"بتعمل كده ليه.. أنا بحبك".. أسرار مقتل عامل دليفري على يد شقيقه الأصغر بالدقي
كتب - محمد شعبان:
مساء الأحد الماضي بدت الأجواء عادية داخل أروقة قسم الدقي. هدوء يطبق على المبنى العتيق لكنها كان ذلك الذي يسبق عاصفة حمراء بلون الدم كاشفة عن جريمة قتل تضاف إلى قائمة وقائع "قابيل وهابيل" الطويلة.
داخل مكتبه بالطابق العلوي بوحدة المباحث، كان المقدم عمرو فاروق يتابع انتظام الخدمات في الحي الراقي مع إنهاء بعض الأعمال المكتبية.
صوت طرق الباب قطع ما ينجزه. دلف رجل بوجه شاحب وشاب في مقتبل العمر ليقصا عليه الفصل الأول من حكاية الغدر والخيانة.
أخبر الرجل رئيس المباحث "أنا جايلك من البحيرة.. ودا ابني الصغير -20 سنة- اتصل بيا قالي يا أبويا بدور على أخويا -21 سنة- من يومين مش لاقيه".
حضر الشقيقان إلى القاهرة بحثا عن فرصة عمل واستأجرا غرفة بمنطقة بين السرايات. وكللت مساعي الأخ الأكبر بالنجاح، والتحق إلى العاملين بخدمة توصيل طلبات "دليفري" خاصة بإحدى الصيدليات بحي الدقي.
بدأ رئيس المباحث في سؤال الأب وابنه عن آخر اتصال جمعهما بصاحب الـ21 سنة وعن وجود خلافات بينه وبين آخرين ترقى للإيذاء، لكن الجواب لم يكن كاف لينصرفا بعدها.
اهتمام رفيع حظي به بلاغ التغيب، توجيهات سريعة من اللواء محمد عبد التواب مدير مباحث الجيزة، بفحص الواقعة، والتوصل إلى ملابسات اختفاء عامل الدليفري.
بالعودة إلى قسم الدقي، عقد العميد عمرو طلعت رئيس قطاع الشمال، اجتماعا بحضور العقيد هاني شعراوي مفتش فرقة الوسط، والمقدم محمد أبو زيد وكيل الفرقة، وضع خلاله اللمسات الأخيرة لخطة البحث مع توزيع الأدوار على عناصر البحث الجنائي.
تركزت الخطة على فحص خط سير الشاب المتغيب، وسؤال مسؤولي الصيدلية محل عمله عن آخر ظهور له فضلا عن فحص سجل المكالمات الخاصة بهاتفه.
خلال عمل رجال المباحث، عمد الرائد عمرو مصطفى معاون مباحث الدقي، إلى مناقشة الشقيق الأصغر للمتغيب. ثمة شكوك راودته حول تورطه في الواقعة خاصة هيئته التي بدى عليها على عكس حالة الحزن التي سيطرت على الأب المكلوم.
بشئ من التعلثم، أخبر صاحب الـ20 سنة رجال المباحث بأنه كان رفقة أحد الأشخاص بدائرة القسم بالتزامن مع اختفاء شقيقه لتزداد شكوك الشرطة.
انتقل رجال المباحث إلى الخطوة التالية من الخطة بفحص خط سير الشقيق الأصغر فجاءت المفاجأة. تبين كذب روايته وأنه كان رفقة صديقه بمدينة 6 أكتوبر.
بالعرض على اللواء عاصم أبو الخير مدير المباحث الجنائية، وجه بتطوير مناقشة ذلك الصبي وأنه سيقودهم إلى حل لغز اختفاء أخيه.
48 ساعة لم يذق فيها ضباط مباحث الدقي طعم النوم، رحلات مكوكية بين أكتوبر والدقي؛ بحثا عن الحقيقة حتى تجلت الحقيقة كاشفة عن جريمة قتل مؤسفة.
صدقت شكوك رجال المباحث. تبين أن الشقيق الأصغر للشاب المبلغ بتغيبه وراء ارتكاب الواقعة بالاشتراك مع صديقه "17 سنة"؛ بدافع السرقة.
عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة، تمكنت مأمورية بقيادة الرائد عمرو مصفى من ضبط المتهمين، وأقرا بصحة التحريات وأدليا باعترافات تفصيلية لجريمتهما.
يوم الجريمة، اتصل صاحب الـ20 ربيعا بشقيقه الأكبر "21 عامًا" مستنجدا به "إلحقني يا أخويا عملت حادثة في حدائق أكتوبر".
لم يتردد عامل توصيل طلبات "دليفري" يعمل بصيدلية بمنطقة الدقي في تقديم يد العون لأخيه. انطلق إلى المكان الذي أرسله له شقيقه عبر تطبيق "واتس آب" لكنه دون جدوى.
أخذ العامل يبحث عن أخيه في محاولة للوقوف على حقيقة ما يدور دون أن يدري أن لحظات تفصله عن المشهد الأخير بحياته الذي كتب أحداثه أقرب الناس إليه.
ثوان معدودة كانت كفيلة ببدء العرض الدموي على أطراف المدينة الصحراوية، باغت أسير المخدرات أخيه من الخلف بضربات متتالية بواسطة حجر وعصا خشبية بالاشتراك مع صديقه.
يروي المتهم الرئيسي كواليس اللحظات التي سبقت مفارقة شقيقه للحياة وجملته الأخيرة له"بتعمل فيا كده ليه؟، أنا بحبك" فما كان منه إلا طالبه "هات الباسورد بتاع الفيزا" ثم أجهز عليه بمساعدة شريكه وتخلصا من جثته بعقار تحت الإنشاء بعد الاستيلاء على مبلغ 100 جنيه وبطاقة الائتمان الخاصة به.
توجه الصديقان إلى أقرب مايكنة صرف آلي "atm" ليكتشفا أن إجمالي المبلغ الموجود 1700 جنيه، لترتفع حصيلة جريمتهما إلى 1800 جنيه، حصل بموجبها كل منهما على مبلغ 900 جنيه.
48 ساعة من العمل الجاد لفريق بحث رفيع المستوى أسدل معه الستار على "الجريمة اللغز" بعد اكتشاف مكان الجثة وإجراء المتهمين للمحاكاة التصويرية للواقعة ومن بعدها إلى مقر احتجازهما تمهيدا لإحالتهما للمحاكمة الجنائية.
فيديو قد يعجبك: