ملحمة الـ90 دقيقة... كيف جابه 60 رجل إطفاء جحيم مصنع كرداسة ومنعوا كارثة محققة؟
كتب - محمد شعبان:
الثالث والنصف عصر الخميس الماضي، الوضع على أهبة الاستعداد داخل مقر انعقاد حفل إفطار جماعي نظمته الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة، ملامح البهجة والسرور تغمر الجميع في أجواء تسودها الألفة والمحبة بين عناصر الإدارة الحيوية لكنها لحظات حتى تبدل المشهد 180 درجة.
لن ينعم الضباط والأفراد بوجبة الإفطار، دوي جرس الإنذار أعلن حتمية مغادرتهم مقر الإدارة صوب بلاغ حريق هائل في شركة ومصنع النيل للغزل والنسيج بقرية كفر حكيم دائرة مركز كرداسة.
انطلق اللواء جابر بهاء مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة على رأس قوة مكبرة ضمت نائبيه اللواء علاء السعيد واللواء علاء خلوصي رئيس قسم الإطفاء.
طوال الطريق من مقر الإدارة بمنطقة بين السرايات وصولا إلى المصنع المشتعل، يتابع قائد أطقم الإطفاء توالي وصول سيارات الإطفاء القريبة من موقع البلاغ مع تلقي تقرير لحظة بلحظة لتطورات الحريق.
لم يحتاج سائقو سيارات الإطفاء إلى مرشد يقودهم لوجهتهم، فتصاعد أعمدة الدخان بكثافة وارتفاع ألسنة اللهب كانا كفيلين بإرشادهما.
فور وصول القوات، أجروا معاينة سريعة لمسرح العمليات. 15 فدان تضم مصنعًا على مساحة 20 ألف متر مربع مكون من (أرضي + 3 طوابق) يضم الأرض والأول ماكينات التصنيع لخط إنتاج الملابس والثاني والثالث (بسقف واحد) بهما مخزونات ملابس معبأة داخل شكائر بلاستيك كانت معدة للتصدير.
سريعًا، حرص رجال الإنقاذ البري على إجلاء المتواجدين بالمبنى حرصًا على سلامتهم تزامنًا مع محاصرة بؤر النيران وسط انتشار سيارات الإسعاف بمحيط موقع الحريق لتقديم الرعاية الطبية في حالة الطوارئ
11 سيارة إطفاء بينها 3 خزانات مياه استراتيجية سعة 35 طن مدعومين بسلم هيدروليكي استعانت بها الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة لمجابهة جحيم النيران.
الحماية المدنية اتبعت خطة دفاعية دون الاقتحام بسبب وجود حمل حراري رهيب بالداخل وإمكانية حدوث انهيار مفاجئ للحوائط مما يعرض سلامة الأفراد للخطر.
استخدم رجال الإطفاء سلم هيدروليكي من الخارج واتباع نظام الإطفاء باستخدام جهاز "مونتر" مثبت أعلى سيارة الإطفاء والاستفادة بقوة الدفع الشديدة لتقليل حدة النيران.
النيران تحولت إلى كتلة لهب تلتهم الأخضر واليابس لتستعين الادارة العامة للحماية المدنية بسيارات إضافية من مصلحة الدفاع المدني لدعم القوات المشاركة في عملية الإخماد خاصة منع امتداد النيران لمصنع مجاور.
على مدار الساعة، تابع اللواء علاء فاروق مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة تطورات الحريق مشيدًا بسرعة الانتقال وحسن تعامل رجال الدفاع المدني مع واحد من أعب البلاغات منذ بداية العام الجاري.
سيارة إسعاف نقلت شخصًا قفز من أعلى المصنع إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج اللازم، وسط جهود رجال الحماية المدنية للسيطرة على النيران التي لم تهدأ.
خلال 90 دقيقة، حاصرت القوات النيران في الطابقين العلويين وحسر الحريق بمساحة 8 آلاف متر من أصل 20 ألف متر. جهود مضنية كُللت بمنع امتداد النيران لخط التصنيع ومخازن مواد كيماوية في الطابقين الأرضي والأول لتحول حنكة الخطة الموضوعة دون وقوع كارثة محققة.
استمرت عمليات السيطرة حتى تمام الإخماد في المساء بينما استمرت عمليات التبريد حتى 4 الفجر إذ أدى أطقم الإطفاء المشاركين الصلاة بمسجد مجاور ساجدين لله شكرًا.
تحريات ومعاينة إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الجيزة كشفت وجود خطأ هندسي في التصميم لعدم تقسيم إجمالي المساحة الشاسعة لأقسام، وتحرير محضر ضد المصنع منذ شهر لعدم التزامه باشتراطات الحماية المدنية للأمن الصناعي.
اللواء علاء فاروق مدير أمن الجيزة انتدب لجنة من المعمل الجنائي للمعاينة والوقوف على ملابسات الحريق وأسبابه تنسيقا مع النيابة العامة والتي رجحت حدوث ماس كهربائي.
فيديو قد يعجبك: