تحليل - سيناريو القضاء على الجوع لن ينتهى ما لم يبدأ بتنمية ذات وجه إنساني
القاهرة - (أ ش أ):
بعيدًا عن السياسة، جدد قادة العالم من منبر الأمم المتحدة تعهداتهم بالقضاء على الفقر المدقع، والجوع، وذلك على مدى جلسات عمل اجتماعات الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حاليًا في نيويورك لمناقشة الأهداف الإنمائية للألفية فيما بعد عام ٢٠١٥ وحتى عام ٢٠٣٠.
وغابت المسلمات التي تؤكد أنه بالإمكان القضاء على الفقر بتنمية ذات وجه إنساني يتم توجيهها لكل شخص في العالم، والعمل على حل المشكلات المتعلقة بالفقر المدقع من منظور الأسرة البشرية الواحدة ما يضمن امتداد الجهود إلى ماهو أبعد من النظم الاقتصادية السائدة.
تعهدات ووعود كثيرة، والموضوع ليس جديد، وسيناريو الفقر لن ينتهي في ظل غياب نموذج مثالي، وواضح لمحاربته..حقائق الفقر يمكن رؤيتها بالعين المجردة، كما كشف تقرير أوكسفام الذي سبق المنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا في يناير الماضي حيث أشار إلى أن 1 بالمئة من سكان العالم يمتلكون نصف ثروات العالم، وأن نصيب الأثرياء ارتفع لأكثر من 44 بالمئة مع توقع لزيادة النسبة إذا استمر هذا الحال حيث إن ثروة عدد قليل لا يتجاوز مائة من أثرياء العالم تعادل ما يملكه أكثر من ثلاثة مليارات شخص.
ويعد هذا الهدف "بإمكاننا القضاء على الفقر" واحدًا من الأهداف الإنمائية التي سيقرها قادة العالم في ختام تلك الدورة، والدعوة " بالعمل معًا من أجل القضاء على الفقر المدقع والجوع" هي ميثاق الشرف الذي ينبغي أن يحترمه الجميع مع الالتزام بتحقيقه فعلى مدى السنوات الماضية حقق العالم الهدف الإنمائي الأول للألفية "مكافحة الفقر" قبل الموعد المستهدف بخمسة أعوام، فانخفضت معدلات الفقر المدقع إلى النصف منذ عام ١٩٩٠، ولكن مازال هناك شخص من بين كل تسعة أشخاص جوعى في كل العالم.
هدف القضاء على الفقر المدقع، والجوع الذي سبق وأن أقره قادة العالم في ذات المحفل في عام ١٩٩٠، تضمن ثلاث غايات هي تخفيض نسبة السكان الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار وربع إلى النصف في الفترة ما بين ١٩٩٠ و٢٠١٥، وتوفير العمالة الكاملة، والمنتجة، والعمل اللائق للجميع بمن فيهن النساء، والشباب، وتخفيض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع إلى النصف في نفس الفترة.
ونجح الهدف بخروج أكثر من مليار شخص من ربقة الفقر المدقع منذ عام ١٩٩٠، وتشير النتائج إلى أنه في عام 1990 عاش ما يقرب من نصف السكان في الأقاليم النامية على أقل من 1.25 دولار يوميًا، انخفض هذا المعدل إلى 14 بالمئة في عام ٢٠١٥، وعلى الصعيد العالمي يعيش أكثر من 800 مليون شخص في فقر مدقع.
وفي عام 2010 كان هناك نحو 21 بالمئة من السكان في الدول النامية يعيشون على 1.25 دولار أو أقل يوميًا نزولًا من 43 بالمئة عام 1990، و52 بالمئة عام 1981، ومع ذلك فإن هدف الحد من الفقر لم يتحقق بعد في كثير من أجزاء أفريقيا وجنوب آسيا، ومازال أكثر من مليار شخص في شتى أرجاء العالم يعيشون في فقر مدقع، وكثيرون غيرهم يعانون الجوع ويتعرضون لصدمات تتعلق بالبيئة أو الأسعار.
وما زال نقص التغذية واحدًا من أخطر تحديات الصحة العامة التي يواجهها العالم، وأقلها من حيث الجهود المبذولة للتصدي لمكافحتها فقرابة ثلث الأطفال في البلدان النامية يعانون نقص الوزن أو التقزم (انخفاض الطول بالنسبة للعمر)، ويرجع ثلث كل وفيات الأطفال إلى نقص التغذية.
القضاء على الفقر المدقع والجوع هو مجرد حلقة غير متناهية لمعادلة الحياة بين من يملك، ومن لا يملك، وبين نزاعات الاقتصاد العالمي والصراعات السياسية والأزمات التي نسمع عنها مثل الديون السيادية، وارتفاع الأسعار، وهبوطها، وركود المشروعات التنموية، والكثير من الأزمات التي أيضًا نرى لها حلولًا كثيرة بدءًا من خطط التقشف، وتغير المناصب الوزارية، ومدراء الصناديق الاستثمارية والشركات المساهمة.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: