استغاثة من العالم الآخر.. ملحمة الـ٦ ساعات لإنقاذ سيدة من تحت أنقاض عقار الوراق

كتب - محمد شعبان:

مع شروق شمس الثلاثاء، كان رجال الحماية المدنية بالجيزة على موعد مع ملحمة بطولية وتحد جديد مع عقارب الساعة. بلاغ ورد إلى غرفة العمليات بانهيار عقار بشارع أبو النصر بحي الوراق شمال المحافظة تبدلت معه الأجواء ١٨٠ درجة.

منذ عام، هاجم الأهالي المالك بعد إضافة طابقين على عقار قديم لا تتحمل قواعده هذا الارتفاع مطالبين إياه بسرعة ترميم المنزل الآيل للسقوط.

انتظر صاحب العقار صدور قرار ترخيص من مسؤولي حي الوراق للبدء في أعمال "تنكيس" العقار سكنه بكفر السلمانية نظرا لحدوث تصدعات بالجدران. انتظار انتهى به وزوجته أسفل الأنقاض صباح الثلاثاء.

مساء أمس شعر سكان العقار باهتزاز الأساسات ما دفعهم للمغادرة باستثناء مالك المنزل الذي مكث مع أسرته رافضا نصيحة الأهالي "خد أسرتك وامشي البيت هيقع".

في الصباح ومع شعوره بانهيار المنزل، أسرع "روماني" لإنقاذ أطفاله بإخراجهما من العقار ثم صعد لإحضار زوجته لكن دون جدوى انهار عليهما المنزل.

فور تلقي البلاغ، استقل اللواء هشام صادق مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة سيارته على رأس قوة مكبرة من ضباط الإنقاذ البري بقيادة اللواء علاء السعيد واللواء هاني محمد واللواء علاء خلوصي قاصدين محل الحادث.

شارع ضيق لا يتعدى عرضه الأمتار الثلاثة بعقارات متراصة يتوسطها ركام المنزل المنكوب وسط حضور العشرات من الأهالي الذين حضروا من كل حدب وصوب.

أولى التوجيهات جاءت بفرض كردون أمني من قبل قوات الشرطة بقيادة اللواء أيمن الجيار مدير قطاع الشمال؛ لتسهيل مهمة رجال الدفاع المدني.

تبين أن المنزل مكون من ٥ طوابق بالإضافة إلى "رضوض بارزة" تشكل طابقا سادسا. وتم فصل الكهرباء والغاز تزامنا مع أعمال البحث عن وجود سكان أسفل الركام من عدمه.

وأسفر انهيار العقار عن مصرع روماني موسي فوزى ٣٢ سنة، وسط جهود لانتشال زوجته تحت الأنقاض مع إخلاء العقارات المجاورة؛ حفاظا على سلامة المواطنين.

وعثر على جثة الزوج أسفل الركام وتحديدا بمدخل العقار، وتبين أنه فارق الحياة إثر سقوط الحجارة على رأسه أسفل الباب، لينتقل رجال الدفاع المدني بقيادة العقيد مصطفى كامل إلى الخطوة التالية أملا في إنقاذ الزوجة.

6 ساعات متواصلة عمل خلالها رجال الإنقاذ على انتشال الزوجة نظرا لضيق الشارع وصعوبة الاستعانة بلودر كبير لإنجاز المهمة سريعا.

مع تأزم الموقف، استعان اللواء هشام صادق بكلب حراسة مدرب لتحديد مكان الزوجة والتمسك ببصيص أمل قد ينتهي بهم إلى إنقاذها قبل فوات الأوان.

مع بدء عمليات التمشيط باستخدام كلب الحراسة المدرب تنامى إلى صوت رجال الأمن صوت استغاثة صادر من تحت الأنقاض ليتوسم الجميع خيرا.

مع تحديد مصدر الصوت، تمكن المقدم عطية نصر والمقدم محمود حسن والمقدم أحمد سمير من رفع الركام باحترافية شديدة كُللت بإنقاذ الزوجة ريهام إدوارد على قيد الحياة التي دخلت في نوبة بكاء في محاولة لاستيعاب ما جرى قبل نقلها إلى مستشفى الوراق المركزي لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.

ثوان معدودة كانت كفيلة بتبدل الأجواء، عمت الفرحة والزغاريط أرجاء الحي الشعبي فرحا بإنقاذ زوجة مالك العقار وسط إشادة بجهود رجال الإنقاذ بقيادة اللواء هشام صادق.

عبر جهاز اللاسلكي وجه مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة اللواء رجب عبد العال الشكر لرجال الحماية المدنية وأطقم الغنقاذ البري على ملحمة بطولية كُللت بإنقاذ ربة منزل.