كيف خطط الإخوان "اقتحام السجون" بقيادة محمود عزت؟
كتب- صابر المحلاوي:
شرحت الدائرة الأولى إرهاب، بمحكمة جنايات القاهرة، في حيثيات حكمها على المتهم السيد محمود عزت، القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان، بالسجن المؤبد في إعادة محاكمته على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بـ "اقتحام الحدود الشرقية"، التفاصيل الكاملة لوقائع اقتحام السجون في 2011.
صدر الحكم في القضية بجلسة علنية بتاريخ 17 إبريل 2022، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشار رأفت زكي والمستشار حسن السايس، وبحضور محمد حسين خليل وكيل النائب العام، والأستاذ حمدي الشناوي الأمين العام لمأمورية طرة، وأمين السر شنودة فوزي.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن المتهم السيد محمود عزت إبراهيم إبراهيم عيسى نائب المرشد العام للجماعة والمحكوم عليهم سابقا في ذات القضية "الأعضاء بجماعة الإخوان" وجميعهم من أصحاب الأمر والنهي في الجماعة تطبيقاً لمبدأ السمع والطاعة لقيادات الجماعة، قاموا بنشاط تبعي قصدوا به التدخل في النشاط الإجرامي للمتهمَين وآخرين سبق الحكم عليهم وارتبط به وبنتيجته برابطة السببية.
وكانت المحكمة تطمئن إلى شهادة الشهود سالفي الذكر وللتقارير الطبية وما جاء بكتاب إدارة التخطيط والبحوث بوزارة الداخلية، وتعول عليهم في قضائها وتستخلص من جماع ما جاء بهم أن الفاعلين الأصليين من حركة حماس والبدو التكفيريين وآخرين مجهولين اقتحموا سجني أبو زعبل ووادي النطرون وهم عاقدين العزم على قتل من يعترض طريق تنفيذ خطتهم المتفق عليها مع جماعة الإخوان المسلمين، فأطلقوا النار على جنود الحراسة والمسجونين الذين رفضوا الهرب من السجن قاصدين قتلهم بغرض الوصول إلى مبتغاهم بإحداث الفوضى بالبلاد فاحدثوا إصابات المجني عليهم سالفي الذكر والتي أودت بحياة بعضهم وتم مداركة البعض الآخر بالعلاج.
وتابعت المحكمة في حيثياتها أنه عن ظرف سبق الإصرار المشدد، فإنه متوافر في الدعوى قبل الفاعلين الأصليين وشركائهم لما ثبت للمحكمة سلفاً من الجرائم التي ارتكبها الفاعلين الأصليين كانت جميعها تنفيذاً للاتفاق بين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس لإحداث الفوضى بمصر ومن ثم فإن الجناة عقدوا العزم وبيتوا النية على ارتكاب جرائمهم وأعدوا لها الأسلحة والذخائر اللازمة لارتكابها، الأمر الذي يتحقق به عنصري سبق الإصرار من عنصر زمني يقتضي أن يكون التفكير في الجريمة قد سبق الإقدام على تنفيذها بوقت كاف، وعنصر نفسي يقتضي حالة الهدوء والسيطرة على النفس التي يجب أن تتوافر للجاني حينما يفكر في ارتكاب جريمته، بحيث يتاح له أن يقلب الأمر على جميع الوجوه المختلفة، وهي أمور ثابته قبل الفاعلين الأصليين.
واستكملت: وعن ظرف الاقتران فهو ثابت في الأوراق قبل المتهمين لما سبق وانتهت اليه المحكمة من أن المشروع الإجرامي الذي قام به الفاعلين الأصليين إنما هو مشروع اجرامي واحد تعددت نتائجه والجرائم التي نجمت عنه لتحقيقه، وقد وقعت هذه الجرائم جميعها في ظرف زمني متقارب هو يومي 29 و30 يناير 2011 ومن ثم فإن المحكمة تري توافر ظرف الاقتران في الفاعلين الأصليين.
وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ارتكاب الفاعلين الأصليين جرائم القتل والشروع فيه سالفة الذكر تحقيقاً للهدف المنشود بنشر الفوضى في مصر، وكانت المحكمة قد كونت اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها، ودللت على ثبوت الجرائم في حق المتهمين بسوابقها ولواحقها، واقتنعت بالقرائن والأمارات التي شهدت لقيامها، واطمأنت إلي إسنادها إليهما على نحو ما سلف عن طريق الاستنتاج، وركنت في تكوين عقيدتها إلى ما استخلصته من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية وجاء استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي على نحو ما سلف الإشارة اليه بصدد كل واقعة من وقائع القتل والشروع فيه على نحو ما سلف الإشارة اليه تفصيلاً.
وحيث إن جريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والمقترنة بالقتل والشروع في القتل على النحو آنف البيان هي من الجرائم المتوقعة الحدوث طبقاً للمجري العادي للأمور، فإن المتهمين الماثلين يكونوا مسئولين عنها بحسبان أن الشريك مفروض عليه قانونا أن يتوقع كافة النتائج التي يحتمل عقلا وبحكم المجرى العادي للأمور أن تنتج عن الجريمة التي أراد المساهمة في أركانها فهو مسئول سواء توقع النتيجة أم لم يتوقعها مادامت هي متوقعة في ذاتها، مادام الفعل الأصلي المتفق على ارتكابه جريمة في ذاته، وكانت المحكمة قد انتهت سلفاً الي ثبوت اتفاقهم المتهمين مع حركة حماس على احداث الفوضى بمصر على النحو السالف بيانه تفصيلاً.
ولا ينال من هذا النظر أنه لم يثبت للمحكمة على وجه الجزم أن المتهمين هم من أمدوا الفاعلين الأصليين ومن كان معهما ممن سبق الحكم عليهم أو المجهولين بالأسلحة التي تم استخدامها في الجريمة إذ لا يشترط لتوافر أركان جريمة حيازة السلاح بواسطة الغير أن يثبت أن هذا الغير هو من أمد المتهم الحائز بالسلاح محل الجريمة، وإنما كل ما يشترطه القانون أن تكون له السيطرة على السلاح ويتم استعماله لحسابه.
وجاء في حيثيات محكمة الجنايات، إن الدليل قد قام على ثبوت وقائع الدعوى في حق المتهم من خلال أدلة قولية وفنية متساندة لها أصلها الثابت، تأخذ بها المحكمة عماداً لقضائها أخذا بما شهد به الشهود، ومن تقرير هيئة الأمن القومي المؤرخ 1 أغسطس 2013، وكتاب وزارة الخارجية المؤرخ 18 فبراير 2011، وكتاب قطاع الأمن الوطني المؤرخ 29 سبتمبر 2013، ومن تقارير الإدارة العامة لمنطقة الأمن المركزي والمرفق بالقضية رقم 338 لسنة 2013، ومحتوى الأحراز في القضية المنضمة رقم 338 لسنة 2013 جنح مستأنف الإسماعيلية، وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية المودع بالقضية رقم 647 لسنة 2011 إداري السادات والخاص بسجن (2) وادي النطرون، وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية المودع بالقضية رقم 650 لسنة 2011 إداري السادات والخاص بمعاينة ليمان 430 بمنطقة سجون وادي النطرون، وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية المودع بالقضية رقم 795 لسنة 2011 إداري السادات بمعاينة مبنى كتيبة منطقة سجون وادي النطرون، وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية المودع بالقضية رقم 648 لسنة 2011 إداري السادات الخاص بمعاينة ليمان 440 بمنطقة سجون وادي النطرون، والتقارير الطبية الشرعية المودعة بالقضية رقم 1050 لسنة 2011 إداري الخانكة، وتقرير الطب الشرعي رقم 219 لسنة 2011 طب شرعي القليوبية.
وحيث إنه من المقرر أن تقدير الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وفى أحوال الارتباط البسيط - حيث لا تتوافر شروط المادة 32 من قانون العقوبات - فإن ضم الدعاوى المتعددة جوازي لمحكمة الموضوع، والقرار بضم دعوى إلى أخرى هو ما تملكه المحكمة بسلطتها التقديرية دون أن تتقيد في ذلك برأي الخصوم أو أي جهة أخري، ولا يحول دون تتبع الطالب لدعواه، وإبداء دفاعه فيها إلا أنها تلتزم بالفصل في كل منها على حده.
وكان المقرر قضاء أنه يجب أن تبنى المحكمة حكمها على العناصر والأدلة المستمدة من أوراق الدعوى المطروحة أمامها، ويجوز لها الاعتماد على دليل استقته من أوراق قضية أخرى طالما كانت مضمومة للدعوى التي تنظرها للفصل فيها، ومطروحة على بساط البحث بالجلسة وتحت نظر الخصوم.
وحيث إنه عما نسبته النيابة العامة للمتهم السيد محمود عزت إبراهيم إبراهيم عيسى وآخرين سبق الحكم عليهم من اشتراكهم بطريق الاتفاق والمساعدة بأن اتفقوا مع منظمات خارجية على إحداث حالة من الفوضى، والشريك حسبما نصت المادة 40/ ثانياً، ثالثاً من قانون العقوبات " يعد شريكاً في الجريمة، ومفاد ذلك أن المشرع جعل صور محددة للاشتراك هي التي تخضع للتجريم إذا ما ساهمت في التسلسل السببي للنشاط المادي الذي يقع من الفاعل، ويطلق على هذه الصور أفعال الاشتراك وهي التحريض والاتفاق والمساعدة، ولا يُشترط أن تقع هذه الأفعال مُجتمعة من الشريك، وإنما يكفي لتحقق الاشتراك وقيام مسئولية الشريك أن يرتكب إحداها فقط، أي أن نشاط الشريك يتحقق بالتحريض وحده أو بالاتفاق وحده أو بالمساعدة وحدها.
وحيث إنه من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة، بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها. وإذ كان القاضي الجنائي حر في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له – إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره – أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه مادام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره.
وحيث إن الإثبات الجنائي يخضع لمبدأ الإثبات الحر وهو ما يعني الاعتراف للقاضي الجنائي بحرية كاملة في تكوين عقيدته عن الدعوى وفقاً لما يمليه عليه اقتناعه الشخصي محمولاً على الأدلة التي اطمأن إليها وجدانه واستراح لها ضميره إثباتاً ونفياً، والدليل قانوناً هو البرهان الذي يشيد القاضي عليه حكماً لا يقبل الشك يبلور فيه عقيدته في الدعوى، بينما الدليل منطقاً هو قياس مؤلف من مقدمات يقينية تؤدي حتماً وضرورةً إلى الحقيقة، وقد اعترف الشارع بالقرينة كأحد أدلة الإثبات، ويقصد بالقرينة في مقام الإثبات هي القرينة القضائية التي قوامها عمل ذهني بحت يستنتج من خلاله القاضي واقعة مجهولة من واقعة معلومة تؤدي إليها حتماً بطريق اللزوم العقلي، واستنتاج الواقعة المجهولة من الواقعة المعلومة هو في الواقع استنتاج لنتائج من المقدمات وهي من صميم عمل القاضي الجنائي فيتخذ القاضي من الواقعة المعلومة قرينة على ثبوت الواقعة المجهولة وهي بهذا المعنى تعتبر دليل إثبات غير مباشر، ومن المقرر أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرةً على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ومن المقرر أيضاً أن للمحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وجميع عناصر الدعوى المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، وكان تقدير الدليل موكولاً إليها فمتى اقتنعت به واطمأنت إليه أخذت به، كما أن من سلطتها أن تأخذ في تكوين عقيدتها بقرائن الأحوال وهي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية.
والمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها عن الدعوى وفقاً لما يمليه عليها اقتناعها الشخصي محمولاً على القرائن التي اطمأن إليها وجدانها واستراح لها ضميرها من قياس المقدمات اليقينية التي قوامها عمل ذهني بحت يستنتج من خلاله القاضي واقعة مجهولة من واقعة معلومة تؤدي إليها حتماً بطريق اللزوم العقلي، والذي هو في الواقع استنتاج لنتائج من المقدمات وهي من صميم عمل القاضي الجنائي تؤدي حتماً وضرورةً إلى الحقيقة، واعترف الشارع بها كأحد أدلة الإثبات، واعتبرها قرينة قضائية على ثبوت الواقعة المجهولة وهي بهذا المعنى تعتبر دليل إثبات غير مباشر، وتستخلص من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
ومن ثم فإن المحكمة تستخلص من ذلك كله أن حيازة الفاعلين الأصليين للأسلحة النارية والذخائر التي استخدموها في جرائمهم سالفة الذكر بقصد الإخلال بالأمن والنظام العام على النحو السالف بيانه تفصيلاً كان لحساب المتهمين وبالنيابة عنهم، وتضحى التهمة ثابتة ثبوتاً يقينياً قبل المتهمين.
وحيث إنه بالابتناء على ما تقدم وأخذاً به يكون قد ثبت للمحكمة ثبوتاً قاطعاً جازماً لا مرية فيه مستقر في يقينها على سبيل الجزم واليقين أن المتهم:
- السيد محمود عزت إبراهيم إبراهيم عيسى (الثمانون بأمر الإحالة) وآخرين سبق الحكم عليهم خلال الفترة من عام 2010 حتى أوائل فبراير 2011، بدوائر محافظات شمال سيناء، والقاهرة والقليوبية والمنوفية، اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع هيئة المكتب السياسي لحركة حماس وقيادات التنظيم الدولي الإخواني على إحداث حالة من الفوضى لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها تنفيذاً لمخططهم وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد وضرب واقتحام مبان الليمانات والسجون وتهريب المسجونين الموالين لهم الأجانب والمصريين وكذا المسجونين الجنائيين.
وحيث إنه بالابتناء على ما تقدم وأخذاً به يكون قد ثبت للمحكمة ثبوتاً قاطعاً جازماً لا مرية فيه مستقر في يقينها على سبيل الجزم واليقين أن المتهم السيد محمود عزت إبراهيم إبراهيم عيسى ارتكب الجرائم الواردة في أمر الإحالة.
فلهذه الأسباب وبعد الاطلاع على مواد القانون، حكمت المحكمة حضورياً بمعاقبة السيد محمود عزت إبراهيم بالسجن المؤبد عما أسند إليه.
فيديو قد يعجبك: