كيف قفز عجز ميزانية مصر 10 أضعاف خلال 10 سنوات؟..(رسم توضيحي)
كتب – محمد سليمان:
تعانى مصر عقب ثورة 25 يناير من تراجع حاد في الايرادات وارتفاع مضطرد في المصروفات، ما خلق عجز واضح وتاريخي في الموازنة العامة للدولة.
ومع إلقاء الكثيرين باللوم على الثورة وتطوراتها والفترة الانتقالية وأحداثها في ما آل إليه الاقتصاد الوطني، وتراجع السياحة والصادرات والاستثمارات المباشرة، الإ أن الواقع يشير إلى أن الأزمة لم تكن وليدة الثورة وإنما كانت تطور طبيعي لسياسية حكومية مستمرة.
فواقع تطور عجز الموازنة خلال السنوات العشر الماضية يشير إلى ارتفاع يقترب من الـ 10 أضعاف، بسبب عدد من الإجراءات والسياسيات الحكومية المتواصلة حتى الآن.
ومصطلح العجز يشير إلى أن إجمالي ما تحصل عليه الدولة من اموال سنوية، أقل من الالتزامات المالية المطلوبة منها، والفارق بين الايرادات والمصروفات هو ما يطلق عليه العجز في الموازنة.
تطور غريب للعجز
في عام 2002 – 2003، بلغ عجز الموازنة العامة للدولة نحو 25.4 مليار جنيه، ما يمثل 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأظهرت موازنة هذا العام – طبقًا لأرقام صدارة عن الإدارة المركزية للبحوث المالية التابعة لوزارة المالية – وصول الإيرادات إلى 86.5 مليار جنيه، فيما بلغت المصروفات آنذاك نحو 111.9 مليار جنيه.
وتوالى الارتفاع في عجز الموازنة خلال الأعوام التالية، حيث بلغ خلال عام 2004 – 2005، نحو 49.8 مليار جنيه، وسجل نفس القيمة تقريبا خلال عام 2005 – 2006.
وارتفع العجز في الموازنة العامة للدولة خلال عام 2006 – 2007، ليصل إلى 54 مليار جنيه، ثم 59.2 مليار جنيه خلال 2007 – 2008، ثم 68.9 مليار جنيه في 2008 – 2009.
والملاحظ انه خلال هذه الأعوام، لم يرتفع عجز الموازنة العامة للدولة عن 7% من الناتج القومي الإجمالي.
وبدء العجز في الدخول باتجاه جديد خلال موازنة 2009 -2010، بعد أن سجل 98 مليار جنيه، أي بنسبة 8.1% من الناتج القومي الإجمالي.
وعقب الثورة.. أظهرت موازنة 2010 – 2011، ارتفاع عجز الموازنة ليصل إلى 130.4 مليار جنيه، بنسبة من إجمالي الناتج القومي بلغت 9.5%.
وواصل العجز الارتفاع خلال موازنة 2011 – 2012، ليصل إلى نحو 170 مليار جنيه، ما يمثل 11% من الناتج القومي.
أما عن الموازنة الجديدة للدولة عن عام 2012 – 2013، فقد أظهرت احتمالية تسجيل عجز بين المصروفات والإيرادات بنحو 200 مليار جنيه.
كيف قفز العجز 10 أضعاف؟
ألقت دراسة لوزارة المالية بعنوان تطور عجز الموازنة العامة، الضوء على بعض أسباب ارتفاع عجز الموازنة العامة في مصر خلال الفترة من 1993 إلى 2005، ولخصت هذه الأسباب في عدة عوامل مؤثرة.
وتصدر هذه العوامل زيادة معدل نمو الانفاق العام، ونسبته من الناتج القومي الإجمالي، وهي الزيادة التي لم يماثلها ارتفاعًا في الإيرادات العامة للدولة.
كما كان لارتفاع حجم الانفاق الحكومي نتيجة زيادة ما سمي بالاستخدامات الخاصة ببعض الهيئات الحكومية، وزيادة حجم النفقات الجارية التي تتحملها الدولة، دورًا كبيرًا في اتساع عجز الموازنة على مر الأعوام الماضية.
وأشارت الدراسة إلى ارتفاع حجم الفوائد المدفوعة للديون الداخلية والخارجية، حيث بلغ في 2004 – 2005 نحو 32.8 مليار جنيه، بينما وصل بموازنة 2011 – 2012 إلى نحو 140 مليار جنيه.
كما كان لارتفاع حجم الدين المحلي، وزيادة الاعتماد على أذون وسندات الخزانة أثرًا – طبقًا للدراسة – في ارتفاع عجز الموازنة، مع تحميل الميزانية عبء تسديد فوائد وأقساط هذه الديون.
وأوضحت الدراسة أن ارتفاع السكان وبالتالي تزايد نفقات الدولة على التعليم والصحة والإسكان وغيرها، كان أحد عوامل ارتفاع عجز الموازنة.
ولم يستثني التقرير تراجع الانفاق الاستثماري مقارنة بالإنفاق الجاري، من أسباب تصاعد عجز الموازنة، حيث أدي هذا لتراجع حجم الاستثمارات اللازمة لزيادة الايرادات في المستقبل.
فيديو قد يعجبك: