إعلان

قرار مصر بشأن استيراد التفاح اللبناني يعيد الحياة إلى أعلى بلدة لبنانية

01:24 م الإثنين 10 نوفمبر 2014

التفاح اللبناني

بيروت - (أ ش أ):

أعاد القرار المصري باستئناف استيراد التفاح اللبناني، الأمل لقرى لبنانية في أعالي جبال لبنان الشاهقة والتي تعتمد بشكل كبير على زراعة التفاح وعلى رأسها بلدة بقاع كفرا التي تعد أعلى بلدة لبنانية مأهولة بالسكان حيث تقع على ارتفاع 1800 متر عن سطح الأرض.

وتعاني هذه البلدة الواقعة في أقاصي جبال شمال لبنان من ظاهرة الهجرة الواسعة إلى سواحل لبنان وخارج البلاد، جراء قلة فرص العمل في هذه القرية الجبلية ذات الشتاء القاسي والواقعة قرب مجموعة من أعلى القمم في لبنان مثل غابة أزر بشري، وقرنة السوداء أعلى قمة في لبنان التي يزيد ارتفاعها على ثلاثة آلاف متر.

وقال الأب جوني سابا رئيس بيت القديس شربل ببلدة بقاع كفرا بقضاء بشري إن سكان القرية الأصليين نحو 6 آلاف نسمة، ولكن في الشتاء لا يبقى بها سوى 45 عائلة، نظرًا للهجرة بسبب عدم وجود موارد للرزق، إلا زراعة التفاح والكرز، وقليل من السياحة.

وأضاف أن قرار مصر فتح باب استيراد التفاح أعاد الآمال إلى أهل القرية في انتعاش الاقتصاد وبالتالي تثبيت الناس في بلدتهم وديارهم، مشيرًا إلى أن تفاح بقاع كفرا مميز للغاية؛ نظرًا للارتفاع الشاهق للبلدة، وكذلك كثرة مياه الينابيع ونقاوتها فهي لا تعاني من الاستخدام البشري، ما يحفظها من التلوث.

واستقبل وفد السفارة المصرية إلى مناطق شمال لبنان بحفاوة بالغة، حيث زار الوفد برئاسة المستشار الإٌعلامي صبحي عبد البصير عددًا من المناطق في قضائي زغرتا وبشري.

وتعددت أسباب الحفاوة، فأهل المنطقة ينظرون إلى مصر خاصة بعد 30 يونيو 2013 باعتبارها الأمل في التصدي لموجة التطرف التي تجتاح المنطقة والتي يظهر وقعها في مناطق قريبة من زغرتا وبشري في شمال لبنان.

ويشير جوزيف محفوض الملحق الإعلامي في وادي قاديشا المقدس بالمنطقة إلى أن المناطق الجبلية بشمال لبنان لها طابع جغرافي، وبشري خاصة فهي أعلى مناطق لبنان من حيث الارتفاع، كما أن تعد الموطن الأول للموارنة وفيها أديرة تاريخية تتواجد في أماكن جبلية شاهقة وسفوح خطيرة.

وقال إن وادي قادشيا الممتد من قضاء الكورة إلى زغرتا وبشري، يشكل محور الحياة في المنطقة، حيث يوجد به أديرة تاريخية مثل دير مارأنطونيوس الذي تتواجد به أقدم مطبعة في الشرق، وهو دير أسسه تلاميذ الراهب المصري مارأنطونيوس في القرن الرابع الميلادي، تمتلك هذه الأديرة مزارع تفاح كبيرة، وكلها استبشرت خيرًا بقرار مصر فتح باب استيراد التفاح اللبناني.

المسافة بين قضاء زغرتا وقضاء بشري تبدو صغيرة للغاية على الخريطة ولكنها على أرض الواقع أطول بكثير؛ نظرًا لوعورة التضاريس التي أجبرت على الالتفاف حول الجبال الشاهقة.

ولكن المسافة الاجتماعية والسياسية أكبر، فهناك تنافس تاريخي بين القضاءين اللذين يتنازعان على المكانة التاريخية كموطن أول للطائفة المارونية، وامتدت المشاكل للعصر الحديث خلال الحرب الأهلية، حينما وقع صراع بين تيار المردة بزعامة آل فرنجية والقوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وصل ذروته إلى ما يعرف بمجزرة أهدن الشهيرة التي اتهم جعجع بتدبيرها وراح ضحيتها طوني فرنجية والد النائب الحالي سليمان فرنجية وزوجته وابنته وعدد من أنصاره في يونيو 1978.

ورغم هذه الخلافات التاريخية بين القضاءين، فإن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بينهما باتت أفضل، وهناك تزاوج وتبادل في التجارة وكل مظاهر الحياة رغم الاختلاف السياسي، حيث تعد زغرتا معقلا لتيار المردة المنتمي إلى قوى 8 آذار حلفاء سوريا، بينما بشري معقل للقوات اللبنانية أكثر أعضاء 14 آذار عداء لدمشق.

ولعب سكان قضاء بشري دورًا مهمًا في الحرب الأهلية، رغم قلة سكان القضاء ويبدو أن الفضل في ذلك يعود إلى جبال بشري القاسية التي أكسبت أهلها صلابة، ساعدتهم على نجدة الموارنة في منطقة جبل لبنان في صراعهم المرير مع الدروز وحلفائهم الفلسطينيين، ومع القوات السورية.

أما أهالي قضاء زغرتا فقد ارتبطوا عبر زعامتهم التاريخية آل فرنجية بتحالف وثيق مع النظام السوري منذ عهد حافظ الأسد وهو مستمر إلى الآن، حيث يعتبر سليمان فرنجية من أقرب الحلفاء إلى الرئيس السوري بشار الأسد.

واللافت في قضاء زغرتا أن سكانه يشبهون بعضهم البعض إلى حد كبير وعندما سألنا عن ذلك كانت الإجابة مع ضحكة خافتة؛ لأنهم في الأغلب يتزاوجون مع بعضهم البعض بشكل كبير، فالجبال خلقت من هذا القضاء بوتقة حضارية مميزة في شمال لبنان.

ولكن الثابت أنه رغم تعدد الطوائف والمذاهب والمشارب السياسية في شمال لبنان، فالكل مجمع على حب مصر والكل متلهف إلى عودة دورها العربي.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: