"استخدام يوان الصين"..هل يخفف من أزمة الدولار أم يضع مصر في ورطة جديدة؟
تقرير - أحمد عمار:
مع اشتعال أزمة الدولار التي تعصف بمصر، وسط ندرته التي تسببت في "جنون" سعره وتوحش السوق السوداء، وتسببها في خنق الحياة الاقتصادية بمصر وسط ارتفاعات قياسية بأسعار السلع، تساءل البعض ماذا عن مدى إمكانية الاتجاه إلى عملات أو أساليب أخرى لاستخدامها في التبادل التجاري.
وظهر هذه الرأي بقوة، خصوصًا بعد انضمام العملة الصينية "اليوان" حديثًا إلى سلة العملات المرجعية لدى صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى توقيع السعودية اتفاقًا مع الصين، دخل حيز التنفيذ في 26 سبتمبر الماضي، تتم بموجبه التعاملات التجارية بين البلدين باليوان الصيني والريال السعودي.
وجاءت أغلب أراء خبراء اقتصاد - استطلع مصراوي رأيهم - أن هناك صعوبة في تطبيق تلك الخطوة مع تراجع الميزان التجاري لمصر، مؤكدين "أنه من الخطورة والمجازفة تطبيق ذلك".. حيث تسائلوا "من أين سنأتي باليوان؟.. بالإضافة إلى أن الدولار مازال العملة الرئيسية في التبادل التجاري على مستوى العالم".
بينما جاء رأي مخالف لذلك، حيث أكد أنه ليس هناك مشكلة في تطبيق ذلك كنوع من التنويع في التبادل التجاري مع الدول وسط أزمة العملة التي تعاني منها مصر.
لن يحل
من جانبه، أكد إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، أن اتجاه مصر إلى اليوان لن يحل الأزمة التي تواجهها البلاد حاليًا.
وقال "من أين ستأتي مصر باليوان إلا من خلال الصادرات المصرية إلى الصين.. وهناك عجز في الميزان التجاري لمصر معها.. وبالتالي سيكون هناك مشكلة في توفير اليوان.. وفي حال تطبيق تلك الخطوة مثلًا وتم استخدام ما يتم توفير من اليوان بفعل الصادرات المصرية إلى الصين سيكون ذلك مقتصرًا على ما يتم استيراده من هناك فقط.. وباقي التعاملات الدولية سيكون بالدولار".
وأضاف "الدولار مازال العملة الرئيسية في العالم وتتعامل بها كل الدول في التجارة الدولية".
قناة السويس
وانضم اليوان الصيني حديثًا إلى سلة العملات المرجعية لدى صندوق النقد الدولي التي تتألف منها حقوق السحب الخاصة (SDR)، بجانب الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني.
وقامت هيئة قناة السويس بضم عملة الصين "اليوان" إلى سلة عملات " قناة السويس"، بعد قرار صندوق النقد الدولي.
ووفقًا لمصادر رسمية بالهيئة، أصبحت قناة السويس تضم 5 عملات بدلًا من 4، وأن نصيب الدولار منها مازال كما هو، بحيث يقتطع اليوان الصيني نصيبه من الين الياباني والجنيه الاسترليني واليورو.
وبحسب البنك المركزي، يبلع سعر اليوان الصيني أمام الجنيه نحو 1.2930 جنيهًا للشراء، و1.2965 جنيهًا للبيع.
وتحتل الاستثمارات الصينية بمصر المرتبة 23 حاليًا بإجمالي استثمارات تصل إلى حوالي 546 مليون دولار.
مغامرة
فيما اعتبر أحمد آدم خبير مصرفي، أن اتخاذ مصر هذه الخطوة تعد مغامرة غير محسوبة، مؤكدًا أن المخاطرة ستكون مرتفعة.
وأوضح أحمد آدم خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أنه من الصعب تطبيق تلك الخطوة حيث أن الميزان التجاري لصالح الصين وليس مصر، بالإضافة إلى أن المنتجات الصينية التي تستوردها مصر ليست مؤثرة وتعد "رديئة".
وأكد أن الاستيراد المؤثر على مصر من السوق الأوروبي والأمريكي وليس الصين، منوهًا بأن أكبر شريك تجاري لمصر هو دول الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي بين السعودية والصين يختلف عن الوضع الاقتصادي بين مصر والصين، حيث أن الصين مستوردة للطاقة من السعودية، فليس لديها مشكلة في تطبيق ذلك.
ولفت إلى أن الصين منذ عام 2005 وحتى الآن تستثمر احتياطياتها في أذون الخزانة الأمريكية، بسبب أن العملة الأمريكية تعد الأقوى والأضمن على مستوى العالم، مؤكدًا أن الاستثمارات الأمريكية تتواجد في أغلب دول العالم، ولذلك أي نمو يحدث في أي سوق هو في صالح الولايات المتحدة.
كما اتفق جلال الجوادي مدير الرقابة على النقد الأجنبي في البنك المركزي سابقًا، على نفس الرأي، حيث اعتبر أنه من الصعب تطبيق مثل هذه الحالة فيما يتعلق بمصر، خصوصًا إذا كان الميزان التجاري في صالح الطرف الآخر كالصين.
وأكد جلال الجوادي - خلال اتصال هاتفي مع مصراوي - أن استخدام اليوان في التبادل التجاري مع الصين لن يكون مفيدًا لمصر، مرجعًا رأيه إلى أن الميزان التجاري على سبيل المثال فيما يتعلق بالصين في صالحها وليس في صالح مصر، بالإضافة إلى أن البلاد تعاني من أزمة عملة بشكل عام.. "فلو افترضنا أنه تم الاتفاق على اليوان من أين ستأتي به مصر؟".
وقال "الاتفاق قد يكون مفيدًا في حالة توازن الميزان التجاري بين مصر والصين".
ووفقًا لبيانات البنك المركزي، وصل حجم التجارة بين مصر والصين خلال العام المالي الماضي (2015-2016) إلى 5.2 مليار دولار مقارنة بنحو 5.9 مليار دولار خلال عام (2014-2015) بنسبة تراجع 12.5 بالمئة، لتكون ثاني أهم شريك تجاري على مستوى الدول بعد الإمارات خلال العام الماضي.
ووصل حجم الواردات المصرية من الصين خلال (2015-2016) إلى 4.7 مليار دولار، وقيمة الصادرات المصرية لها إلى 463 مليون دولار، ليصل عجز الميزان التجاري لمصر مع الصين إلى نحو 4.3 مليار دولار.
لا يوجد مانع
وعلى الطرف الآخر، يرى مجد الدين المنزلاوي، وكيل المجلس التصديري للصناعات الهندسية ورئيس لجنة الجمارك باتحاد الصناعات، أنه ليس هناك أي مانع من الاعتماد على اليوان الصيني في إنهاء التعاملات التجارية بين مصر والصين.
وقال "لا يوجد ما يمنع من محاولة تطبيق التجربة، حتى لو كان الميزان التجاري لصالح الصين"، مؤكدًا أن التطبيق مناسب خلال الفترة الحالية "حيث ليس من الضروري الاعتماد على الدولار في كل ما نستورده وسط ارتفاع نسبة ما نستورده من الصين خصوصًا أن اليوان عملة يمكن الاعتماد عليها في التبادل التجاري بين البلدين".
ووفقًا لبيان لشعبة المستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية - صادر اليوم الخميس-، كشف عن أن المشاركين في اجتماع الشعبة أمس الأربعاء أعلنوا عن تطورات إيجابية بملف أسعار الصرف تتمثل في اتفاق مصر والصين على تسوية التعاملات التجارية بينهما باليوان، حيث ينتظر أن يسمح البنك المركزي للبنوك التجارية بالتعامل مباشرة باليوان خلال نوفمبر المقبل.
ولم يتسنى لمصراوي التأكد من صحة ما تضمنه بيان الشعبة من مصادر رسمية، الذي أكدت خلاله شعبة المستلزمات الطبية، أن الصين ستقدم لمصر تمويلًا طويل الاجل بقيمة 20 مليار يوان لتفعيل الاتفاق.
وترى، أنه في حال تطبيق القرار سيخفف كثيرًا الضغط على الدولار وبالتالي سعره أمام الجنيه.
فيديو قد يعجبك: