"إلغاء أولوية توفير الدولار للسلع الأساسية"..ثقة في التعويم أم أزمة جديدة؟
كتبت - إيمان منصور:
قرر البنك المركزي المصري، إلغاء تعليماته للبنوك بمراعاة إعطاء الأولوية لعدد من السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج في توفير الدولار اللازم لاستيرادها والتي أصدرها في فبراير 2013، وذلك ضمن القرارات التي اتخذها مؤخرًا لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي من خلال تحرير سعر الصرف لإعطاء مرونة للبنوك لتسعير النقد الأجنبي.
ووضع المركزي هذه السلع والمستلزمات في قائمة أولويات توفير الدولار للعمليات الاستيرادية الخاصة بها مع اشتداد أزمة نقص الدولار في السوق الرسمية خلال السنوات الماضية، لأهميتها في حياة المواطن ولتنشيط الصناعة من أجل المساهمة في حل الأزمة الاقتصادية التي تعرضت مصر لها بعد ثورة يناير.
وشملت هذه السلع وفقًا لخطاب من البنك المركزي للبنوك بمصر في 4 فبراير 2013، السلع الغذائية الأساسية والتموينية، والآلات ومعدات الإنتاج وقطع غيارها، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، ومنتجات البترول ومشتقاته، والأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها، والأسمدة والمبيدات الحشرية ومستلزماتها، والزيوت والشحوم الصناعية.
ولكن بعد قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف يوم الخميس الماضي أصدر البنك عدة تعليمات من ضمنها إلغاء إعطاء الأولوية للعمليات الاستيرادية لهذه السلع.
"هواة المستوردين"
ومن جانبه، قال أحمد سليم مدير عام بأحد البنوك، إن البنك المركزي أخطأ في إلغاء تعليماته للبنوك بإعطاء الأولوية في توفير العملات الأجنبية لاستيراد السلع الأساسية بعد قراره بتعويم الجنيه.
وأضاف سليم خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، "أن هذا القرار غير مسؤول وغير مقبول، وإذا وافقت الحكومة على ذلك سوف تنشأ حالة من التذمر لدى المواطن".
وأوضح أنه إذا كان المقصود من هذا القرار هو إرسال رسالة لطمأنة بتوفير الدولارات بالبنوك، فإن ذلك سوف ينشأ موجة من هواة المستوردين لكثير من السلع غير المهمة".
وأشار سليم إلى أنه مع مرور الوقت ستقل موارد الدولار لدى البنوك وقتها من الذي يستحق توفير العملات الأجنبية له لعمليات الاستيراد شركات الأدوية أم شركات استيراد الألعاب والسلع الترفيهية من الصين مثلًا.
وكان البنك المركزي الخميس الماضي أعلن اتخاذ عدة إجراءات لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي من خلال تحرير أسعار الصرف لإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء السوق الموازية للنقد الأجنبي تمامًا.
"تخوفات"
وقال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، إن إعلان المركزي عن إلغاء السلع الأساسية من قائمة أولوياته في هذا التوقيت يثير العديد من التساؤلات والتخوفات في حالة عدم التزام البنوك بتوفير العملة الأجنبية لاستيراد هذه السلع، مؤكدًا أنه في هذه الحالة ستحدث موجة من التضخم "ومحدش يسأل عن ارتفاع أسعار بعد كدا".
ووصف شيحة خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، قرارات البنك المركزي بتحرير سعر الصرف بالإجراءات "الكارثية" والتي ستخلف العديد من الآثار السلبية على المجتمع المصري والمواطن.
وأشار إلى أن قرار تعويم الجنيه كان صادماً خاصة أنه جاء في التوقيت الذي حاول اتحاد الغرف التجارية وشعبة المستوردين تطبيق مبادرة الامتناع عن شراء الدولار والتي كان لها تأثير إيجابي خلال الأيام القليلة الماضية حيث انخفض سعر الدولار من 18 إلى نحو 12 جنيهًا في أقل من يومين، وكان من المتوقع أن يكسر حاجز الـ 10 جنيهات خلال الأيام التالية.
ولفت شيحة إلى أن أكثر القطاعات تأثرًا بقرار تحرير سعر الصرف هو قطاع السلع الأساسية والتي كان يدعمها البنك المركزي عند سعر 8.88 جنيه، ومن البديهي أن ارتفاع السعر الرسمي من 9 إلى 13 ثم تجاوزه لـ 16 جنيهًا في أيام قليلة، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع.
وأضاف أن تعويم الجنيه في هذا الوقت دليل على "فشل" المسؤولين في إدارة موارد الدولة من النقد الأجنبي، وتنفيذًا لأوامر صندوق النقد الدولي، وقال "مصر فيها إيه يخلي الدولار يرتفع أكثر من 7 جنيهات في عام واحد".
وقال: "نحن ننتظر معرفة أسباب اتخاذ البنك المركزي هذه القرارات، هل كانت لمجرد نقل شركات الصرافة إلى البنوك أم خطة شاملة حقيقية للقضاء على ارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازية".
وشملت قرارات البنك المركزي إطلاق الحرية للبنوك العاملة في مصر في تسعير النقد الأجنبي وذلك من خلال آلية الإنتربنك، ورفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 14.75 بالمئة و15.75 بالمئة على التوالي.
كما رفع البنك سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 15.25 بالمئة، وزيادة سعر الإئتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 15.25 بالمئة.
وقرر البنك السماح للبنوك بفتح فروعها حتى الساعة التاسعة مساءً وأيام العطلة الأسبوعية بغرض تنفيذ عمليات شراء وبيع العملة وصرف حوالات المصريين العاملين في الخارج.
فيديو قد يعجبك: