سماسرة سوق المال متفائلون بـ"سحر التعويم".. الأمل يدق أبواب البورصة
كتبت - إيمان منصور:
ألقى تحرير سعر صرف الجنيه بظلاله المربحة على البورصة المصرية، وحقق سوق المال خلال الأيام القليلة الماضية مكاسب كبيرة، والتي حملت في جعبتها تحسنًا ملحوظًا في حال شركات السمسرة التي تعاني منذ سنوات.
وقرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر الحالي، وحققت مؤشرات البورصة ارتفاعات قوية وصعد المؤشر الرئيسي بنسبة 33.2 بالمئة منذ بداية تعويم الجنيه وحتى نهاية جلسة اليوم، وربح رأس المال السوقي نحو 142.6 مليار جنيه بنسبة زيادة 34.2 بالمئة.
وأوضح رؤساء شركات سمسرة خلال حديثهم مع مصراوي، أن التعويم عمل على تحسين وضع شركاتهم خلال هذه الأيام القليلة، واستفادتهم من ارتفاع قيم التداول بعد التعويم، ولكن يحتاجون إلى ما يقرب من عام حتى يستطيعون حل مشكلاتهم.
أثر السحر
قال عادل عبد الفتاح رئيس شركة ثمار لتداول الأوراق المالية، إن قرار تعويم الجنيه والإجراءات المصاحبة له كانت بلا شك لها أثر السحر في أداء البورصة خلال الأيام الماضية.
وأضاف عبد الفتاح في تصريحات خاصة لمصراوي، أن متوسط قيم التداول ارتفع بنحو 4 أو 5 أضعاف القيم قبل التعويم من 400 مليون جنيه إلى ما يتعدى 1.5 مليار جنيه، وهو ما يؤكد اختلاف وضع سوق المال كليًا ومن ثم حال شركات السمسرة.
ولفت إلى أن الدخل الرئيسي لشركات السمسرة هو من عمليات التداول، ولذلك ارتفاع قيم التداول سيؤدي إلى حل كافة مشكلات الشركات، ولكن الفترة مازالت قصيرة للحكم على استمرارية هذا الوضع.
اهتمام الحكومة
أوضح عبد الفتاح أن اهتمام الحكومة بسوق المال خلال الفترة واتخاذ بعض الإجراءات المهمة له أيضًا أثر كبير على جذب الاستثمارات الأجنبية التي بدات في ظهورها هذه الفترة.
وقرر المجلس الأعلى للاستثمار تجميد العمل بالضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة لمدة ثلاث سنوات، ضمن عدة قرارات أصدرها الأول من نوفمبر الجاري من أجل تحسين مناخ الاستثمار، والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه نشاط الأعمال.
كما تعمل الحكومة في الفترة الحالية على تجهيز برنامج أطروحات لبعض الشركات والبنوك العامة في البورصة المصرية، لتشجيع الاستثمار في البورصة وزيادة الاهتمام من المتعاملين والسيولة بالسوق
وأشار عبد الفتاح إلى أن الحكومة عليها أن تلتزم بهذا التوجه نحو سوق المال خلال المرحلة المقبلة للحفاظ على انتعاشة طويلة الأجل حيث أن الدليل على تحسن البورصات هو ارتفاع قيم التداول وليس ارتفاع المؤشرات أو الأسعار.
ولفت في هذا الصدد إلى أن هناك مؤسسات عالمية ومستثمرين أجانب كانت تحجم عن التعامل في بعض البورصات ومنها البورصة المصرية بسبب تدني أحجام التداول.
ويصل عدد شركات السمسرة المرخص لها بممارسة النشاط 149 شركة، ولكن 10 شركات تمارس النشاط فقط استحوذت على أكثر من نصف قيم التداول خلال أول 10 أشهر من عام 2016 (53.3 بالمئة) بحسب بيانات البورصة المصرية.
عام للتقييم
وقال هاني حلمي رئيس شركة الشروق لتداول الأوراق المالية، إن شركات السمسرة جزء من السوق وتسير في الاتجاه الذي يسير السوق وفقًا له، ولذلك عندما تأثر السوق إيجابًا من قرار التعويم وارتفعت قيم التداول كان لشركات السمسرة نصيب من هذا النجاح.
وأوضح حلمي خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن قيم التداول بالسوق كانت لم تكن تتعدى نصف مليار جنيه قبل التعويم والآن أصبحت تصل إلى 2 مليار جنيه، ولذلك إذا كانت عمولة شركة السمسرة 5 آلاف جنيه مثلًا قبل التعويم فاليوم أصبحت 4 أضعاف أي 20 ألف جنيه.
ولفت إلى أن التعويم كان قرارًا حتميًا للبورصة وحلًا لمشاكل السوق بأكمله، حيث أن السوق عانى على مدار سنوات من الكثير من المشكلات والتي لن يستطيع التعويم أن يحلها في أيام ولكن يمكن القول أنه أصبح هناك أمل في حلها.
وأشار حلمي إلى أنه لابد من انتظار عام على الأقل للتأكد من استمرارية هذا الوضع، والذي بدأ بالفعل في جذب الاستثمارات الأجنبية بعد انتهاء التذبذب في سعر الصرف حيث أصبح هناك سعر رسمي يمكن التعامل به بدون عشوائية كما كان يحدث قبل التعويم.
وأضاف أنه إذا استمر الوضع الحالي في سوق المال والحفاظ على جذب استثمارت أجنبية مباشرة وغير مباشرة، سوف تحل مشاكل شركات السمسرة، وتبدأ في وضع استراتيجيتها للعام الجديد وتحسن أوضاع العاملين بها ووضع التسهيلات الجديدة لجذب عملاء أكثر، وهذا هو الجديد الذي لم تستطع الشركات أن تفكر به خلال سنوات التراجع الماضية.
تساؤلات ومشاكل
وفي سياق متصل، قال سيف عوني عبد العزيز العضو المنتدب لشركة وديان لتداول الأوراق المالية، أن تحسن قيم التداول في فترة ما بعد التعويم دليل على تحسن أداء البورصة وإيجابية القرار على السوق، ولكن تسائل: "الأهم من هذا النجاح، هل هناك ما يضمن استقرار هذا الوضع بالسوق؟".
وأضاف عبد العزيز خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، "نحن بحاجة لنحو عام من الآن حتى نستطيع الحكم بنجاح تأثير تحرير سعر الصرف على السوق، والتأكد من استمرارية تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة".
وأوضح أنه بالفعل حدث تأثير إيجابي بعد التعويم على شركات السمسرة بسبب ارتفاع قيم التداول حيث أنها الدخل الرسمي للشركات، ولكن هذا ليس معناه حل مشكلات التي تعاني منها شركات السمسرة منذ سنوات، كما أن التعويم له شق آخر وهو ارتفاع الأسعار والذي سوف يؤدي إلى مواجهة بعض المشكلات مثل زيادة التكلفة، والمرتبات، والتنافس في السوق في جذب عملاء جدد.
وقال إن البورصة لم تفعل شيئًا منذ التعويم إلى أنها استوعبت فرق الأسعار، والذي أصبح ميزة أمام المستثمرين الجدد، ولذلك ستكون مرهونة خلال المرحلة المقبلة باستمرارية تحسن أداء الأسهم بعد وجود مستثمرين أجانب ومؤسسات، والحفاظ على هذا الاتجاه دون وجود أي مشكلات.
ولفت عوني إلى أن البورصة تعاني فعليًا منذ عام 2008 وكانت الحكومة في هذه السنوات لا تضع سوق المال في اهتماهما ولا تعتبره آلية لدفع الاقتصاد، ولذلك فإن قرار التعويم والإجراءات التي تتخذها الحكومة حاليًا سوف تعيد بناء سوق المال المصري من جديد بشرط الثبات على هذا الأداء يوميًا لمدة لا تقل عن عام.
وأضاف أن شركات السمسرة جزء من السوق وحالة السوق مرتبطة بالتأكد من استمرار تدفق الاستثمارات الاجنبية، وزيادة الصادرات والحد من الواردات، وزيادة المصادر الدولارية عن طريق السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، وتحسن كل هذا يحسن وضع السوق وبالتالي تتحسن حالة شركات السمسرة.
حكومة مهتمة
وترى إدارة البورصة المصرية أن سوق المال مرتبط بالمناخ العام للاقتصاد، ولذلك كان لتغير سعر الصرف نتيجة إيجابية بعد خفض قيمة الجنيه.
وقال الدكتور وجيه مصطفى نائب رئيس البورصة، إن تعويم الجنيه ساهم في جذب المستثمرين الأجانب الجدد خلال هذه الفترة حيث أن ارتفاع قيم التداول في البورصة خلال الأسابيع القليلة الماضية كانت بفضل مشتريات من المستثمرين الأجانب.
وأضاف مصطفي في تصريحات خاصة لمصراوي، أن اهتمام الحكومة حاليًا بسوق المال واتخاذ بعض الإجراءات الهامة بطرح شركات حكومية جديدة دليل على تفهم الحكومة لأهمية انتعاشة السوق وتأثيره على الاقتصاد.
ولفت إلى أن الحكومة لم تخطر إدارة البورصة حتى الآن بموعد بداية طرح شركات جديدة أو تحديد هذه الشركات، ولكن الإدارة في انتظار الإخطار.
فيديو قد يعجبك: