لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حكم نهائي| إلغاء فصل طالبة وتمكينها من أداء الامتحانات لتعرضها لحادث جنسي بفض غشاء بكارتها

11:35 ص السبت 11 سبتمبر 2021

محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة

كتب- محمود الشوربجي:

قضت المحكمة الإدارية العليا 2021، بإجماع الآراء برفض الطعن المقام من وزيري التربية والتعليم، والصحة، ووكيلي وزارتي الصحة والتعليم بالبحيرة، ومحافظ البحيرة، ضد إحدى الطالبات, وتأييد الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، برئاسة محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، بإلغاء قرار وكيل وزارة الصحة، بفصل طالبة من إحدى المدارس الثانوية الفنية للتمريض بنات بحوش عيسى بمحافظة البحيرة، وحرمانها المؤبد من دخول امتحانات الثانوية الفنية للتمريض بسبب تعرضها لحادث جنسي من أحد الأشخاص بفض غشاء بكارتها وحملها منه واتهامها بإجهاض حملها.

كما قضت المحكمة بتمكينها من أداء الامتحانات التحريرية، والشفوية، من رفع دعواها بعد الإفراج عنها من حبسها احتياطيا لعدم صدور حكم جنائي ضدها، كما أمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان باعتبار أن حرمانها من حق التعليم، يمس حقوقها الدستورية تتصف بالاستعجال، والعام الدراسي أيام تنقضي ويستحيل استعادتها، كما أن الإنسان أيام إذا مرت الأيام انقضي بعض الإنسان.

ترجع تفاصيل القضية، أن إحدى الطالبات بالصف الثالث الثانوي عام 2016 بإحدى المدارس الثانوية الفنية للتمريض بنات بحوش عيسي البحيرة التابعة لوزارة الصحة، وقفت ومعها أبيها أمام الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، وقالت أنها تعرضت لحادث اعتداء جنسي من أحد الأشخاص بفض غشاء بكارتها ومعاشرتها قسراً ترتب عليه حملها , وفى أبريل 2016 حدث لها أجهاض شديد بمستشفى حوش عيسي وفوجئت باتهام من المستشفى بأنها أجهضت نفسها عمدا.

وتحرر عن ذلك المحضر رقم3496 لسنة 2016 إداري حوش عيسي وتم حبسها احتياطيا علي ذمة التحقيقات هي والمعتدى عليها .وفى 24 مايو2016 فوجئت بصدور قرار فصل لها من مديرية الصحة بدمنهور التابعة لها المدرسة بموافقة وزارة التربية والتعليم , وفور الإفراج عنها من الحبس الاحتياطي لجأت للمحكمة الساعة العاشرة صباحاً وأن الامتحانات ستبدأ خلال ساعات فطلب القاضي من الحاضر عن وزارتي الصحة والتربية والتعليم تقديم مذكرة بالرد خلال 3 ساعات ثم قرر إصدار الحكم أخر الجلسة الذى جاء في صالح الطالبة بإلغاء قرار فصلها وتمكينها فوراً من أداء الامتحانات في مشهد مبكى حزين بين الأب وابنته، ولم تكتف وزارتي الصحة والتعليم بالحكم بل طعنت عليه وجاء حكم المحكمة الإدارية العليا 2021 برفض طعن الوزارتين بإجماع الآراء.

وأصبح حكم القضاء الإداري نهائياً وباتاً وسطر القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي سطوراً دقيقة في أدق وأعقد مشكلات المجتمع العربي عن الحادث الجنسي وغشاء البكارة والأثار الناجمة بالحمل غير الشرعي ومضار إسقاط المولود.

قالت المحكمة برئاسة محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، أن الدستور كفل الحق في المحاكمة المنصفة بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه والمحاكمة المنصفة تُعد أكثر لزوماً في الدعوى الجنائية لأن إدانة المتهم بالجريمة إنما تعرضه لأخطر القيود على حريته الشخصية وأكثرها تهديدا لحقه في الحياة، وهي مخاطر لا سبيل إلى توقيها إلا على ضوء ضمانات فعلية توازن بين حق الفرد في الحرية، وحق المجتمع في الدفاع عن مصالحه الأساسية، ويتحقق ذلك كلما كان الاتهام الجنائي معرفاً بالتهمة مبيناً طبيعتها مفصلاً أدلتها وكافة العناصر المرتبطة بها.

وأن تستند المحكمة في قرارها بالإدانة - إذا خلصت إليها - إلى موضوعية التحقيق الذي تجريه، وعرض متجرد للحقائق، وتقدير سائغ للمصالح المتنازعة، وتلك جميعها من الضمانات الجوهرية التي لا تقوم المحاكمة المنصفة بدونها، ومن ثم كفلها الدستور وقرنها بضمانتين تعتبران من مقوماتها وتندرجان تحت مفهومها، وهما افتراض البراءة من ناحية، وحق الدفاع لدحض الاتهام الجنائي من ناحية أخرى، وهو حق عززه الدستور بنصه على أن حق الدفاع بالأصالة أو بالوكالة مكفول.

وأضافت المحكمة أن أصل البراءة يمتد إلى كل فرد سواء أكان مشتبهاً فيه أو متهماً باعتباره قاعدة أساسية في النظام الاتهامي أقرتها الشرائع جميعها لا لتكفل بموجبها حماية المذنبين، وإنما لتدرأ بمقتضاها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة الموجهة إليه قد أحاطتها الشبهات بما يحول دون التيقن من مقارفة المتهم للواقعة الإجرامية، ذلك أن الاتهام الجنائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوماً ولا يزايله سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثناها وعلى امتداد حلقاتها وأيا كان الزمن الذي تستغرقه إجراءاتها، ولا سبيل بالتالي لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين بما لا يدع مجالاً معقولاً لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفد طرق الطعن فيه.

وأشارت المحكمة أن المشرع الدستوري أعلى من شأن الحق في التعليم وجعله حقاً أصيلاً , بل لم يشأ المشرع العادي أن يحرم حتى المسجونين الذين تمت إدانتهم بأحكام قضائية ويقضون العقوبة جزاءً وفاقاً لما اقترفوه من إثم جنائي إذ يتعين على إدارة السجن أن تشجع المسجونين على الاطلاع والتعليم وأن تيسر الاستذكار للمسجونين الذين هم على درجة من الثقافة ولديهم الرغبة في مواصلة الدراسة وتسمح لهم بتأدية الامتحانات، ولم يفرض المشرع على إدارة السجن تشجيع المسجونين على الاطلاع والتعليم وتيسير الاستذكار والسماح بتأدية الامتحانات عبثاً، وإنما أراد به المصلحة العامة للمجتمع بمحاولة تأهيل هؤلاء المسجونين وتهذيبهم من خلال النهوض بمستواهم الثقافي والتعليمي، حتى يتولوا حولاً عن الجريمة وشرورها فلا يعودون إلى الإثم، فيستنفدون جهدهم وطاقتهم في السعي إلى ما يعود عليهم بالنفع وعلى مجتمعهم بالخير، فكان حتماً مقضياً على إدارة السجن أن تنهض إلى القيام بهذا الواجب الذى هو جزء من رسالتها – حسبما تتجه إليه السياسات الحديثة في مكافحة الجريمة – بإصلاح المسجون وتهذيبه قبل عقابه وإيلامه , فإذا كان المشرع قد ارتقى بالحق في التعليم للمسجون بعد إدانته فمن ثم ومن باب أولى لا يجوز لوزارتي التربية والتعليم والصحة في مدارس التمريض حرمان المتهمة من أداء الامتحانات دون إدانة تطبيقاً لقرينة البراءة وبحسبان حق التعليم يسمو على القمة من الحقوق الدستورية .

وسجلت المحكمة أنها وهى جزء من نسيج هذا الوطن وما كشفت عنه الدعوى الماثلة من تعرض الطالبة لحادث جنسي أليم على إثره تم فض غشاء بكارتها والحمل من الجاني أسفر عن إسقاط الجنين لم يقطع فيه القضاء الجنائي بحكم ضدها، وعلى الرغم من أن غشاء البكارة على القمة من شرف البنت إلا أن تربيتها وحسن أخلاقها تظل السياج الواقي لعفتها، وعلى الرغم من أن تطور الحياة الطبية كشف عن أنه يمكن معالجة غشاء البكارة إلا أنه يظل حسن الأدب والأخلاق أو سوء كلاهما لا يقبل العلاج لأنه ينبع من تربية الأسرة وثقة متابعتها لبناتها , وهو ما اتضح جلياً من موقف الأب مع ابنته الذى ظل بجوارها أباً حنوناً لم يتخل عنها في أحلك المحن التي تمر على فتاة ولم يؤذيها مما جعلها تبكى أمام المحكمة في حضن أبيها الذى ظلت الدموع تملأ عينيه عصية على الانهمار في تماسك أب في أروع صوره، إن هذا التصرف من الأب يؤمن ابنته ضد خطر كل شيطان مارد يلتف حولها بنظرة مغرضة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب , ولم يقنع الأب بموروث العار من ابنته، لأن مفهوم العار كما تثيره الظنون ليس قاصراً على الفتيات بل هو إرث مشترك بين الذكر والأنثى، فهناك أولادٌ ذكور يجلبون العار على آبائهم وأسرهم بشكل يفوق ما يتصوره الناس من أنواع العار

وأشارت المحكمة أن الإسلام أعلى من شأن البنات علواً وسمواً واحتراماً بحسبانهم رمز الحياء ، وبيت العفة، والمصنع الحقيقي لإعداد الأبطال في المجتمعات، لما اختصها بها الخالق بحكم تكوينها لدورها في نثر روح الفضيلة في الحياة لتكون زوجة صالحة، وأماً للمستقبل ومربية للأجيال وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَباً عظيماً لبنات هن زينت ورقية وأم كلثوم وفاطمة رباهن فأحسن تربيتهن تربويًّا بليغًا على مدار التاريخ الإنساني فأصبحن بشارة عظمى وريحانة النساء وتعلمن من سيرتهن البنات الأدب والحشمة والحياء والبناء الأخلاقي والصدق والعفة والمروءة ، ويجب على المجتمع أن يعلم أن البنت تعبير إنساني يتمدّد ظلّه الوارف في جذور الحياة وهى محك القرائح ومختبر الخيال، فقد ربته وهو طفل وهذبته وهو ناشئ وشاركته وهو زوج وواسته وهو كهل، وبعد كل هذا التقدير يجب أن يعترف الرجل للمرأة بأن جهله بقيمتها كان سبباً مباشراً في تدهورها ردحاً من الزمان سجله عليه التاريخ، فعلى يديها نتعلم الشعور والرؤى والوجدان فتكسب الحياة نغماً خاصاً وسطوراً لامعة في طريق الحياة .

وأوضحت المحكمة أن واقع الحياة كشف أن بعض الآباء لا يدركون المهمة العظيمة في تربية بناتهم، أو الرسالة السامية التي يحفظون بها القيم والأخلاق والتقاليد في المجتمع العربي عامة والمصري خاصة، فتربية الأسرة للبنت هي سلاحها الدفاعي ضد إغراءات ومغريات الحياة فتصبح قوية أبية عصية فلا تكون هشيما تذروه الرياح، ولنا أن نتخذ من سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تعامله مع بناته الأربع فقد كان يعظم شأن بناته ويشعرهن بوافر حبه ورحمته بهن , فتوضح ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فاطمة, كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبَّلها وأجلسها في مجلسه, وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبَّلته وأجلسته في مجلسها. رواه أبو داود والترمذي، فالبنات أمانة في أعناق الأسر، فكم من بنت صالحة أنشأت جيلا عظيما كانت نتاج تربية أسرية صالحة وكم من منحرفة أفسدت أمة بأسرها كانت نتاجاً لأب غائب الفكر والعقل ظن أنه بالمال والطعام والشراب قد أدى كل ما عليه نحو بناته وهو عنهن من الغافلين .

وذكرت المحكمة أن الطالبة مقيدة بالفرقة بالصف الثالث الثانوي بإحدى المدارس الثانوية الفنية للتمريض بنات بحوش عيسي محافظة البحيرة التابعة لوزارة الصحة وإشراف التربية والتعليم وتعرضت لحادث جنسي فقدت فيه عذريتها بفض غشاء بكارتها وحملها واتهامها بارتكاب جريمة الاجهاض من مستشفى حوش عيسي وتحرر عن ذلك المحضر رقم3496 لسنة 2016 إداري حوش عيسي وتم حبسها احتياطيا علي ذمة التحقيقات ومعها المعتدى، وخلت الأوراق من وجود عقد زواج شرعي أو صورة من العقد العرفي، ثم اُفرج عنها , ولما كان المبدأ الأصيل في كافة الدساتير ومنها الدستور المصري أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته ذلك أن الاتهام الجنائي في ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوما ولا يزايله سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثناها وعلى امتداد حلقاتها وأياً كان الزمن الذي تستغرقه إجراءاتها، ولا سبيل بالتالي لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين بما لا يدع مجالا معقولا لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائي استنفد طرق الطعن فيه وهو ما خلت منه الأوراق .

وانتهت المحكمة أن وكيلي وزارة الصحة والتعليم لم يقدرا شعور الفتاة التي تعرضت لحادث جنسي أليم وفقدت عذريتها وحملت حملاً غير شرعي واتهامها دون دليل جنائي بالإجهاض وكانت تعانى من ألم المخاض والنزيف بل وتعرضها لمخاطر الوفاة المبكرة خاصة في وقت باكر من حياتها فراحت الإدارة تفصلها وتحرمها من دخول الامتحانات في موقف يمثل منتهى القسوة بلا رحمة إلا أنها ثابرت وتم الافراج عنها من الحبس الاحتياطي دون حكم بالإدانة ضدها فلجأت وأبيها للمحكمة انتصافا لحقها في التعليم من قاضى المشروعية الذى أقامه الدستور أمينا وقيماً على الحقوق والحريات العامة، وإذ أصدر وكيل وزارة الصحة بمحافظة البحيرة بالاتفاق مع وكيل وزارة التربية والتعليم قراراً بالفصل النهائي للطالبة استنادا إلى رأى المستشار القانوني بالمديرية بفصلها نهائياً من المدرسة وحرمانها من حقها الدستوري في التعليم، بعد تعرضها لحادث جنسي أليم بفض غشاء بكارتها وحملها وذلك عن مجرد اتهامها بالإجهاض دون أن يجزم به حكم قضائي فإن الجهة الإدارية بذلك تكون قد أحلت نفسها محل القضاء الجنائي في الجزم بصحة الاتهام وهو ما لا يجوز لها ولو برأي مستشارها القانوني، ويغدو هذا القرار مخالفاً لحكم الدستور والقانون مما يتعين إلغائه وتمكينها بأدائها الامتحانات خلال ساعات.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان