لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رحلة 48 ساعة بحثًا.. كيف اصطاد أمن الجيزة "متحرش أوسيم" قبل مباحث العاصمة؟

06:48 م الإثنين 12 يوليه 2021

أرشيفية

كتب- محمد شعبان:

طفلة لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها، جاءت فترة المراهقة مغايرة لبنات جيلها. أسرة مفككة، وأزمة مالية طاحنة، وجار في هيئة ذئب بشري، كان كفيلا بخروج مشهدٍ، سيظل عالقًا في ذاكرة قاصرٍ، لا سيما بعدما تصدرت محركات البحث، وأضحت حديث منصات السوشيال ميديا ووسائل الإعلام المختلفة.

في حفلٍ بهيجٍ عُقد قران "نادية قطب" على "شريف" كمحطة محورية في حياتها. انتقلت السيدة للحياة في عش الزوجية؛ أملا في حياة يسودها الحب والتفاهم.

على عكس الآمال والتوقعات، عانت "نادية" من سوء معاملة زوجها، مع خلافات متكررة ضربت عش الزوجية مرة تلو الأخرى، حتى أطلق قطار الزوجية صفارته معلنًا وصوله محطته الأخيرة.

انفصل الزوجان؛ لتقرر "نادية" أن تكرس حياتها لتربية فلذة كبدها "آلاء". قطعت الأم عهدًا على نفسها ببذل الغالي والنفيس لتربية ابنتها على أكمل وجهٍ، حتى يتحقق حلمها برؤيتها تتزين في فستان الزفاف الأبيض.

أزمة مالية طاحنة عانت منها الأم اضطرت معها للاقتراض. وقع اختيارها على جارها "أحمد. م."، الذي لم يتردد في مساعدتها، بل وأمدها بأجهزة كهربائية بنظام التقسيط، مقابل توقيعها على إيصالات أمانة.

لم تكن محاولات الأربعينية كافية؛ لانتشالها وابنتها من الفقر. ازدادت الأحوال سوءًا، وباتت "أم آلاء" بين مطرقة الفقر وسندان الديون المتراكمة.

مع فشلها في رد المبالغ المستحقة عليها، حاول الجار مد يد المساعدة لها مرة أخرى بعرضٍ في ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.

عرض عليها وابنتها العمل لدى شركة يُسهم فيها لبيع الأجهزة الكهربائية، خاصة الهواتف المحمولة فوافقتا. لم تدر الأم وابنتها أن هذا العرض سيفتح عليهما "باب جهنم".

في غضون شهر نوفمبر من العام الماضي، انتهز "أحمد" فرصة اختلائه بالطفلة في الشركة وقبَّلها عنوة، وهددها بملاحقة والدتها قضائيًّا بإيصالات الأمانة التي وقعت عليها إذا ما أفشت سرَّ فَعْلته، فاضطرت إلى عدم الإبلاغ عنه، لكن الله أبى إلا أن يفشى سره.

مطلع شهر يوليو الجاري، رصد قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية برئاسة اللواء علاء سليم تداول مقطع فيديو -مدته 30 ثانية- يظهر خلاله شخص يهتك عرض طفلة داخل مكتب، زعم صاحبه أنه التقط بنطاق مركز أوسيم.

مؤشرات ضبط الوقت كانت تشير إلى العاشرة صباحًا، وصل العميد عمرو طلعت رئيس قطاع شمال الجيزة، مكتبه للتو، حيث ينتظره يوم شاق مفعم بالبلاغات، وينتهي باجتماع مغلق للإعداد لمأمورية مهمة.

لم تمر سوى دقائق على وصوله حتى تلقى اتصالًا من قيادة أمنية رفيعة المستوى، طالبه بسرعة فحص الفيديو، بالتزامن مع عمل فريق مماثل بمديرية أمن القاهرة.

بدت المهمة سباقًا بين مباحث الجيزة والعاصمة، تحت مظلة الأمن العام المحرك الأساسي للأحداث داخل أروقة وزارة الداخلية.

سريعًا، تحول العمل داخل قطاع الشمال، ومباحث أوسيم إلى أشبه بخلية النحل، يتولى كل عنصر فيها مسؤولية محددة تنسيقًا مع قطاع المساعدات الفنية ودعم من اللواء محمد عبدالتواب مدير مباحث الجيزة.

تحريات العقيد أحمد الوليلي مفتش الفطاع، توصلت إلى أن المتهم "أحمد.م."، يبلغ من العمر 32 سنة، يعمل سكرتيرًا بنيابة مرور الدقي قبل أن يتقدم بطلب إجازة منذ 3 سنوات.

غفل المتهم عن تصوير آلات المراقبة بالشركة جريمته وقت حدوثها، واحتفظ شريكه السابق "طارق.س." بالتصوير حتى نشبت بينهما خلافات في العمل، فنشر المقطع بمواقع التواصل الاجتماعي؛ تشهيرًا به وانتقامًا منه.

جهود البحث والتحري التي قادها الرائد حسام العباسي رئيس مباحث أوسيم، أشارت إلى أن المتهم صادر ضده 22 حكم تبديد، أسس شركة لبيع الأجهزة الكهربائية، وبشكل خاص الهواتف المحمولة بالاشتراك مع آخر بمنطقة بشتيل.

نشاط وخفة حركة معهودة منحت النقيب إبراهيم فاروق رئيس نقطة بشتيل، الفرصة للكشف عن مفاجأة. تبين أن المشكو في حقه قضى 3 سنوات من العلاقة الزوجية المحرمة، لطلاقه زوجته غيابيًا، لكن المفاجأة الكبرى، أنه فعل كل ذلك إرضاء لسيدة يرغب في الزواج منها.

قبل غروب شمس هذا اليوم، تكشفت الصورة أمام رجال المباحث. أصبح الهدف المنشود معلومًا للجميع. خطوة واحدة تفصل الشرطة عن إتمام المهمة.

طوال 48 ساعة انطلقت مأموريات رجال المباحث تبحث عن "متحرش أوسيم" -كما عُرف إعلاميًا- بين محل إقامته بحي المطرية، وشقة سكنية في شارع مجمع المدارس ببشتيل، إضافة إلى محل إقامة ثالث بمنطقة روكسي لأحد أقاربه كان يتردد عليه.

بينما تنسدل أشعة الشمس خلف الغيوم معلنة رحيل النهار وقدوم المساء وردت معلومة لفريق البحث، بأن المتهم الثلاثيني رحل إلى عروس البحر المتوسط بعد انتشار الفيديو الخاص به.

توجيهات سريعة من مدير مباحث الجيزة بالتنسيق مع قطاع الأمن العام وأمن الإسكندرية؛ لضبط المتهم، قبل تركه محل اختبائه.

رغم حالة التعب والإرهاق الشديدين -بسبب العمل على مدار 48 ساعة دون الخلود للنوم-، انطلق الرائد حسام العباسي، ومعاونه النقيب إبراهيم فاروق صوب الهدف المرصود فكان لهما ما أرادا.

"تمام يا فندم.. المتهم معانا"، مكالمة منتظرة ارتسمت معها ملامح الارتياح على وجه قائد فريق البحث، في ظل ضغط ليس بجديد على رجال مباحث الجيزة، لدى عملهم على "قضية رأي عام".

بفضل عنصر المفاجأة، ألقي القبض على المتهم، واقتياده إلى ديوان قسم أوسيم؛ ليمثل أمام اللواء مدحت فارس للتحقيق.

لم يحاول المتهم المراوغة، وأقر بصحة التحريات، وارتكابه الواقع المشينة؛ مبررًا السبب: "كنت عايز أتجوز واحدة تانية".

ومع استدعاء الزوجة المخدوعة، أصيبت بصدمة كادت تسقط إثرها مغشيًا عليها لدى اضطلاعها على الأمر؛ لتستنكر: "يعني كنت عايشة معاه في الحرام؟!".

كما تمكن رجال المباحث من ضبط شريكه السابق الذي أقر بتسريب الفيديو حتى تتحرك الأجهزة الأمنية، وتلقي القبض عليه، ومن ثم يحصل على أمواله بقوله: "قلت أخلي الحكومة تقبض عليه وآخد حقي"، خاصة معرفته بأن الثلاثيني مطلوب ضبطه وإحضاره على ذمة قضايا تبديد.

باستكمال الفحص بقيادة النقيبين عصام الشناوي وملازم أول محمد الدبس، تبين أن المتهم قدم "شيكات" ممهورة بتوقيع السيدة للمحكمة فحصل بموجبها على أحكام ضدها.

"هحبسك بالشيكات دي لو مجتيش اشتغلتِ عندي"، بهذه الكلمات هدد المتهم صاحب الـ32 سنة والدة الطفلة، الأمر الذي اضطرها للخصوع لطلبه.

التحقت السيدة بالعمل لديه؛ لتحصيل الأقساط والمبالغ المستحقة من الزبائن، لكن الأمر تطور وأخذ منعطفًا مغايرًا بـ180 درجة.

نشأت علاثة آثمة بين مالك شركة بيع الأجهزة الكهربائية وتلك السيدة، لا سيما أنه كان مزواجًا ومتعدد العلاقات النسائية.

الفصل الأخير من تلك الحكاية جاء داخل سرايا النيابة. أسدل الستار على القضية بحبس المتهم"أحمد.م." -الذي تقدم باستقالته- على ذمة التحقيقات، بينما أخلي سبيل شريكه السابق "طارق.س." -باعتباره ناشر الفيديو- بكفالة مالية قدرها ألف جنيه، وإخلاء سبيل والدة الطفلة أيضًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان