علامات استفهام وملاحظات بشأن حصيلة بيع شهادات قناة السويس
كتب – محمد سليمان:
جمعت حكومة المهندس إبراهيم محلب 39.5 مليار جنيه خلال 6 أيام جراء بيع شهادات استثمار في مشروع قناة السويس الجديدة.
وأعلن هشام رامز محافظ البنك المركزي في تصريحات لمصراوي يوم الخميس الماضي أن حصيلة 6 أيام من بيع الشهادات تجاوزت 39.5 مليار جنيه، لتصبح أكبر عملية تمويل في وقت قصير للجهاز المصرفي المصري.
وكان البنك المركزي أعلن يوم الخميس قبل الماضي طرح شهادات قناة السويس فئات 10 و 100 و 1000 جنيه ومضاعفتها، نظير عائد سنوي يبلغ 12 بالمئة، مع استرداد أصل المبلغ بعد 5 سنوات.
ومع تجاوز الحصيلة نصف المبلغ المطلوب وهو 60 مليار جنيه لتمويل مشروع القناة الجديدة، برزت عدة ملاحظات وعلامات استفاهم حول مبيعات شهادات القناة.
أرقام حول الحصيلة
بدأت 4 بنوك حكومية هي الأهلي ومصر والقاهرة وقناة السويس في بيع شهادات استثمار قاة السويس يوم الخميس قبل الماضي، قل أن تلحق بها كافة البنوك العاملة في مصر.
وسجلت مبيعات شهادات الاستثمار رقما قياسيا – بحسب وصف هشام رامز محافظ البنك المركزي -، بعد ان تعدت الحصيلة خلال الأيام الستة 39.5 مليار جنيه.
وبحسب محافظ البنك المركزي في تصريحاته اليومية لمصراوي عن الحصيلة اليومية لبيع شهادات الاستثمار، فقد سجلت في اليوم الأول 6 مليارات جنيه، والثاني 8.5 مليار جنيه، والثالث 5.5 مليار جنيه، والرابع 8 مليارات جنيه، والخامس 5.5 مليار جنيه، بينما كان يوم الخميس الماضي 6 مليارات جنيه.
وبتحليل الأرقام، فإن حصيلة 6 أيام من بيع شهادات استثمار قناة السويس تساوي أكثر من السيولة السوقية في البورصة المصرية خلال شهري أغسطس ويوليو مجتمعين، اللذان سجلت خلالهما نحو 38.9 مليار جنيه.
وعملت البنوك 9 ساعات يوميا (من 9 صباحا حتى 6 مساءً) خلال 6 أيام، لتسجل ساعات بيع الشهادات 54 ساعة عمل، تم خلالها بيع بقيمة 39.5 مليار جنيه.
وتعني حصيلة الأيام الستة لبيع شهادات قناة السويس أن متوسط قيمة البيع بلغت 731 مليون جنيه في الساعة الواحدة.
ارتفاع بدعم الشركات والحكومة؟
لم تكن حصيلة بيع شهادات قناة السويس نتيجة مشتريات الأفراد العاديين فحسب، وإنما ساهم في ارتفاع القيمة مشتريات مؤسسات ورجال أعمال وجهات حكومية.
فقد أعلنت عدد من الشركات الخاصة ورجال الأعمال والمؤسسات الحكومية شراء شهادات في مشروع قناة السويس الجديدة.
وبجانب الشركات الخاصة، قامت عدة جهات حكومية بشراء شهادات استثمار القناة، حيث أعلن صندوق العاملين بالأزهر الشريف شراء شهادات بقيمة 250 مليون جنيه، بناءً على توجيهات شيخ الأزهر لدعم المشروع.
كما أعلنت الشركة المصرية للتأمين التكافلي – التي يشرف على استثماراتها الهيئة العامة للرقابة المالية – شراء شهادات بقيمة 30 مليون جنيه.
وأعلن هشام رامز محافظ البنك المركزي في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء أن نصيب المؤسسات من عمليات الشراء يصل إلى 10 بالمئة من الحصيلة النهائية حتى الآن.
خسائر بيع الشهادات!
خسر رأس المال السوقي للأسهم المقيدة في البورصة المصرية نحو 12.7 مليار جنيه خلال الأسبوع الماضي.
وقال إيهاب سعيد خبير سوق مال وعضو مجلس إدارة شركة أصول لتداول الأوراق المالية، إنه بدا واضحاً بداية تأثر السوق سلبياً بداية من جلسة الاثنين الماضي من حجم الاقبال الكبير على الاكتتاب في طرح شهادات استثمار قناة السويس لتحقق ما يقارب الـ39 مليار جنيه فى ستة ايام فقط أي اكثر من نصف المبلغ المطلوب والبالغ حوالى 60 مليار جنيه''.
وأضاف في سياق تحليل أرسله لمصراوي: ''أن شهادات استثمار القناه تعد بديلاً استثمارياً قد يفضله البعض نظراً لانعدام مخاطرة أمام معدل عائد مرتفع نسبياً بالمقارنة مع أدوات الاستثمار الأخرى خلال الفترة الحالية، وقد يخطئ البعض حين يتصور أن التأثير يقتصر فقط على اختلاف سلوك مستثمر البورصة عن سلوك مستثمر العائد الثابت ولكن ما يجب ملاحظته أن التأثير اعمق واهم من ذلك بكثير.
وتابع ''فحين يتم سحب مبلغ 60 مليار جنيه من المعروض النقدي في فترة وجيزة من الطبيعي أن تتفاعل البورصة مع هذا الأمر بشكل سلبي باعتبارها تتعامل مع التوقعات المستقبلية والتي تشير إلى انخفاض السيولة خلال الفترة القادمة، كما يحدث مع رفع أو خفض اسعار الفائدة فحين يرتفع عرض النقود في الدولة فغالباَ ما يكون هذا الخبر ايجابياً للبورصة، لأن الارتفاع ينتج عنه تحول جزء من هذا المعروض للسوق، ولكن حين ينخفض المعروض النقدي فالبورصة تتأثر سلباَ نظرا للتوقعات باحتمال تخارج جزء من السيولة خارج السوق.
البنوك تستغل الموقف؟
كان لطرح شهادات قناة السويس الجديدة بعائد مرتفع نسبيا مقارنة بالمتاح في المصارف المصرية أثره المتوقع منطقيا على الودائع في البنوك.
فالبنوك تمنح لمثل هذه الفئة من شهادات الاستثمار (5 سنوات) عائد لا يزيد على 9.5 بالمئة سنويا، في حين يرتفع العائد على شهادان القناة إلى 11 بالمئة.
ومع ارتفاع العائد الحكومي على الشهادات، قامت البنوك بطلب مزيد من الفوائد على أذون وندات الخزانة التي تشتريها من الحكومة ممثلة في البنك المركزي ووزارة المالية.
ولوحظ خلال الأسبوع الماضي ارتفاع العائد على أذون وسندات الخزانة التي غالبا ما يقوم بشرائها البنوك العاملة في مصر.
وتعدى العائد على أذون الخزانة لآجل 182 يوم نحو 12.16 بالمئة في المتوسط، مقارنة بعائد بلغ 12.09 بالمئة قبل أسبوع.
كما ارتفع العائد على أذو خزانة آجل 357 يوما نحو 12.476 بالمئة، مقارنة بتوسط عائد بلغ 12.407 بالمئة.
ضغط على الموازنة العامة
من المقرر أن تقترض الحكومة 60 مليار جنيه من مشتري شهادات استثمار قناة السويس لتمنحهم عائد سنوي يبلغ 12 بالمئة، مع إمكانية استرداد أصل المبلغ بعد عام واحد، على أن يتم السداد بعد مرور 5 أعوام على الشراء.
وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قراراً بقانون بشأن شهادات استثمار وتنمية قناة السويس"، نص على أن "تعهد هيئة قناة السويس – بضمان وزارة المالية – إلى كل من البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، وبنك القاهرة، وبنك قناة السويس، بإصدار شهادات استثمار متعددة الفئات، تستغل حصيلتها في تمويل تطوير وتنمية قناة السويس."
وأضاف البيان أن المادة الأولى من القرار تضمن أيضاً أن يتم إيداع حصيلة تلك الشهادات في حساب الهيئة لدى البنك المركزي المصري، على أن يتم الخصم على هذا الحساب، في حالات الاسترداد، وصرف العائد، والاستحقاق.
ومع ملاحظة أن هيئة قناة السويس ستكون المعنية بالحصول على قيمة بيع الشهادات، وسداد العائد السنوي وقيمة الاسترداد النهائي، إلا أن الموازنة العامة للدولة سوف تتأثر سلبا.
فهيئة قناة السويس والتي تعد من أبرز مصادر الدخل الأجنبي المصري، ستخفض مساهمتها في تمويل الموازنة العامة، لسداد الفوائد الدورية وقيمة الاسترداد لشهادات القناة، ما سيخفض من موارد الموازنة العامة للدولة خلال الاعوام المقبلة.
كما أن شهادات قناة السويس مضمونة من قبل وزارة المالية، أي أن أي انخفاض في دخل هيئة قناة السويس قد يؤدي إلى عدم قدرتها على السداد لفوائد أو قيمة شهادات القناة، سيجعل وزارة المالية مطالبة رسميا بالتدخل والسداد.
وكان الخبير الاقتصادي هاني توفيق سبق وهاجم طريقة تمويل مشروع قناة السويس، معتبرا أن قرار التمويل لم يستغرق الدراسة الكافية له.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن الحكومة تسعى لتجميع 60 مليار جنيه من السوق المصري بفائدة كبيرة توازي 12 بالمئة سنويًا (حوالي 7 مليارات جنيه) رغم أنها ليست بحاجة إلى هذه الأموال الآن.
وأضاف الخبير الاقتصادي: " أن احتياجات الحكومة ليست في نفس اللحظة، وكان لابد أن يتم عمل دراسة جدوى مالية لتحديد موعد الاحتياجات المالية وسعر الفائدة التي يمكننا أن نتحملها".
فيديو قد يعجبك: