كيف تغيرت النظرة الدولية للاقتصاد المصري في أول عام للسيسي ؟
كيف تغيرت النظرة الدولية للاقتصاد المصري في أول عام للسيسي ؟
تقرير - أحمد عمار:
تحولت نظرة المؤسسات الدولية على الاقتصاد المصري خلال أول عام لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الإيجابية، حيث أكدوا على استقرار الأوضاع السياسية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات النمو وتحسن النظرة للاقتصاد المصري.
وتعد النظرة الإيجابية لتلك المؤسسات ذات أهمية كبرى لمصر، حيث تساعد الحكومة على جذب المزيد من الاستثمارات لتحسين الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
وكان هاني قدري دميان وزير المالية، قال إن رفع درجات التقييم للاقتصاد المصري يعتبر في غاية الأهمية لخفض تكلفة التمويل للاقتصاد المصري، ويستتبعها رفع درجات تقييم البنوك والمؤسسات المصرية مما يتيح فرص أفضل للتمويل وبتكلفة أقل، كما يساهم في تشجيع المؤسسات المالية الدولية والإقليمية على تقديم مزيد من التمويل للاقتصاد المصري.
ومن أبرز التقييمات الإيجابية:
''موديز''
قامت مؤسسة موديز الدولية برفع درجة التصنيف الائتماني لمصر بدرجة واحدة للاقتراض طويل الأجل بكل من العملتين الأجنبية والمحلية، ليصل كل منهما الى درجة "B3" وذلك مع الإبقاء النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري عند "مستقر".
ورفعت تصنيف السندات المصرية بالعملات الأجنبية إلى ''B2'' من ''B3''، وتصنيف سقف الودائع بالعملة الأجنبية إلى ''Caa1'' من ''Caa2''.
وبحسب المالية، يعد هذا التقييم الإيجابي هو الأول من نوعه منذ أن بدأت مؤسسة التصنيف السيادي لمصر في 1997، خاصة بعد قيامها بخفض التصنيف لخمس مرات متتالية منذ يناير 2011.
وأرجعت المؤسسة هذا القرار إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، وتوقعاتها باستمرار تحقق الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى المتوسط.
وتوقعت المؤسسة أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي خلال العام المالي الجاري (2014 - 2015) إلى 4.5 بالمئة، وبحيث يرتفع إلى نحو ما بين 5 و6 بالمئة خلال السنوات الأربع القادمة، وذلك أخذاً في الاعتبار استمرار معدلات الاستقرار السياسي والتحسن في مناخ الاستثمار مما يؤدي إلى زيادة معدلات الاستثمار.
وأوضحت أن توقعات زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية تأتي أيضًا على خلفية نتائج مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري وبما في ذلك المساندة المعلنة من دول الخليج، بالإضافة إلى ما تم إعلانه من توقيع استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 38 مليار دولار مما يقلل من المخاطر التي يواجهها ميزان المدفوعات.
وأشادت موديز في تقييمها، بالالتزام الذي أظهرته الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المالية، متوقعة قيام الحكومة باستكمال الإصلاحات المالية والاقتصادية للسيطرة على التزايد في الإنفاق العام وزيادة موارد الدولة مثل الانتقال إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلاً من ضريبة المبيعات، وبما تسهم هذه الإصلاحات في خفض تدريجي في عجز الموازنة العامة.
وقدرت المؤسسة انخفاض عجز الموازنة إلى 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري، وانخفاض الدين العام إلى أقل من 90 بالمئة من الناتج.
وحذرت المؤسسة أنه يمكن يحدث خفض درجات التقييم في المستقبل، في حال حدوث أي تراجع قد يحدث في الاستقرار الأمني أو السياسي، أو تدهور ميزان المدفوعات، أو التراجع عن استكمال برنامج الإصلاحات المالية والاقتصادية وهو ما من شأنه زيادة تكلفة الاقتراض للحكومة.
''فيتش''
قامت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني، برفع درجة التصنيف الائتماني لمصر بدرجة واحدة للاقتراض طويل الأجل بكل من العملتين الأجنبية والمحلية، ليصل كل منهما إلى درجة "B" وذلك مع إبقاء النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري عند "مستقر".
وأرجعت المؤسسة القرار إلى قيام الحكومة بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات المالية والهيكلية والتي من شأنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية، بالإضافة إلى آفاق النمو الكبيرة للاقتصاد المصري على المدى القصير والمتوسط، وتحسن درجة الاستقرار الأمني والسياسي.
وبينت أنها ارتكزت في قرارها على عدد من التطورات الإيجابية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ومنها تبني الحكومة لاستراتيجية واضحة لضبط المالية العامة على المدى المتوسط والتي بدأت بالفعل بتنفيذ إجراءات هيكلية مثل ترشيد دعم الطاقة وتوسيع القاعدة الضريبية، مما أدى إلى تحسن التوقعات لمسار العجز الكلي للموازنة العامة.
وتوقعت أن ينخفض العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 10.2 بالمئة خلال العام المالي الجاري، نزولاً من 12.8 بالمئة خلال العام المالي السابق له، بالإضافة إلى وقف تدهور مؤشرات الدين الحكومي ومعاودة انخفاضه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
كما توقعت المؤسسة أن يحقق الاقتصاد المصري خلال العام المالي الحالي معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 4.2 بالمئة، بالإضافة إلى حدوث تحسن في أداء ميزان المدفوعات خلال العامين القادمين.
وأشار البيان إلى استقرار الأوضاع السياسية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، وهو ما يعبر عن وجود رغبة شعبية في تحقيق الاستقرار بحسب تقدير المؤسسة.
''ستاندرد آند بورز''
أعلنت مؤسسة ستاندرد أند بورز العالمية للتصنيف الائتماني، عن قيامها بتحسين نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى نظرة إيجابية بدلًا من درجة مستقر.
وقالت ستاندرد، ''إن تصنيفها يعكس الانتعاش الاقتصادي التدريجي بمصر مدعومًا بتحسن الاستقرار السياسي وإن كان هشًا''.
ولكن حذرت المؤسسة من أن ''التصنيفات الخاصة بمصر ما زال يضعفها عجز كبير للمالية العامة وارتفاع الدين المحلي وهبوط مستويات الدخل''.
وأكدت على تحسن معدلات النمو الاقتصادي وأهمية الإجراءات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة خاصة في مجال السياسات الضريبية وترشيد دعم الطاقة وتحسين مناخ الاستثمار لتحقيق الاستقرار المالي على المدى المتوسط.
صندوق النقد الدولي
أكد صندوق النقد الدولي في تقرير أصدر المجلس التنفيذي الختامي لمشاورات المادة الرابعة مع الحكومة المصرية، أنه عقب مرور 4 أعوام من حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر، بدأت السلطات المصرية في تنفيذ سياسات جديدة لزيادة النمو وخلق فرص العمل واستعادة استقرار الاقتصاد الكلي.
وقال التقرير إنه لاستعادة الاستقرار الكلي الاقتصادي، تصر السلطات على تصحيح أوضاع المالية العامة بشكل طموح، وذلك بدعم من سياسة نقدية متشددة لاحتواء التضخم.
وأضاف صندوق النقد، أنه من المتوقع أن يصل النمو لـ3.8 بالمئة خلال العام المالي الحالي (2014 - 2015) ليرتفع إلى 5 بالمئة على المدى المتوسط مما سوف يعمل على خلق الوظائف وتقليل البطالة.
وطبقًا للتقرير، فإن ضبط أوضاع المالية العامة سوف يخفض عجز الميزانية لأقل من 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام (2018 - 2019)، وسيعين الدين الحكومي على الانخفاض.
وبين تقرير صندوق النقد، أن عجز الميزانية سيعمل على دعم استهداف تخفيض التضخم لـ7 بالمئة على المدى المتوسط، حيث تهدف السلطات إلى زيادة الاحتياطيات إلى ما يعادل 3 أشهر من الواردات بحلول نهاية (2014 - 2015)، و3 أشهر ونصف من الواردات على المدى المتوسط، على الرغم من أنه ستكون هناك حاجة للتمويل الخارجي لتحقيق هذه الأهداف.
ولكن حذر صندوق النقد الدولي، من أن مصر معرضة للتطورات السلبية الاقتصادية العالمية والمخاطر الأمنية الإقليمية، والصدمات المحلية والأخطاء السياسية، لكن المخاطر المرتفعة أيضًا يمكن أن تجسد التنفيذ الناجح للسياسات وإصلاحات السلطات.
ومن جانبه، وصف مستشار إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد، كريستوفر جارفيز، الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة المصرية مؤخراُ ''بالجيدة''، قائلًا أن تلك الخطوات ستساهم في تحسين وضع الاقتصاد المصري.
وقال مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد ''إن مصر طبقت إصلاحات اقتصادية صعبة وشجاعة، في إشارة إلى برنامج الإصلاحات الذي طبقته بدون مساعدة من الصندوق''.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة
شهدت الاستثمارات الأجنبية خلال أول عام من فترة رئاسة عبد الفتاح السيسي تحسنًا بشكل نسبي، وقد يعود هذا إلى بعض الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها مصر والتقييمات الإيجابية للمؤسسات الدولية عن الاقتصاد المصري.
وكان البنك المركزي المصري أعلن أن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر حقق صافي تدفق للداخل بلغ نحو 2.7 مليار دولار خلال النصف الأول من عام (2014 - 2015) مقابل نحو 2.1 مليار دولار خلال النصف الأول من عام (2013 - 2014).
وأرجع البنك ارتفاع صافي تدفق الاستثمار الأجنبي للداخل لارتفاع صافي التدفق للداخل للاستثمارات الواردة لتأسيس شركات (أو زيادة رؤوس أموالها) ليحقق 1.4 مليار دولار مقابل 1.1 مليار دولار، وكذلك ارتفاع صافي التدفق للداخل للاستثمارات في قطاع البترول ليحقق نحو 1.2 مليار دولار (مقابل نحو 957.8 مليون دولار).
المؤتمر الاقتصادي
ساعد النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري من المؤسسات الدولية، على نجاح المؤتمر الاقتصادي لمصر الذي عقد في شرم الشيخ خلال شهر مارس الماضي، حيث شهد المؤتمر حضورًا جيدًا من رجال الأعمال والمستثمرين.
واستطاعت الحكومة خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل" الذي عقدته على مدار ثلاثة أيام في مارس الماضي بمدينة شرم الشيخ، أن توقع عقود مشروعات، ومذكرات تفاهم مبدئية بشأن أخرى بقيمة تخطت بكثير ما كانت تستهدفه من المؤتمر.
وبلغت إجمالي حصيلة الأموال التي أعلنت خلال المؤتمر - والتي تشمل الاتفاقيات النهائية، ومذكرات التفاهم، والقروض والمنح - بحسب رصد أجراه مصراوي نحو 194 مليار دولار، (ما يعادل 1.480 تريليون جنيه)، منها 60 مليار دولار حصيلة رسمية للاتفاقيات النهائية ومنح المؤسسات الدولية.
إجراءات الحكومة لتحسين الصورة
وقامت الحكومة الثانية للمهندس إبراهيم محلب التي قام بتعيينها الرئيس عبد الفتاح السيسي، على القيام ببعض الإصلاحات الاقتصادية للعمل على تحسين نظرة العالم للاقتصاد المصري.
واتخذت الحكومة العديد من الخطوات من أجل العمل على إعادة دوران عجلة الاقتصاد المصري، والقيام بدعوة صندوق النقد الدولي لإرسال بعثة لتقييم حالة الاقتصاد وإصدار تقرير بشأنه قبل مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد الذي عقد في مارس للترويج للاستثمار في مصر، وتقديم مصر بصورة جديدة تجذب العالم إليها وتثبت جدية الحكومة في الإصلاح الاقتصادي.
واتخذت الحكومة المصرية خلال أول عام من حكم السيسي العديد من القرارات الصعبة اقتصادياً، لمواجهة عجز الموازنة، والتزايد الحاد في الديون، وكان بداية تلك الإجراءات، تخفيض الدعم الموجه إلى الطاقة خلال العام المالي الحالي، وبعض الإجراءات الخاصة بمنظومة الضرائب، وكذلك إصلاحات تشريعية اتخذتها الحكومة لتهيئة مناخ الاستثمار، وكان منها قانون الاستثمار الموحد، بالإضافة إلى إقامة عدد من المشروعات القومية لتشجيع الاستثمار الأجنبي.
فيديو قد يعجبك: