الدولار يستقبل المؤتمر الاقتصادي بسعر متوازن في السوقين الرسمي والموازي
القاهرة - (أ ش أ):
يستقبل السوق الرسمي والموازي "السوداء" للعملة المؤتمر الاقتصادي "مصر المستقبل"، والمقرر عقده بمدينة شرم الشيخ بعد غد الجمعة ولمدة ثلاثة أيام بسعر صرف متوازن للدولار، وذلك بعد سلسلة من الإجراءات التي وصفها المراقبون الاقتصاديون بالناجحة للسيطرة على السوق السوداء بعد أن شهدت نموًا متزايدًا في السنوات الأخيرة.
فبعد أن حقق الدولار مكاسب في الأيام السابقة وصلت إلى 45 قرشًا، وسجل سعر صرف الدولار قبل بداية تخلي المركزى عن الجنيه 7.15 جنيه للشراء و7.1801 جنيه للبيع حتى يوم 18 يناير الماضي، ويبلغ حاليًا سعر صرف الدولار 7.63جنيه للشراء، و7.6301 جنيه للبيع.
ويؤكد الدكتور محمد عبدالعزيز حجازي أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية - في تصريحات لـ أ ش أ - أن الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي لمواجهة السوق الموازية جيدة لخلق سعر صرف للدولار متوازن بما يؤدى إلى إعادة ثقة المستثمر الأجنبي للسوق المصري، كما تشجع المواطنين وأصحاب الشركات والمستثمرين إلى بيع ما لديهم من الدولار للبنوك.
وشدد على ضرورة نجاح المؤتمر الاقتصادي، لما فيه من فرص لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر، متمنيًا في الوقت نفسه نجاح المؤتمر خارج المنطقة العربية لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر، معللًا ذلك بأن هناك دولًا عربية وقفت ولاتزال تقف بجانب مصر "كالإمارات والسعودية والكويت"، ومن ثم فمصر تحتاج إلى استثمارات أخرى خارجية.
وفي تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أبرز عدد من رجال البنوك العاملة في مصر والمشاركة في المؤتمر الاقتصادي كرعاة رسميين الإيجابيات من قرارات البنك المركزي الأخيرة، مثل تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، الأمر الذي يساهم في تحسين ميزان المدفوعات، ومساواة سعر صرف الدولار في السوق الرسمي بالسوق الموازية.
وأوضحوا أن انخفاض قيمة العملة المحلية يجعل الدولة جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية على المدى البعيد، كما يجعل البضائع المصرية أكثر جاذبية وهو ما يزيد من حجم الصادرات، ويساهم أيضًا في تقليل حجم المضاربات بالسوق الموازية نتيجة انخفاض الفجوة بينها وبين السوق الرسمية، وذلك تزامنًا مع الإصلاحات التشريعية التي تجريها الدولة بالقوانين الاستثمارية.
ولفتوا إلى أن قرار خفض قيمة العملة جاء بعد انخفاض أسعار الفائدة للإيداع والإقراض إلى 8.75 بالمئة و9.75 بالمئة، الأمر الذي يعطي مؤشرات قوية للعالم بتعافي الاقتصاد المصري وتوفير التمويل للمشروعات الاستثمارية بفائدة مخفضة.
ونوهوا إلى أن البنوك تعاني من أزمة في توظيف سيولتها خاصة بالعملة المحلية خلال الثلاث سنوات الماضية، مع تراجع عمليات الإقراض بشكل كبير مقابل استمرار تدفق الودائع عليها والتي تزيد على 200 مليار جنيه سنويًا، ولم يتبق للبنوك بخلاف أدوات الدين سوى توجيه سيولتها لأدوات البنك المركزي لاستثمارها سواء كانت آلية الودائع أو الكوريدور، ومن ثم يأتي المؤتمر الاقتصادي كفرصة للمشاركة في تمويل المشروعات القومية التي تتبناها الدولة.
وبلغ إجمالى مبيعات الدولار للبنوك 250 مليون دولار في أول 5 أيام عمل بعد قرار المركزي بتحديد سقف للإيداعات الدولارية بقيمة 10 آلاف دولار للأفراد، و50 ألف دولار في الشهر للسيطرة على سعر العملة الأمريكية في السوق الموازي، حيث اخترقت حاجز الـ 8 جنيهات للدولار.
كما قفزت التدفقات اليومية للدولار في البنوك لتتراوح بين 45 و50 مليون دولار، مقابل 3 ملايين دولار قبل القرار، مما يعد بمثابة طفرة غير مسبوقة في حجم التدفقات الدولارية للقطاع المصرفي.
كما أن زيادة عدد عطاءات الدولار التي يطرحها البنك المركزي أسبوعيًا إلى 4 عطاءات بدلًا من 3 عطاءات لزيادة المعروض من العملة الأجنبية والسيطرة على السوق السوداء.
واستخدم البنك المركزي إعادة تفعيل آلية تداول العملة الصعبة بين البنوك من خلال ما يطلق عليه (الإنتربنك الدولاري)، حيث قام البنك المركزي بضخ 420 مليون دولار من خلال سوق الإنتربنك الدولاري الذي تم تفعيله بعد عامين من التوقف، ليغلق بذلك قوائم الانتظار لدى البنوك، لتلبية الاحتياجات من السلع الاستراتيجية.
ومن جهته، أشاد الدكتور بلال خليل نائب رئيس شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية - في تصريحات سابقة للوكالة - بالإجراءات الأخيرة للبنك المركزي للسيطرة على السوق السوداء، مشيرًا إلى الخطوة التي اتخذها المركزي بضخ 10 أضعاف العطاء الذي يقدمه للبنوك بصفة مستمرة، وذلك في خطوة منه للانتهاء من قوائم الانتظار من المستوردين.
وأوضح أن شركات الصرافة لم تتأثر بالقرارات الأخيرة، لأن العميل أصبح لديه اليوم قناتان شرعيتان لبيع الدولار "البنوك وشركات الصرافة"، وبالتالي فإن الهدف من إجراءات المركزي القضاء على السوق السوداء، حسب قوله.
واستغل المضاربون في سوق الصرف انشغال الدولة بترتيب البيت من الداخل نتيجة تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد ثورة 25 يناير و"30 يونيو"، في المضاربة على العملة الخضراء، والتي تسببت تجاوزاتهم في حالة من عدم الاستقرار في سوق الصرف واستمرار خسائر العملة المصرية مقابل الدولار الأمريكي.
كما استغلوا في ذلك إعلان الحكومة ممثلة في البنك المركزي التزامها بسداد الأقساط والديون الخارجية في مواعيدها دون تأجيل أو تأخير، مثل الوديعة القطرية والذي يتبقى منها جزء ضئيل سيتم سداده في الربع الأخير من العام الجاري، وقسط نادى باريس، وذلك لتعطيش السوق لصالحهم.
ويعد المؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد بعد غد أحد المعالم الرئيسية للخطة التي وضعتها الحكومة والخاصة بالتنمية الاقتصادية متوسطة الأجل، ويهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطن المصري من خلال الإصلاحات المستقبلية الرامية إلى استعادة الاستقرار الاقتصادى ودفع عجلة النمو وجذب الاستثمار.
وكان هشام رامز محافظ البنك المركزي قد تعهد - في تصريحات له خلال زيارته لإحدى الدول العربية - بالقضاء على السوق السوداء عبر إجراءات رسمية تتخذها البنوك المركزية في العالم، مشيرًا إلى أن مدخري الدولار لتبديله بالسوق السوداء لن ينفعهم ذلك مع مرور الوقت.
فيديو قد يعجبك: