تحليل - اقتصاد مصر إلى أين؟
تحليل - حسن عباس:
وقعت الأزمة المالية العالمية وأصبحت امرا واقعا في تباطؤ النمو العالمي مع فجوة ضخمة في العلاقات بين الأمم الغنية والأمم الفقيرة بدأت منذ سنوات في اتجاه السياسة الاقتصادية المعتمدة على آلية السوق، والتحرير المطلق للأسعار، وتحرير التجارة الداخلية والخارجية، وإزالة كافة الحواجز الجمركية والقانونية والسياسية أمام الاحتكارات الرأسمالية، وأمام رجال المال لتوفير الحرية المطلقة لانسياب السلع عبر الحدود، وإزالة العوائق أمام رأس المال، وإنهاء تدخل الدولة بالنشاط الاقتصادي.
وأدت الأزمة إلى نوع من عدم الاستقرار والتذبذب فى الاسواق المالية العالمية ومن يدفع فعليًا ثمن ذلك هو الدول النامية لأن الدول المتقدمة الرأسمالية لديها ما يكفي من القدرة على التكيف من أجل الالتفاف على الأزمات وتصديرها إلى الخارج و عموما الصدمة كانت عنيفة من أجل زيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء فى العالم لترسيخ معنى العولمة و فرضه كأمر واقع.
وبما أن الدول العربية جزء من منظومة الاقتصاد العالمي فإنها تأثرت سلبا بنفس قدر حجم العلاقات الاقتصادية المالية بين الدول العربية والعالم فالدول العربية كانت تستطيع استغلالها لدعم اقتصاديات بلادها وبلاد المنطقة العربية والمحافظة على استمرارية نموها كنوع من الأمان الاقتصادي للمنطقة كلها بل كانت هناك فرصة ذهبية لبداية تفعيل حلم السوق العربية المشتركة في اطار جامعة الدول العربية ولكن كانت أحداث الربيع العربي مفاجئة قوية وسريعة أدت إلى تأجيل الطموحات العربية والقومية بالإضافة إلى مقاومة الأيدلوجيات الراديكالية التى لم تعد مناسبة في لغتها و أهدافها مع الزمن وتطوراته.
وكانت هناك ضرورة ملحة أثناء فترة حكم مبارك الطويلة من أجل تحضير سيناريوهات مناسبة وبديلة لإيجاد مناخ مناسب لرسم مستقبل أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات مسبقًا بدلا من التعامل مع نتائجها وتحقيق منافع أخرى كبيرة كنا نحتاج إليها على المدى الطويل ومما لا شك فيه أن هذا كان سيساعد على استعادة الثقة في السوق ويستطيع امتصاص ما يمكن من صدمات وهزات و لكن بعد تصحيح المسارات.
وبعد أحداث 30 يونيو أصبح هناك جيل جديد أقوى يستطيع أن يتخذ القرارات الصعبة لما لديهم من احتياجات هائلة ولديهم قدرة متزايدة على حسن استخدام الموارد لتلبية هذه الاحتياجات ويجب أن نساندهم فى صياغة حلم مشترك للجميع والمقدرة على السير بالجميع فى اتجاه واحد نحو التنمية المتكاملة وذلك لمواجهة العالم السريع التطور لان هذه أصبحت ضرورة اقتصادية وواجب أخلاقي.
أن مصر كانت قد وضعت عدة آليات للتعامل مع الأزمة التي كانت أخطر نتائجها تراجع معدل النمو كما كان يجب أن تكون هناك خطوات لتعويض الخسائر التي وقعت بسبب الأزمة المالية وقد كان منها التعويل علي العالم العربي وأموال الخليج والسعودية في تعويض نقص الاستثمار الأجنبي المباشر والتعويل أيضاً علي قوة الطلب المحلي.
ولكن الراصد لتطورات السوق المصرية لابد وأن يظهر أمامه مجموعة معقدة من التناقضات الواضحة بين ما هو إيجابي وما هو سلبي، فالسوق المصرية تكاد تعتمد اعتمادا أساسيا على صغار المستثمرين وهم عادة يبحثون عن طرق متعددة تتبلور في نقاط محددة (تمويل بالمشاركة - شريك متخارج - تسهيلات الموردين ) و لا يقبل بسهوله نظم التمويل المصرفية إلا إذا كان مضطراً اضطراراً بالغاَ وحتى المضطر منهم والذي تعامل مع البنك بسبب إهدار الأموال المستثمرة سالفاً يعود للحلول المذكورة مرة أخرى وقد أثبتت الفترة الأخيرة.
زيادة الوعي الادخاري والاستثماري بدرجة لا يستهان بها، وتفضيل السوق المصرية من قبل المصريين العاملين بالخارج وكذلك المستثمرين الوافدين، والتوسع في الأنشطة الغير تقليدية في السوق، واختلاف معايير التعامل لتصبح المعاملات أكثر تحديداً وأكثر وضوحا، وقدرة الدولة على اطلاق عمليه تنمية متصلة واحداث تحولات جذريه في هيكل الإنتاج المحلي وعلاقته بالاقتصاد الدولي
فمصر لديها سوق محلية كبيرة وموقع استراتيجي ممتاز، وقوة عمل ذات أسعار تنافسية، بالإضافة إلى توافر الموارد الطبيعية وقد عملت الدولة في الفترة السابقة على إدخال تعديلات في هيكل الاقتصاد المصري.
كما عملت الدولة على تحسين المناخ التشريعي والتنظيمى للاستثمار واهتمت الدولة أيضاً بتنمية الموارد البشرية وسعت نحو بناء قاعدة تكنولوجية وطنية من أجل تحسين مناخ الاستثمار وقادر على مواجهة الأزمات وتقليل المخاطر الى أقصى درجة ممكنة الا أننا مازلنا لحاجة ملحة الى تطوير ثقافي اقتصادي يتناسب مع التطورات النوعية في مشروعات التنمية وفقا للخطط الاستراتيجية الاقتصادية والاجتماعية والتي تستهدف تحقيق معدلات عالية من التنمية الشاملة، حيث أن للدولة المصلحة العليا في مواجهه تحديات التنمية بما يتناسب مع تكوين الشخصية المصرية وهذا يتطلب تحديد التوجهات بشكل أخر وتعديل شكل المخاطبة الاستثمارية لجذب حقيقي لصغار المدخرين والمساهمين بما يلائم الفكر المصري واعادة تأصيل فكر السوق الحر لدى المواطن المصري الذي يبذل بدورة محاولات جديدة للتأقلم مع العولمة بدون الرفض الواضح أو القبول المطلق ببساطة وعبقرية المواطن المصري.
ولذلك أصبح هناك ضرورة أن نراعي:
عدم منافسة الدولة للقطاع الخاص في مجالات الاستثمار وجذب استثمارات جديدة.
تحقيق التناسق المؤسسي الوظيفي لخدمة الاستثمار.
تنمية دور القطاع المالي غير المصرفي في جذب وتمويل الاستثمار.
تطويع الهياكل الاقتصادية المتاحة وكذلك ضمان الزيادة فى هذه القدرات.
اضافة قوى استثمارية وتنموية وسياحية وانتاجية وخدمية و تصديرية جديدة.
تعميق معنى المواطنة من خلال المشاركة الاجتماعية والاستثمارية مع الادارة التنفيذية ف مشروعات تنموية لها عائد قومي واستثماري.
تخفيف العبء عن الدولة فى مواجهة عجز الموازنة والاضافة الفاعلة فى إجمالي الناتج القومي
حسن عباس هو استشاري للتنمية والتطوير والدعم المؤسسي وعضو المجلس الاقتصادي الأفريقي، ومعد برنامج للتسويق التمويلي للعقارات
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: