أزمات الصناعة مع البنوك "عرض مستمر".. والمصارف تنفي
كتب - مصطفى عيد:
أعادت تصريحات محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية بشأن انتقاد البنك المركزي المصري وسياسات القطاع المصرفي تجاه الصناعة أزمة قطاع الصناعة مع البنوك إلى السطح بعد أن كانت خامدة نوعًا ما خلال الفترة الماضية.
ومثل القرار الخاص بوضع حد أدنى للإيداع بالدولار في البنوك والذي اتخذه هشام رامز محافظ البنك المركزي في فبراير الماضي أحدث وأبرز المشكلات التي نشبت بين القطاعين بالإضافة إلى مشكلة المصانع المتعثرة، في الوقت الذي تنفي فيه البنوك بصفة مستمرة وجود أي مشكلات متعلقة بالقطاع الصناعي.
ومن جانبه، قال محمد البهي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات إن قطاع الصناعة يعاني من عدة مشكلات مع القطاع المصرفي في مصر خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مصراوي أن آخر هذه المشكلات وأوضحها قرار محافظ البنك المركزي بوضع حد أقصى للإيداع بالعملات الأجنبية بقيمة 50 ألف دولار شهريًا، وهو ما أثر على صادرات الصناعة خلال الفترة الأخيرة كما أثر على الإنتاج بسبب عدم استطاعة المصانع الحصول على مستلزمات الإنتاج اللازمة للمحافظة على الإنتاج في الفترة الأخيرة.
وشدد البهي على أنه كان لابد من التفرقة عند إصدار هذا القرار بين الشركات وبين الأشخاص، وأن لا يصح أن يزيد الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى الجهاز المصرفي على حساب الصناعات، فهناك مصانع حديد على سبيل المثال تحتاج إلى مليارات الدولارات لتدبير احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج.
وأوقف قرار المركزي الطريقة التي كان يعتمد عليها بعض المستوردين والمصنعيين لسداد مستحقات صفقات واردات السلع ومستلزمات الإنتاج للمصدرين بالخارج، حيث كانوا يعتمدون على شراء الدولار من السوق السوداء وإيداعه في حساباتهم وسداد المستحقات، وهو ما كان يحدث رواجًا لدى السوق السوداء للدولار ويؤدي إلى ارتفاع سعره وبالتالي زيادة أسعار المنتجات، ووجود سعرين للدولار في مصر بما يقلق بعض المستثمرين.
واعتمد المركزي في قراره على أن البديل عن توقف بيع الدولار في السوق السوداء التي كان يعتمد عليها الكثير من المستوردين هو بيعها في البنوك بما يزيد من الحصيلة الرسمية للدولار وبالتالي توفيره بطريقة رسمية للمستوردين والصناع، ولكن مستوردين قالوا إن البنوك لم توفر لهم احتياجاتهم بعد القرار بما أثر على حركة الاستيراد.
وحدثت في الفترة الأخيرة انفراجة بتوفير بعض احتياجات الدولار للمستوردين والصناع خاصة المتعلقة باستيراد بعض السلع الأساسية، ولكن رغم ذلك مازالت - على ما يبدو - هناك مشكلات في الاستيراد وسداد المستحقات بما وصفه بعض المستوردين بأنه يؤثر على سمعتهم وسمعة مصر لدى الشركات العالمية التي تقوم بالتصدير له.
وأشار البهي إلى أن ثاني هذه المشكلات هي معدلات الفائدة التي يتم بها إقراض القطاع الصناعي، حيث يجب أن يتم تميز هذا القطاع في أسعار الفائدة بسبب مروره بالظروف التي حدثت في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، بالإضافة إلى ضرورة مساعدة البنوك في حل مشكلات المصانع المتعثرة التي وصلت نسبتها إلى 20 بالمئة من إجمالي المصانع في مصر.
ولفت إلى أن الخطاب الإعلامي الذي تصدره البنوك بأنها مستعدة لتمويل أية مشروعات والعمل على حل مشكلة العملاء المتعثرين لا يتم تطبيقه على أرض الواقع، وأن كل مستثمر يتعثر "يموت" ولا يستطيع استعادة عافيته مرة أخرى.
وقال البهي إن هناك سياسات مالية ونقدية عقيمة منذ عشرات السنين ومحافظ البنك المركزي الحالي ليس السبب فيها ولكنها سياسات متوارثة ويجب تغييرها في أقرب وقت، منبهًا إلى أن البنوك تطلب ضمانات عينية لتمويل أية مشروعات وتفضل تمويل المشروعات الكبيرة عن المتوسطة والصغيرة التي تراها أكثر مخاطرة.
وأضاف أنه تم رفع مدة حظر تعامل البنوك مع العميل الذي يتعثر ويقوم بجدولة ديونه إلى 5 سنوات، وبعدها يتم ترك الأمر للبنوك إذا أرادت التعامل معه مرة أخرى أم لا وهو ما لا يحدث في أي دولة في العالم، مشددًا على أن كثير من المليارات الموجودة في البنوك جاءت من القطاع الصناعي في أوقات ازدهاره، وأنه لا أحد يتعثر بإرادته.
وأشار البهي إلى أنه في الخارج يتم التعامل مع تمويل المشروع على أساس فرص نجاحه في السوق المحلي أو التصدير بغض النظر عن تعثر المستثمر الذي يقوم به من قبل، منوهًا إلى أن التعثر في مصر نتج عن أزمات متتالية، وأن السياسة المصرفية لها دور في التعثر في رفع سعر الدولار أمام الجنيه في السنوات الأخيرة وهو ما زاد من تكلفة القروض الدولارية لدى بعض العملاء.
وأوضح أن بعض المسؤولين مازالوا يضعون أيديهم في نفس صندوق الحلول، والخروج بنفس الحلول والسياسات التي أثبتت فشلها، وأنه لابد من التفكير في حلول من خارج الصندوق إذا أردت مصر توفير مناخ جاذب للاستثمار خاصة بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي.
وقامت مصر بالعديد من الإجراءات خلال الشهور الماضية لتهيئة مناخ جاذب للاستثمار من ضمنها إصلاحات تشريعية وهيكلية، والقيام بمشروعات كبرى، وعقد مؤتمر اقتصادي دولي لعرض الفرص الاستثمارية وتقديم مصر بشكل جديد، وأعلنت البنوك في عدة مناسبات في الفترة الأخيرة جاهزيتها لتمويل أية فرصة استثمارية جادة مهما كان حجمها.
لا مشاكل مع الصناعة
ومن ناحيته، نفى محمد طه مصطفى نائب رئيس بنك القاهرة وجود أية مشكلات بين قطاع الصناعة والبنوك العاملة في مصر، مؤكدًا أن البنوك تعمل على مساعدة المتعثرين من الصناع طالما يقدم دراسات جديدة يوضح من خلالها طريقة مناسبة لجدولة ديونه.
وقال مصطفى خلال اتصال هاتفي مع مصراوي إن لابد من أن تقوم بالدراسات الائتمانية الخاصة بها لتمويل أي مشروع للتأكد من جدواه لأن الأموال التي يتم إقراضها هو أموال مودعين وفي الوقت الذي تعمل فيه البنوك على تنشيط الاقتصاد القومي لابد أن تحافظ على هذه الأموال.
وأضاف أن المبادرات التي تتعلق بخروج العملاء من قطاع الصناعة من التعثر موجودة لدى البنوك ولكن بشكل فردي، وما على العميل إلا أن يقدم دراسة جديدة لكيفية الخروج من التعثر وجدولة الديون والبنك يقف معه فالبنك شريك العميل.
ونوه مصطفى إلى ضرورة أن تأتي أي مبادرة جماعية في هذا الشأن من البنك المركزي كما حدث مع قطاع السياحة، ولكن قطاع الصناعة لم تظهر به مشكلات تؤكد أنه تضرر بشكل جماعي من أزمة معينة مثلما حدث مع السياحة وبالتالي لم تخرج مبادرة جماعية من البنك المركزي.
وبخصوص قرار الحد الأقصى للإيداع، قال مصطفى إن البنوك تقوم بتوفير الدولار بأي قيمة يحتاجها العميل لاستيراد مستلزمات الإنتاج، ولكن كل ما في الأمر هو أن العميل ينتظر فترة تصل إلى نحو 3 أيام لتوفير المبالغ التي يريدها وهو أمر ليس صعبًا بالنسبة له.
السويدي يفتح النار
وكان المهندس محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية، انتقد هشام رامز محافظ البنك المركزي لما وصفه برفضه الاستجابة لمطالب اتحاد الصناعات المصرية بعقد اجتماع لبحث مشكلات الصناعة مع الجهاز المصرفي، وفتح السويدي النار على سياسات البنك مطالبًا بتغيير التوجهات الحالية لسياسة القطاع المصرفي في دعم نشاط الصناعة.
وقال السويدي، خلال برنامج إذاعي يوم الأحد الماضي، إن قطاع الصناعة يعاني من مشكلات كبرى أهمها أزمة التمويل بالتعاون مع الجهاز المصرفي، مشيرًا إلى قيام اتحاد الصناعات بمخاطبة البنك المركزي خلال الفترة الماضية لعقد اجتماعات عاجلة لبحث دعم الصناعة وحل أزمة المصانع المتعثرة ولم يتم الاستجابة لذلك من قبل البنك.
وأضاف أن الجهاز المصرفي بحاجة إلى إعادة النظر في قوانين الإقراض خلال الفترة الحالية لدعم الأنشطة التنموية بالدولة وفي مقدمتها قطاع الصناعة.
وانتقد السويدي، سياسات البنوك في التعامل مع المصانع المتعثرة داخل الدولة، مؤكدًا أن العديد من البنوك تعمدت تتبع سياسة التعنت مع المصانع وكأنها غير مدركة لحلة التردي الاقتصادي الذي أثر سلبيًا على أعمال المصانع خلال فترة الركود التي مرت بها الدولة عقب الثورة - على حد وصفه.
فيديو قد يعجبك: