هل يجوز لورثة المتوفى الإقامة بالشقق المؤجرة؟ أحكام دستورية حسمت الأمر
كتب- محمود سعيد:
قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار سعيد مرعي بجلسة السبت الماضي، بعدم قبول الدعوى المطالبة بعدم دستورية المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تضمنت "استمرار عقد الإيجار لغير الأشخاص الوارد بيانهم حصرًا في الفقرة الأولى من تلك المادة".
وأقيمت الدعوى رقم 126 لسنة 39 دستورية من جمال محمد جعفر يختصم فيها رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر لتجارة السيارات وآخر.
وتنص المادة 29 على "أنه مع عدم الإخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون، لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه أو أولاده، أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرةً حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقرب فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال. وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد".
ولم تفصل المحكمة الدستورية السالفة في موضوع الدعوى، لكنها في حُكم سابق أكدت امتداد عقد الإيجار لصالح الأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية.
فماذا يقول القضاء الدستوري عن امتداد عقد الإيجار لورثة المتوفى؟
1 - إخلاء الأماكن السكنية:
في حكمٍ صادر عام 2002، أكدت المحكمة الدستورية العليا أن عقد إيجار "المسكن" لا ينتهي بوفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين إذا بقيّ فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه (أقارب الدرجة الأولى) الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك على أن يلتزموا بكافة أحكام العقد، وبذلك يكون العقد ممتدا إليه وليس مستأجراً أصليًا، على أن تعود العين المؤجر لمالكها الأصلي بوفاة آخرهم أو الترك وهو ما يعني أن امتداد العقد بات لمرة واحدة فقط.
ويعني الحكم أنه في حالة وفاة المستأجر الأصلي أو تركه المكان المؤجر للسكن، يمتد عقد الإيجار لأقارب الدرجة الأولى (الأب والأم والأبناء والزوجة) وذلك لمرة واحدة فقط (أي لا تمتد لأبنائهم).
2 - إخلاء الأماكن التجارية (المحلات):
قضت المحكمة الدستورية في حُكم سابق بدستورية المادة الأولى من قانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن غير السكنية (المحلات).
ونصت المادة الأولى من القانون المطعون عليه على أنه "إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، فلا ينتهي الحق بموت المستأجر الأصلي طبقا للعقد، ويستمر لصالح الأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكورا وإناثا من قصّر وبُلّغ، يستوي في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بوساطة نائب عنهم. واعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشر القانون المعدل لا يستمر العقد بموت أحد من أصحاب حق البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة".
ويترتب على الحكم عدم انتهاء العقد بوفاة المستأجر الأصلي، بل يمتد لأقارب الدرجة الأولى والثاني، وينتهي العقد بوفاة آخر المستفيدين منهم ولمرة واحدة فقط.
3 - إخلاء الأماكن الاعتبارية (الشركات - الأندية - المستشفيات - البنوك - سفارات):
أبطلت المحكمة الدستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكني".
ويعني الحكم الصادر أن المحكمة أبطلت "منع الملَّاك من المطالبة بإخلاء المكان إذا انتهت مدة العقد المتفق عليه"، وبالتالي يحق للمالك مطالبة الأشخاص الاعتباريين بالإخلاء فور انتهاء العقد ومنعت امتداده.
يذكر أن المحكمة الدستورية استندت في جميع أحكامها الخاصة بتنظيم علاقة المؤجر والمستأجر إلى تطبيق نص المادة 54 من الدستور بشأن "الحرية الشخصية حق أصيل للفرد" واعتبرت أن حرية التعاقد وإرادة الاختيار ضمنها.
وأوضحت أنه إذا امتدت عقود الإيجار بعد انتهاء المدة المتفق عليها دوت تقييد، يكون قد أسقط حق المؤجر –مالك العين في الأعم من الأحوال– في استرداد العين المؤجرة بعد انتهاء مدة إجارتها، حال أن حق المستأجر لازال حقًا شخصيًا مقصورًا على استعمال عين بذاتها في الغرض الذي أُجرت من أجله خلال المدة المتفق عليها في العقد.
فيديو قد يعجبك: