10 سنوات شاهدة على رسوب مصر في اختبار الطاقة
تقرير- محمد مصطفى:
شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة مشكلات كبرى في إنتاج البترول والغاز، تسببت في تعطل قاطرة النمو، إلا أن مصر لم يكن حالها كذلك في التسعينيات من القرن الماضي، حيث كانت مصر ضمن أكبر الدول المنتجة للنفط في أفريقيا، حيث تسبب النمو السكاني، وزيادة الاستهلاك، وانخفاض الإنتاج لأسباب عدة، والتزام مصر بعقودها الدولية إلى أزمة في قطاع الطاقة، والتي تعد التحدي الأكبر لمصر بعد أحداث 30 يونيو وتشكيل حكومة جديدة، خاصة مع تقديم الحكومة دعما يتخطى 1/6 من موازنة الدولة موجهة إلى دعم الطاقة.
البنزين والسولار
بلغ إنتاج مصر للبترول 900 ألف برميل يوميًا عام 1995، في حين كان استهلاكها نصف مليون برميل، إلا أن البترول منذ ذلك التاريخ بدأ إنتاجه في الانخفاض، والاستهلاك في الارتفاع تدريجيًا حتى عام 2008 حيث تساوى الإنتاج والاستهلاك بما يعادل 700 ألف برميل لكلاً منهما، واستخدمت مصر الحقن عن طريق الكيماويات وغيرها من الأساليب من أجل استخراج النفط، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج.
ويُرجع محمود نظيم، وكيل أول وزارة البترول سابقًا، في تصريحات هاتفية لمصراوي، أن ذلك التناقص يرجع إلى التناقص الطبيعي في الآبار، مؤكدًا أنه طبيعي في كل دول العالم.
مصر من أكبر الدول في الاستكشافات البترولية
وأشار ''نظيم'' إلى أن مصر من أكبر الدول التي تقوم باكتشافات، إلا أنه أشار لأن النفط ''رزق من الله''، فمصر يقوم بعدد كبير من الاستكشافات ولكنها ضعيفة، في الوقت الذي يكون اكتشاف واحد في بلد أخرى كفيل بجعلها من أغنى البلاد في الطاقة.
ومن بعد عام 2008 استمر منحدر الهبوط حيث يتصاعد الاستهلاك ويقل الإنتاج تدريجيًا، حتى وصل العام الجاري الاستهلاك اليومي للسولار لـ35 ألف طن في الأوقات الطبيعية تصل إلى 38 ألف طن في مواسم مثل الحصاد.
الاستهلاك والإنتاج
ويؤكد وكيل أول وزارة البترول سابقًا، أن مصر تنتج من السولار من 20 إلى 22 ألف طن، يتم استيراد 13 إلى 15 ألف طن منها من الخارج.
أما البنزين فيؤكد أن الاستهلاك يصل إلى 16 ألف طن يوميًا، يتم استيراد 10% منها من الخارج، بما يعادل 1.6 ألف طن، في الوقت الذي يصل فيه الإنتاج لـ14 ألف طن يوميا.
وأشار نظيم إلى أن ''النفتة المصرية'' يتم إنتاج منها بنزين 80، و90، و92، في حين تستورد مصر بنزين 95.
احتياطي ضخم من الغاز
بلغ احتياطي الغاز 2.2 تريليون قدم مكعب عام 1975، وصل إلى 77 تريليون قدم مكعب عام 2009، وتراجع عام 2012 إلى 72 تريليون قدم مكعب.
وأشار محمود نظيم إلى الاحتياطي المذكور منه احتياطي مؤكد وآخر غير مؤكد، بالإضافة إلى التناقص الطبيعي في مخزون الغاز.
وبلغ متوسط الإنتاج السنوي 2.17 تريليون بنهاية عام 2011، حيث تعد مصر ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في أفريقيا.
انخفاض متوسط الإنتاج من الغاز
وبحسب أحدث البيانات من وزارة البترول، وصل الإنتاج من الغاز مع بداية عام 2013 إلى 5.7 مليار قدم مكعب يوميًا، بما يعني انخفاض متوسط الإنتاج السنوي من الغاز بنسبة ضئيلة عن 2011، حيث توجه 85% من هذه الكميات للسوق المحلى، فيما يتم توجيه 800 مليون قدم مكعب يومياً لمصنع الإسالة في ادكو بدمياط، والتصدير للأردن، في الوقت الذي أشار فيه مسئول تنفيذي في شركة ''ايني'' الايطالية للنفط والغاز، إن مصر لم تعد تصدر حصة ايني من محطة دمياط للغاز الطبيعي المسال، بسبب الأزمة الأخيرة.
اللجوء إلى الاحتياطي الاستراتيجي مع زيادة الاستهلاك
وبحسب مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، في نشرة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لمصر، حيث تعاني مصر نقصا في الغاز يبلغ نحو مليار قدم مكعب يوميا، فإنه خلال عام 2012، زاد الاستهلاك المحلى من الغاز الطبيعي ليصل إلى 39. 36 ألف طن مكافئ، ما يوازي6.7 مليار قدم مكعب.
وتلجأ مصر إلى الاحتياطي الذي يقل تدريجيًا، بالإضافة إلى معدلات التناقص الطبيعي للإنتاج والتي تصل إلى 40% ببعض حقول الصحراء الغربية مع زيادة حجم الاستهلاك بشكل كبير.
نسبة استهلاك الكهرباء من الغاز الطبيعي المستهلك لتسجل 57.2%من إجمالي الإنتاج، تليها المنشآت الصناعية التي تم توصيل الغاز اليها، والتي قدرت حتى فبراير 2009 بحوالي 1383 مصنع و32 محطة كهرباء و118 محطة تموين سيارات.
تصدير الغاز رغم زيادة الاستهلاك
ورغم زيادة الاستهلاك إلى أن مصر استمرت في تصدير الغاز، للوفاء والالتزام بالمواثيق والعقود، حيث ارتفعت صادرات مصر من الغاز الطبيعي ومشتقاته خلال عام 2012 لتصل قيمتها إلى مليار و974 مليون دولار، حسب مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.
هروب المصانع إلى الطاقة البديلة
وكان أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أكد منذ توليه المسئولية في النصف الثاني من عام 2012، أنه سيسمح لقطاع الصناعة المصرية باستيراد الغاز مع 2013 خاصة مع الضغط الكبير من قطاع الصناعة على كميات الغاز المنتجة والاحتياطية، بالإضافة إلى العقود الملتزمة بها مصر لتصدير الغاز، حتى اتخذت بعض المصانع كثيفة الطاقة قرارًا بتحويل خطوط إنتاجها إلى الفحم ومصادر أخرى للطاقة الأقل تكلفة، وبدأ مجلس الشورى الذي تم حله في اتخاذ خطوات نحو تشريعات تسمح باستخدام الفحم.
محاولة الإنقاذ عن طريق البحث والاستكشاف
وللحفاظ على كمية الاحتياطي تقوم وزارة البترول بالاستثمار في مجال البحث والاستكشافات والتنمية والإنتاج بالتعاون مع الشركات، حيث وصل حجم الاستثمارات خلال العام الجاري 2013، 8.2 مليار دولار، بحسب بيانات صادرة عن وزارة البترول، مقابل 8.6 مليار دولار خلال العام الماضي.
ديون للشركات الأجنبية المهيمنة على قطاع الطاقة بمصر
وتظهر إفصاحات مالية من شركات مثل ''بي.بي وبي.جي'' و ''أباتشي'' و ''إديسون'' و ''ترانس جلوب إنرجي'' أن مصر مدينة لها بأكثر من 5.2 مليار دولار حتى نهاية 2012، حيث بلغت مستحقات ''بي.بي'' 3 مليارات دولار حتى نهاية 2012 منها نحو مليار دولار تأخر سدادها، بينما تبلغ مستحقات ''بي.جي'' 1.3 مليار دولار منها 600 مليون دولار تأخر سدادها، وتبلغ مستحقات ''إديسون'' 400 مليون دولار تأخر سدادها، وتليها ''ترانس جلوب'' و ''دانة'' ولكل منهما 200 مليون دولار تقريباً.
ولم يسبق أن كشف المسؤولون في الحكومة عن حجم الدين وقد رفضوا تقديرات تتراوح بين 7 مليارات دولار و9 مليارات.
وقال المدير المالي لشركة ترانس جلوب ''راندال نيلي''، في تصريح سابق لوكالة رويترز ''إنه منذ إندلاع الثورة تدفع الحكومة ثمن النفط بعد نحو 8 أشهر ونصف في المتوسط، وهو ما يزيد شهراً عن فترات السداد السابقة.
الشركات الأجنبية تلجأ للتأمين ضد المخاطر في مصر
ومع تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية اتخذ البعض إجراءات احترازية، فقد اشترت أباتشي تأميناً من المخاطر السياسية لأجل عدة سنوات من مؤسسة أوفرسيز برايفت إنفستمنت (أوبك) وشركات تأمين أخرى لتغطية المخاطر في مصر.
وقالت أباتشي، أكبر منتج للنفط في مصر - لاستثمار أكثر من مليار دولار في مصر في 2013، ''بوالص التأمين توفر غطاء قيمته مليار دولار لأباتشي من الخسائر التي قد تنجم عن المصادرة والتأميم.''
وحصلت الشركة أيضاً على تغطية بقيمة 300 مليون دولار من أوبك من الخسائر التي قد تنشأ عن عدم سداد الفواتير السابقة، وقالت أوبك ''التغطية حيوية لاستثمارات أباتشي الجارية في مصر.
فيديو قد يعجبك: