لماذا ترتفع أسعار السلع في مصر؟
تقرير - أحمد عمار:
حذر خبراء اقتصاد من موجة ارتفاعات جديدة في أسعار بعض السلع، في حال استمرارية الحكومة في التركيز على زيادة الرواتب وزيادة الحد الأدنى، والعمل على زيادة النقود المتداول، وفي المقابل عدم سعيها لزيادة الإنتاج من خلال العمل على تشغيل المصانع المتعثرة، وزيادة إنتاجية المصانع العاملة.
وأرجع الخبراء الذين استطلع مصراوي آراءهم ارتفاع أسعار بعض السلع خلال الفترة الحالية، إلى زيادة الطلب من قبل المستهلك، وفي المقابل زيادة النقص من المعروض من المنتجات نتيجة تراجع إنتاجية المصانع، وتعثر بعضها، بالإضافة إلى تآكل الرقعة الزراعية في مصر بسبب البناء عليها، مما أدى إلى قلة المعروض من بعض السلع الغذائية.
وأرجع البعض ارتفاع اسعار الخضروات، إلى اختلاف المواسم فيما بينها، بالإضافة إلى معاناة الفلاح في زيادة التكلفة، والتركيز على السلع الغذائية التي ترتفع سعرها فقط مما يؤدي إلى وجود نقص، كما أرجع البعض ارتفاع اللحوم خلال عيد الضحى إلى موسم الأعياد، وارتفاع سعر النقل والشحن، منوهين إلى وجود تراجع شديد في القوة الشرائية للمستهلكين، فيما نفى آخرون وجود أي ارتفاع في الملابس خلال الفترة الحالية، مؤكدين على وجود استقرار في الأسعار.
قلة المعروض أمام زيادة الطلب:
وأرجعت الدكتور عالية المهدي، استاذ الاقتصاد والعميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ارتفاع الأسعار خلال الفترة الحالية، إلى تراجع الانتاج، وعدم وجود معروض كافي، أمام زيادة القوى الشرائية، مما يؤدي إلى زيادة التضخم وارتفاع الأسعار.
وقالت ''المهدي'' خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، إنه على الحكومة أن تتجه إلى التركيز على زيادة إنتاجية المصانع العاملة، ومحاولة إعادة تشغيل المتعثرة، حتى يؤدي إلى زيادة المعروض في السوق''.
وأضافت، الحكومة ركزت خلال الفترة الحالية، على ضخ أموال في السوق وزيادة حد الأدنى ورفع المرتبات، وزيادة النقود المتداول في يد المستهلك، وفي المقابل الإنتاج متراجع، وهو ما أدى إلى زيادة معدل التضخم إلى 11 بالمئة، وهو أعلى من أي فترة سابقة''.
وعن ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة، قالت ''الإنتاج الزراعي لا يقابل الزيادة السكانية الحالية، بسبب تآكل الرقعة الزراعية والبناء عليها، وعدم وجود سياسة من الحكومة واضحة للحفاظ على الأراضي الزراعية، مما أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي من الخضروات والفاكهة، وقلة المعروض، مما أدى إلى زيادة سعرها''.
وتوقعت عالية المهدي، من اتجاه الأسعار إلى الارتفاع بشكل أكثر خلال الفترة المقبلة، وتراكم للمشاكل، إن لم تتجه الحكومة إلى معالجة تراجع إنتاج المصانع، وإعادة المتعثرة إلى العمل، والعمل على الإنتاج الصناعي والخدمات، لمواجهة الطلب الزائد من المستهلك، محذرة من تركيز التوجه الحكومي إلى رفع المرتبات والحد الأدنى فقط.
وكانت النشرة الشهرية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن مؤشرات الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين خلال شهر سبتمبر، أوضحت أن أسعار الطعام والمشروبات ارتفعت بنسبة 2.1 بالمئة خلال الشهر، كما ارتفعت الملابس والأحذية 0.6بالمئة، وأسعار النقل والموصلات ارتفعت بنسبة 5.3 بالمئة، والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية ارتفعت 5.4 بالمئة، فيما ارتفعت السلع والخدمات المتنوعة 0.7 بالمئة.
وفيما يتعلق بالتغير السنوي للأسعار، أوضحت أن أسعار الطعام والمشروبات ارتفعت بنسبة 14.0بالمئة خلال الشهر، كما ارتفعت الملابس والأحذية 2.8بالمئة، وأسعار النقل والموصلات ارتفعت بنسبة 9.0بالمئة، والأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية ارتفعت 13.1بالمئة، فيما ارتفعت السلع والخدمات المتنوعة 0.4بالمئة، والمشروبات الكحولية والدخان ارتفعت 7.9بالمئة.
القوى الشرائية للخضروات والفاكهة تراجعت بشدة:
وأرجع يحيى السنى، رئيس شعبة الخضر والفاكهة في الغرفة التجارية بالقاهرة، ارتفاع بعض أسعار السلع الغذائية إلى وجود فروق بين المواسم وبعضها في ''العروات''، بالإضافة إلى اتجاه بعض المزراعين في التركيز على سلعة معينة لزراعتها نتيجة ارتفاع سعرها في إحدى المواسم، مما يؤدي إلى قلة المعروض في سلعة أخرى وزيادة سعرها، نتيجة عدم وجود خطة من الدولة.
وأضاف رئيس شعبة الخضر والفاكهة، خلال اتصال هاتفي لمصراوي، ''لا يجب فقط النظر إلى ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة، والتي تكون في أحيان كثيرة تكلفة إنتاجها أعلى من سعرها الحقيقي، والذي يضر الفلاح، ولكن هناك ارتفاعات في سلع اخرى كالزيوت واللحوم، وعلى الدولة أن تعمل على مساعدة الفلاح مالياً، وزراعياً، وتوفير الكيماوي والمبيدات له والبذور''.
وقال ''تاجر الخضروات والفاكهة من الصعب أن يقف عند سعر مرتفع، ويتمسك به، فالسلع الغذائية سريعة التلف من الصعب أن يحتفظ بها أكثر من يومين، ولذلك هو يسعى إلى بيعها''.
وفيما يتعلق عن اختلاف الأسعار الاسترشادية للخضر والفاكهة، وارتفاع السعر لدى التاجر، قال ''سعر السلعة على أرض الواقع مختلفة عن ما يعلن من وزارة التموين، فالسوق دائماً القانون الذي يحكمه العرض والطلب، ومفتوح لا نستطيع الحكم عليه''، لافتاً إلى أن 60% من الفاكهة المتواجدة في مصر مستوردة، يحكمها السعر الدولي والدولار.
وأشار ''سني'' إلى وجود ''ركود'' شديد في سوق الخضروات والفاكهة، بسبب تراجع القوة الشرائية لدى المستهلك لعدم توافر الأموال لديهم، نتيجة الأوضاع التي تمر بها مصر.
لا دخل للاستيراد في ارتفاع السعر:
وعن تأثير الاستيراد على أسعار بعض السلع، استبعد وائل مبشر عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، أن يكون الاستيراد، أحد أسباب ارتفاع بعض السلع.
وقال في تصريحات هاتفية لمصراوي، ''ارتفاع بعض السلع يرجع إلى أسباب داخلية، فأكثر السلع المرتفعة تنتج محلية، ومنها أسعار السلع الغذائية التي ارتفعت بشكل كبير، وعلى الحكومة البحث عن أسباب هذه الارتفاع والعمل على حلها''.
وأضاف ''لا يوجد سبب رئيسي في تأثير الاستيراد على رفع السعر، فسعر صرف الدولار أمام الجنيه تراجع خلال الفترة الحالية، بل على العكس إذا كان الاستيراد المتسبب في رفع أسعار السلع، لكانت تراجعت مع انخفاض الدولار، فإذن المشكلة بين التاجر والحكومة، وعليهما البحث لحل المشكلة''.
وطالب عضو مجلس إدارة شعبة المستوردين، من الغرف التجارية بالمحافظات، البحث حول معرفة أسباب الارتفاعات في بعض السلع، وتحديد المشاكل، من خلال الاجتماع مع التجار، ومن ثم القيام بعرض تلك الاقتراحات على الاتحاد العام، لمقابلة الحكومة للبحث حول كيفية مواجهة تلك المشاكل.
وأشار ''مبشر'' إلى أن ما يشهده السوق المصري من ارتفاعات في بعض القطاعات، يؤثر على القطاع الآخر، قائلاً ''فالقطاع الغذائي على سبيل المثال يعتبر أكثر قطاع يؤثر في المجتمع، لأنه عبارة عن احتياجات يومية، فأي راتفاع تشهده السلع الغذائية، يؤثر على ارتفاع أشياء أخرى بدون أي مبرر، ولذلك يجب البحث عن المشكلة، وتشديد الرقابة على الأسواق''.
ونوه إلى أنه في كثر من الأحيان، يؤدي ارتفاع الأسعار محلياً إلى إيجاد مشاكل للمستوردين في تصريف سلعتهم، نتيجة صعود الأسعار، وتراجع القوة الشرائية.
وعن تأثير الوضع الحالي في مصر على الاستيراد من الخارج، قال عضو شعبة المستوردين، ''مع استمرار الاضطراب السياسي في مصر، الشركات الأجنبية تشددت في مطالبها، ولم يعد هناك تسهيلات يأخذها المستورد كما كان من قبل، حيث يطلب تسديد الثمن كله، ويؤدي ذلك إلى تقليل من حجم ما يستورده، وهذا عكس ما كان في السابق كانت تسدد على مراحل، مما يسهل على المستورد في توسيع نشاطه، ولذلك عدم الاستقرار يمثل كارثة للمستوردين''.
وفيما يتعلق باستقرار سعر الصرف، وزيادة الاحتياطي النقدي لمصر، ومدى طمأنة الخارج، قال ''الاحتياطي المتواجد في البنك المركزي، معظمه لا تملكه مصر، وهو ملك لدول أخرى، ولذلك تأثير ه في بعث الطمأنينة للخارج، حول قدرة المستورد على رد قيمة الشحنة، يعتبر رمزي، ليس فعلي، خصوصاً أنه ينظر له على أنه دين على مصر سوف يرد''.
تحذيرات من ارتفاع الملابس الشتوية 40 بالمئة:
من جانبه، نفى محمود الداعور، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن يكون هناك ارتفاعات في أسعار الملابس الجاهزة، خلال الوقت الحالي، مستبعداً وجود أى شكوى من المستهلكين حول الأسعار، خلال الفترة التي سبقت عيد الأضحى.
وقال ''الداعور'' في تصريحات هاتفية لمصراوي، ''إذا كان هناك ارتفاعات، فيجب أن نتذكر أصل المشكلة بدأت من السنة الماضية، وتراكمت، وأدى إلى وجود بعض الارتفاعات، فقد كان هناك العديد من المشاكل خلال العام الماضي، من أزمة سولار، ومازوت، وانقطاع في الكهرباء، أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الفترة الماضية، مما أثر على الأسعار''.
من جانبه، حذر علي شكري نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية نائب رئيس شعبة الملابس، اتجاه أسعار الملابس الشتوية إلى الارتفاع بنسبة 40بالمئة، بسبب ارتفاع أسعار خامات قطاع الملابس ''غزول القطن'' إلى أكثر من 100 بالمئة.
وتوقع نائب رئيس شعبة الملابس، في تصريح له منشور على موقع غرفة القاهرة، أن يشهد سوق الملابس في مصر ''كساداً'' غير مسبوق، واستمرار حالة الركود في سوق الملابس الجاهزة خلال الفترة المقبلة، قائلاً'' شدة برودة الشتاء ستجعل هناك إقبال على الملابس الشتوي ولكنه سوف يكون إقبالاً ضئيلاً''.
وأرجع سبب ارتفاع أسعار خامات قطاع الملابس، إلى أنه لا توجد خريطة زراعية لأصناف وكميات القطن، التي تحتاجها مصر للاستهلاك بالسوق المحلي، حيث أن هناك تقليص كبير في مساحة القطن المزروعة مما جعلنا نستورد ما يقرب من 70بالمئة من احتياجات مصر من السوق الخارجي، وفي المقابل فرض رسوم إغراق على الغزول المستوردة، مما شكل تأثيراً سلبياً على الصناعة المحلية.
شكاوى من ارتفاع اللحوم وتراجع مبيعاتها للنصف:
وكانت وزارة التموين، قالت في بيان لها تلقى مصراوي نسخة منه، إنها تلقت الأسبوع الماضي، نحو 340 شكوى من ارتفاع سعر أنبوبة البوتاجاز خلال أيام العيد وذلك لعدم وجود العمالة، وأشارت أن عدد شكاوى المواطنين من ارتفاع أسعار اللحوم على مستوى الجمهورية وصل إلى حوالي ٨٩٠ شكوى.
من جانبه، أرجع محمد شرف نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، ارتفاع أسعار اللحوم خلال موسم عيد الأضحى المبارك، إلى ارتفاع تكاليف النقل سواء كانت من الأسواق أو من المجازر.
وأشار ''شرف'' خلال تصريحات هاتفية لمصراوي، إلى أن أسعار النقل تضاعفت خلال الفترة الماضية لعدة أسباب، منها أن بعض السائقين يستغلون الظروف الحالية بسبب حظر التجول المفروض من قبل الحكومة الحالية، موضحًا أن رفع بعض الجزارين لأسعار اللحوم بشكل مغالى فيه لا يعني أن كل التجار سبب في غلاء الأسعار، لأن هناك فئة صغيرة في كل مجال تقوم بمثل هذه الأعمال ولكنها لا تمثل تجار المجال ككل، موضحاً أن أسعار اللحوم الحية والمذبوحة ارتفعت بنحو 25 بالمئة مقارنة بأسعار العام الماضي.
وأضاف أنه من المعتاد أن ترتفع أسعار اللحوم بعض الشيء في مثل هذا الوقت في كل عام، ثم تنخفض بعد مرور عيد الأضحى بسبب تخزين المستهلكين للحوم سواء كانوا يشترونها أو من الأضحية.
فيما قال هيثم عبد الباسط نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، إن الإقبال على اللحوم والأضاحي خلال موسم عيد الأضحى هذا العام كان ضعيفًا مقارنة بالعام الماضي، وإن نسبة التراجع وصلت إلى نحو 60 بالمئة .
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: