"معاكم في الطلعة دي".. حكاية جريمة الغدر والكيف على حافة مصرف أبو النمرس

كتب - محمد شعبان:

في الثاني والعشرين من مارس الجاري، انتشلت قوات الإنقاذ النهري بالجيزة جثة شاب غريق من أحد المصارف مركز أبو النمرس جنوب المحافظة. متعلقات الشاب العشريني كانت بحوزته ليبدو الأمر أنه اختلال توازن أو انتحار لكن حنكة رجال مباحث فرقة الجنوب كشفت المستور في جريمة الغدر والكيف على حافة ذاك المصرف المائي.

منذ الوهلة الأولى لتلقي البلاغ، راودت رجال المباحث شكوك حول ماهية الواقعة لاسيما مكان السقوط البعيد عن التجمعات العمرانية لتلوح رائحة الجريمة في الأفق.

تبين بالفحص المبدئي أن الجثة لسائق مركبة "توك توك" يبلغ من العمر 22 سنة، مبلغ بتغيبه منذ أيام، لا توجد به إصابات ظاهرية وبحيازته متعلقاته الشخصية -هاتفه وحافظة نقوده-، وتم إيداعه مشرحة زينهم تحت تصرف الطب الشرعي الذ أفاد بأن سبب الوفاة إسفكسيا الغرق.

شكل العميد أحمد خلف رئيس قطاع الجنوب، فريق بحث بالتنسيق مع قطاع الأمن العام والأدلة الجنائية؛ للوقوف على ملابسات الواقعة؛ للتأكد من وجود شبهة جنائية من عدمه.

داخل مكتبه، عقد العقيد محمد مختار مفتش فرقة الجنوب، اجتماع مغلق بحضور ضباط مباحث مركز أبو النمرس لبحث بنود خطة البحث مشددا على أهمية التحريات وتتبع خط سير المتوفى وصولا إلى حل اللغز.

على مدار ساعات اليوم، عكف رجال المباحث على جمع المعلومات من مصادرها السرية تارة وشهود عيان تارة أخرى تزامنًا مع فحص علاقات الشاب والوقوف على وجود خلافات بينه وبين آخرين ترقى للإيذاء.

خطوة تلو أخرى، تحولت الشكوك إلى يقين، ازدادت الصورة وضوحًا نحو ملابسات الوفاة جميع الأدلة تشير إلى وجود شبهة جنائية، خاصة مع استبعاد فرضيتي الانتحار أو سقوط ناتج عن اختلال توازن.

جهود البحث والتحري التي قادها العقيد محمد مختار توصلت إلى أن شابين (28، 30 سنة) -معروف عنهما إدمان المخدرات خاصة مسحوق الهيروين- وراء ارتكاب الواقعة؛ بدافع السرقة.

استقل الشابان التوك توك بدعوى توصيلهما إلى قرية المنوات. أخبرا ضحيتهما بأنهما بصدد التوجه لشراء تذاكر الكيف، ليوافقهما "أنا معاكم في الطلعة دي".

في الطريق، استوقف أحدهما المجني عليه قبل أن يباغته بعصا خشبية مطالبا إياه بترك المركبة لكنه رفض فدفعاه ليسقط في المصرف، واستوليا على التوك توك ظنًا أن قائده سرعان من سيخرج لكنه غرق.

مع وصول الثلاثة منطقة نائية، طلب الشابان من السائق التوقف بالقرب من "عشة" ترجل أحدهما اتجاهها بدعوى شراء المخدر لكنه عاد ممسكًا بعصا خشبية هدد بها الضحية "هتسيب التوك توك ولا نموتك".

لم يمتثل صاحب الـ22 سنة لتهديدهما، فدفعه أحدهما ليسقط من على حافة المصرف ولاذا بالفرار بالتوك توك ظنًا أنه سرعان ما سيخرج لكن لسوء حظه لا يقدر على السباحة ففارق الحياة بإسفكسيا الغرق.

عقب تقنين الإجراءات، تمكن الرائد عبد الباقي أمين رئيس مباحث أبو النمرس، ومعاونوه النقباء عمر شلبي ومحمد مجدي وأحمد عبد الصمد من ضبط المتهمين وأقرا بارتكاب الواقعة على النحو المشار إليه.

أمام اللواء عاصم أبو الخير نائب مدير مباحث الجيزة، أقر المتهمان بجريمتهما، واعترفا ببيع التوك توك المستولى عليه مقابل تذاكر هيروين ومبلغ 1200 جنيه، وتم إعادة المركبة.

تحرر المحضر اللازم بالواقعة، وأحاله اللواء علاء فاروق مدير أمن الجيزة، إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهما على ذمة التحقيقات.