كيف واجهت التموين اشتعال الأسعار في عهد حكومتي محلب والببلاوي ؟
كتب - مصطفى عيد:
شهدت أسعار بعض أنواع الخضر والفاكهة ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأسابيع الماضية مما استدعى المهندس إبراهيم محلب بتوجيه الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية بالعمل على تخفيض الأسعار ومواجهة ما ووصفه بجشع التجار.
وأعادت مشكلة ارتفاع الأسعار إلى الأذهان نفس الأزمة التي حدثت في سبتمبر 2013 حيث كان يتولى الدكتور محمد أبو شادي وزارة التموين في حكومة الدكتور حازم الببلاوي وقتها، والفارق في سياسات الوزيرين الحالي والسابق لمشكلة ارتفاع الأسعار.
أبو شادي والأسعار الاسترشادية
واعتمد أبو شادي في مواجهة هذه المشكلة بوضع أسعار استرشادية للخضر والفاكهة تتغير كل أسبوعيًا عن طريق لجنة مشكلة من ممثلين عن كافة أطراف المنظومة، كما شدد على ضرورة إلزام كل تجار تجزئة بوضع الأسعار على السلع المباعة، مهددًا أنه في حالة عدم الالتزام بهذه الأسعار الاسترشادية سيتم تطبيق الأسعار الإجبارية حسب القانون.
وأضاف الوزير وقتها أن الأسعار الاسترشادية للخضر والفاكهة ستحدد هوامش ربح معقولة لتجار الجملة والتجزئة، وتصل بالسعر النهائي للسلعة إلى ما يناسب جموع المواطنين دون مغالاة.
واعتمد أبو شادي إلى جانب آلية الأسعار الاسترشادية على تكثيف المعروض من الخضر والفاكهة بالمجمعات الاستهلاكية، وفروع الاتحاد التعاوني، ومنافذ وزارة الزراعة، والسيارات المتنقلة لزيادة المعروض بهدف خفض الأسعار، وهو الأمر الذي اشترك فيه مع خالد حنفي الوزير الحالي.
واستمر تطبيق الأسعار الاسترشادية للخضر والفاكهة حتى تم تغيير أبو شادي في فبراير 2014 مع تقديم حكومة حازم الببلاوي استقالتها، وفي أول مؤتمر صحفي لحنفي بعد اختياره وزيرًا للتموين أعلن أنه لن يعمل بآلية وضع أسعار استرشادية للخضر والفاكهة، وأنه لا يوجد شخص قادر على وضع تسعيرة لأي سلعة وتطبيقها لأنه بذلك يخلق سوقًا سوداء لهذه السلعة ووجود عمليات فساد بها.
خالد حنفي
واعتمد حنفي في سياسته للحفاظ على استقرار الأسعار خلال الفترة التي قضاها في وزارته على عدة محاور منها الاتفاق مع كبار التجار وسلاسل التجار على تقديم السلع بأسعار مخفضة، بالإضافة إلى طرح كميات كبيرة من السلع في المجمعات الاستهلاكية مع وضع عروض تخفيض عليها بين الحين والآخر.
كما عمل الوزير على استغلال منافذ شركة الجملة والشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية والتي انتقلت تبعيتها لوزارة التموين في عهده لتوفير السلع في هذه المنافذ بأسعار مخفضة، بالإضافة إلى تنظيم عدد من المعارض على مدار العام يتم خلالها طرح السلع بأسعار مخفضة عن الأسواق.
وساعد الوزير استقرار الأسعار خلال فترة كبيرة من عهده انخفاض أسعار الغذاء عالميًا، بالإضافة إلى احتواء الحكومة لآثار زيادة أسعار الوقود في العام الماضي.
الأزمة الأخيرة
وقبل أن يوجه محلب وزير التموين بالعمل على تخفيض الأسعار بأيام قليلة بعد شكاوى المواطنين بارتفاع أسعار بعض أنواع الخضر بشكل مبالغ فيه وعلى رأسها الطماطم والبامية، صرح الوزير بأن أسعار أغلب السلع الغذائية في مصر مستقرة ولكن ارتفاع تكاليف المعيشة للمواطن لا يجعله يشعر بها.
وأضاف أن المواطن يحتاج إلى أن ينعم بدخل أكبر حتى يستطيع أن يعيش بشكل أفضل وهو أمر يتطلب إنتاج واستثمار أكبر، وعلاج المشكلة يكمن في خلق فرص عمل حقيقية تعمل على إنتاج حقيقي واستثمار حقيقي.
فيما رد عليه خبراء بأن تصريحاته تعتبر إنكارًا للمشكلة، وتوجيه اتهام لأعضاء آخرين بالحكومة التي يعمل بها لأنها هي أيضًا مسؤولة عن انخفاض الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة.
وقرر حنفي يوم الخميس الماضي خفض أسعار الخضر والفاكهة بنسب تتراوح من 20 إلى 25 بالمئة عن الأسواق بكافة فروع المجمعات الاستهلاكية وشركتي الجملة ومنافذ شركات القابضة للصناعات الغذائية، كما أعلن أنه سيعقد اجتماعًا مع أصحاب السلاسل التجارية والسوبر ماركت الكبرى، بهدف بحث تثبيت وخفض أسعار عدد كبير من السلع الغذائية الأساسية.
وأكد أنه سيم تكثيف الرقابة على الأسواق من قبل مفتشي ومباحث التموين وأعضاء جهاز حماية المستهلك، وذلك لضبط الأسواق ومواجهة المحتكرين للسلع والخضر والفاكهة والبيع بأسعار مغالاة فيها.
كما أعلن يوم الأحد أن المجمعات الاستهلاكية تقوم حاليًا بتسير أسطول من السيارات المتنقلة المبردة التي تحمل أطنانًا من السلع الغذائية والخضر والفاكهة بأسعار مخفضة بنسبة تصل إلى 25 بالمئة عن الأسواق، وذلك في كافة الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية لتوفير احتياجات المواطنين من السلع.
وأشارت وزارة التموين يوم السبت الماضي إلى بدء انخفاض أسعار الخضروات والفاكهة في الأسواق، مؤكدةً أنها سوف تعود تدريجيًا إلى مستوياتها الطبيعية خلال الأيام المقبلة وذلك نتيجة بدء طرح المحصول الجديد من الخضر والفاكهة.
زيادة الإنتاج ومحاربة الاحتكار
ومن جانبه، قال الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إن كلا الطريقتين التي تعامل بهما وزيرا التموين الحالي والسابق حنفي وأبو شادي لا تؤدي إلى انخفاض الأسعار، مؤكدًا أنه دون زيادة حقيقية في الإنتاج وتوفير مناخ جيد للمنافسة والقضاء على الاحتكارات لن يكون هناك انخفاضًا للأسعار.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مصراوي أن من ضمن الآليات التي تساعد في تخفيض الأسعار الإكثار من إنشاء الأسواق المنتظمة مثل سوق العبور وغيره، بالإضافة إلى تحديد هامش ربح معين للتاجر عند ملاحظة أي أسعار مبالغ فيها، وهو ما يختلف عن تحديد أسعار استرشادية أو جبرية للسلع.
وأوضح الدسوقي أن تحديد هامش ربح معين يقوم على تحديد نسبة ربح معينة للتجار من أصل التكلفة دون تحديد سعر معين للسلعة سواء كان استرشاديًا أو جبريًا، منوهًا إلى أن تحديد سعر جبري لن يجدي ومن الصعب تطبيقه، وأثبتت الأسعار الاسترشادية وقت أبو شادي عدم تأثر الأسواق بها.
فيديو قد يعجبك: