجسم، بدأت في حالة تحلل لمرور عدة أيام على الوفاة.
بالصعود إلى الطابق العلوي بالقسم الواقع على كورنيش النيل، عقد المدقم مؤمن فرج رئيس مباحث إمبابة اجتماعا مغلقا مع معاونيه، بحث خلاله بنود خطة البحث لكشف الجريمة.
توجيهات سريعة من رئيس المباحث النشيط لضباطه تركزت على فحص علاقات المجني عليه، والوقوف على وجود أي خلافات بينه وبين آخرين ترقى للقتل فضلا عن تفريغ كاميرات المراقبة بمحيط العقار محل الواقعة.
معلومة ومشاهدة لشخص يغادر مسكن الضحية في وقت متزامن للجريمة -وفق تقرير الطب الشرعي- كانت بداية فك طلاسم القضية.
انتقل رجال المباحث إلى الجزء الثاني من الخطة. كثف عناصر فريق البحث تحرياتهم مع تنشيط مصادر المعلومات السرية وصولا إلى هوية الجاني.
رويدا رويدا بدأت الصورة تتكشف ملامحها أمام الضباط. الجاني ليس غريبا، فهو صديق الضحية منذ سنوات، وشوهد أكثر من مرة رفقته.
خطوة واحدة باتت تفصل الشرطة عن حل القضية "لماذا قتل المشتبه به صديقه بتلك الطريقة البشعة؟". إجابة لا يحملها سوى شخصان الأول تحت الثرى بينما الثاني هاربا.
ملف كامل وضعه رجال المباحث على مكتب العميد هاني شعراوي الذي أشاد باحترافية عناصر فريق البحث موجها بإسدال الستار على الواقعة بإيفاد مأموريات لمطاردة المتهم وضبطه.
انطلق رجال المباحث يستهدفون المتهم في الأماكن التي يتردد عليها حتى تمكن الرائدان أحمد عادل ومحمد طارق معاوني مباحث إمبابة من ضبطه واقتياده إلى ديوان القسم.
أمام اللواء عاصم أبو الخير نائب مدير مباحث الجيزة، أقر المتهم بجريمته وأرشد عن المسروات عبارة عن مبلغ مالي وهاتف محمول ملك الضحية وتم إعادتها بإرشاده لتأمر النيابة العامة بحبسه تمهيدا لإحالته إلى المحاكمة الجنائية.
فيديو قد يعجبك: