إعلان

"المجلس القومي للمدفوعات".. هل يخطو بالمصريين لنهاية عهد النقود؟

08:39 م الخميس 10 نوفمبر 2016

الرئيس عبد الفتاح السيسي

تقرير - مصطفى عيد:

وافق المجلس الأعلى للاستثمار يوم الثلاثاء قبل الماضي في أول اجتماع له بعد تشكيله برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على إنشاء ما يعرف بالمجلس القومي للمدفوعات، ضمن عدة قرارات تستهدف إصلاح بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وإقامة المشروعات الجديدة، وتوفير فرص العمل، وتسهيل الإجراءات.

ولم يذكر المجلس في البيان الذي أصدره بالقرارات التي اتخذها خلال الاجتماع أي تفاصيل عن المجلس المزمع إنشاؤه سوى أنه يستهدف منه خفض استخدام النقد خارج البنوك.

واتخذت مصر عدة خطوات في اتجاه زيادة استخدام التعامل المالي الإلكتروني خلال السنوات الماضية، فبعد انتشار بطاقات البنوك، والقيام بتحويل صرف أجور موظفي الحكومة وأصحاب المعاشات من الطريقة اليدوية المباشرة إلى نظام الصرف عبر البطاقات، وإتاحة تعاملات البيع والشراء عبر الانترنت، تمت إتاحة خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول أيضًا.

طغيان النقد

أطلق اتحاد الصناعات المصرية واتحاد بنوك مصر دراسة في فبراير الماضي بعنوان مشروع التحول إلى الاقتصاد غير النقدي والتي شملت مشروع قانون مقترح لتحفيز وتنظيم المعاملات المالية غير النقدية ولكنه لم يشير إلى إنشاء مجلس قومي للمدفوعات.

وقالت الدراسة إن النظم المالية الرقابية في كل أنحاء العاملة اتجهت للأخذ بسياسات وقوانين وبرامج لتحفيز الحد من التعامل النقدي والانتقال تدريجيًا إلى الاعتماد على نظم المدفوعات المصرفية والبريدية والإلكترونية لما تحققه من كفاءة اقتصادية وسلامة في التعاملات، وحد من الجرائم الاقتصادية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي وغيرها.

وأشارت إلى أنه في مصر برغم مبادرات وبرامج طموحة وناجحة تبناها البنك المركزي وجهات حكومية وبعض المبادرات الخاصة إلا أن الاقتصاد مازال يعاني من طغيان التعاملات النقدية على كافة جوانبه، برغم ما في ذلك من مخاطر وتشجيع على التهرب الضريبي والممارسات غير المشروعة.

أهداف المجلس وأهميته

وحاول مصراوي شرح أهم وظائف وأهداف مجلس المدفوعات المزمع إنشاؤه، ومدى أهمية وجوده في مصر، والتوقعات بشأن نجاح تجربة الانتقال إلى الاقتصاد غير النقدي في مصر، وذلك عبر متخصصين بالمجال وخبراء.

من جانبه، قال إبراهيم سرحان رئيس مجلس إدارة شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية "إي فينانس"، إن المجلس الأعلى للاستثمار يستهدف من الموافقة على إنشاء المجلس القومي للمدفوعات، نشر استخدام الدفع الإلكتروني سواء عبر الماكينات أو الإنترنت أو المحمول، وخفض الاعتماد على النقد في التعاملات المالية.

وأضاف سرحان خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن أهم أدوار هذا المجلس سيتمثل في التنسيق بين البنوك والجهات المعنية بمنظومة الدفع الإلكتروني، ووضع السياسات القومية لهذا القطاع المهم، ونقل احتياجات المتعاملين في هذا النظام لتنفيذه وتطويره، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات في هذا القطاع.

وأشار إلى أن وجود هذا المجلس مهم وهو موجود في عدد من دول العالم، لافتة إلى اهتمام شركته بالتواجد في تشكيل هذا المجلس لأنه سيقوم على تنفيذ آليات كثيرة تحتاجها الشركات العاملة في هذا المجال، منبهًا إلى أن هناك حاجة لبنية تحتية للتحول للاقتصاد غير النقدي يستغرق توفيرها ما بين عامين إلى 3 أعوام.

ولفت سرحان إلى أن الهدف من انتشار الدفع الإلكتروني توفير طريقة آدمية وميسرة للمواطنين للتعاملات المالية ودفع الرسوم والفواتير وغيرها، منتقدًا من يرى عدم استعداد المجتمع للتحول للاقتصاد غير النقدي بسبب ضعف الثقافة بهذا المجال، وتفضيل التعامل بالنقد للمخاوف من التعرض لحدوث أي عمليات نصب أو غيرها.

وقال إن هناك جاهزية عند المواطنين للتعامل بنظم الدفع الإلكتروني، والدليل على ذلك أن 27.5 بالمئة من أصحاب المعاشات البالغ عددهم 6.5 مليون مواطن وهم من كبار السن، لديهم كروت إلكترونية يصرفون بها معاشاتهم حاليًا.

وأضاف سرحان أن المجلس عندما يضع قرارات لتنظيم هذه المنظومة وإلزام الجهات المعنية بها سيعتاد الناس على التعامل معها، مؤكدًا أن الحاجة والتجربة تولدان الثقة.

وأشارت الدراسة إلى أنه لا يزال الاقتصاد النقدي هو النظام السائد في مصر، إذ تتم معظم المعاملات بواسطة النقود السائلة، كما تجري أغلبية التعاملات في الاقتصاد غير الرسمي، والذي يقدر بنسبة 40 بالمئة من حجم الاقتصاد المصري، عن طريق المعاملات النقدية.

جهات مشاركة

ومن ناحيته، قال محسن عادل عضو المجلس الاستشاري لرئاسة الجمهورية للتنمية الاقتصادية، إنه يتوقع أن يشارك في تشكيل المجلس القومي للمدفوعات عدد من الجهات المعنية مثل وزارات التخطيط والمالية والتموين والاتصالات والداخلية، بالإضافة إلى عدد من منظمات الأعمال مثل اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية واتحاد البنوك.

وأضاف خلال اتصال مع مصراوي، أنه يتوقع أن يساهم المجلس في التحول بشكل تدريجي إلى الاقتصاد غير النقدي، والذي يبدأ حاليًا في تحويل أجور الموظفين، وأصحاب المعاشات عبر بطاقات الصراف الآلي.

7 عوائق

وتقف 7 عوائق أمام تحول مصر إلى اقتصاد غير نقدي، وفقًا للدراسة، وتتثمل في قلة عدد الحسابات لدى البنوك، ووجود قطاع غير رسمي ضخم، وهيكل القطاع المصرفي الذي يؤدي للحد من المنافسة الكافية وضعف شبكات الفروع وماكينات الصراف الآلي في القرى والمناطق النائية.

كما تشمل هذه العوائق أيضًا تحديات البنية التحتية لقواعد البيانات والقطاع المصرفي والإنترنت، والفساد الذي يؤثر بصورة كبيرة على الاقتصاد ويرفع من معدل عدم الكفاءة خاصة فيما يتعلق بالنفقات ويؤثر سلبًا على الاستثمارات والإنتاج، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التهرب الضريبي.

وأوضحت الدراسة أن العائق السابع يتمثل في العوامل الثقافية حيث أن هناك بعض القناعات الراسخة في المجتمع من ضمنها صعوبة التعامل مع القطاع المصرفي، وتفضيل بعض فصائل المجتمع - خاصة الأكثر فقرًا منها - الاعتماد على المبالغ النقدية المدخرة في المنازل، بالإضافة إلى التردد من شرعية المعاملات المصرفية، والخوف من كشف المعلومات المالية أو البيانات الشخصية.

حجر عثرة

وتوقع أحمد آدم خبير مصرفي، صعوبة التحول للاستخدام الكامل أو شبه الكامل لنظم الدفع الإلكتروني وللاقتصاد غير النقدي، وبالتالي صعوبة مهمة المجلس القومي للمدفوعات المزمع إنشاؤه.

وأرجع آدم توقعه، خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، إلى المستويات الضعيفة لدخول الكثير من المصريين، والثقافة السائدة عن التعامل النقدي، والمخاوف من التعرض لأي ضرر أو عمليات نصب تحدث بسبب استخدام الطرق الجديدة في التعاملات المالية والتي ستقف حجر عثرة أمام هذا التحول.

وقال: "لو محل عنده ماكينة للدفع الإلكتروني بيعطلها عشان ياخد حسابه بالكاش".

ونوه آدم بأنه في الوقت الذي تتجه فيه الجهات الرسمية في مصر لزيادة التعاملات بهذه الأنظمة ومنها البنك المركزي، قام البنك بزيادة طباعة البنكنوت بشكل ملحوظ خلال السنة المالية الأخيرة، وهو ما يشير إلى اتجاه مخالف على أرض الواقع.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي، وصلت قيمة الزيادة في النقد المصدر والمتداول خلال السنة المالية (2015-2016) إلى 54.4 مليار جنيه بنسبة 17.3 بالمئة، ليصل رصيد النقد المصدر بنهاية يونيو الماضي إلى 369.3 مليار جنيه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان