زياد بهاء الدين: 4 أسباب لتدهور مناخ الاستثمار بعد المؤتمر الاقتصادي
القاهرة - (مصراوي):
قال الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق، إنه بعد مرور عام على المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها ـ دون حتى الرجوع إلى أرقام أو إحصائيات كثيرة ـ أن حالة التفاؤل والثقة التي تميز بها المشهد الاقتصادي منذ عام حل محلها قلق شديد وتوجس من جانب المستثمرين.
وأضاف خلال مقال له، اليوم الثلاثاء في صحيفة الشروق، أن فرصة كبيرة ضاعت على البلد لجذب الاستثمار في ظل ظروف مواتية خاصة قبل انخفاض أسعار البترول، وأن الشعب المصري عانى خلال هذا العام من ارتفاع الأسعار، وندرة فرص العمل، وتدهور الخدمات العامة.
ولفت بهاء الدين إلى أن فشل السياسة الاستثمارية خلال العام الماضى لم تكن بسبب أداء وزير أو أكثر، ولكن المشكلة كانت ولا تزال غياب سياسة حكومية متسقة وأولويات سليمة وأهداف ممكنة التحقيق.
وأرجع ما وصفه بالتدهور في مناخ الاستثمار إلى أربعة أسباب، السبب الأول هو التمسك بإصدار قانون استثمار "معيب"، اعترض عليه وقتها أو بعد حين كل خبراء القانون والاقتصاد، ثم التمسك بعدم تعديله أو مراجعته برغم ما أدى إليه من اضطراب شديد في الإجراءات، والتضارب في اختصاصات الجهات الحكومية، والحد من استقلال هيئة الاستثمار.
وأوضح أن السبب الثاني أنه مع استمرار تواضع معدلات الاستثمار وضعف النتائج، عادت الدولة إلى تسخير جل اهتمامها وإمكاناتها لجذب بعض الشركات الدولية ـ خاصة في مجال الطاقة ـ ولمتابعة عدد محدود من الاستثمارات الضخمة، بينما تراجع الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة برغم أنها الوسيلة الوحيدة لخفض معدلات البطالة بشكل ملموس، ولإطلاق طاقات وإبداع الشباب، ولتوزيع ثمار النمو الاقتصادى بين قطاع أوسع في المجتمع.
ونوه بهاء الدين إلى أنه باستثناء قانون للتمويل متناهي الصغر قدمته هيئة الرقابة المالية، ومبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة أطلقها البنك المركزي أخيرًا، فإن الدولة لم تمد يد العون أو المساعدة لهذا القطاع الذي بيده إخراج البلد من أزمتها الراهنة.
وأشار إلى أن السبب الثالث هو التضارب والتناقض بين أجهزة ومؤسسات الدولة في المجال الاقتصادي، فجانب من الحكومة يعمل على ضغط الإنفاق العام وخفض عجز الموازنة وجانب آخر يسلك سياسة توسعية ويصر على تنفيذ مشروعات عملاقة غير معروفة الموارد أو العائد الاقتصادي.
وقال بهاء الدين إن جانب من الدولة يدعم الاتفاق مع المؤسسات المالية الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي وجانب آخر يعتبر ذلك مساسًا بالسيادة الوطنية وينكر حتى وجود مشاورات، جانب ظل يدافع عن ضرورة الحفاظ على سعر العملة الوطنية وآخر يطالب بتخفيض قيمتها.
وتابع أن هذه التناقضات لم تكن خافية على المستثمرين الوطنيين والأجانب على حد سواء، فكان رد فعلهم الطبيعي والمنطقي هو انتظار أن يحسم البلد موقفه وأن يتحدد الاتجاه الاقتصادي بدلًا من المغامرة في "مناخ غير مستقر".
ونبه بهاء الدين إلى أن السبب الرابع هو التدهور العام في المناخ السياسي والذي لم يعد اليوم بعيدًا عن تقديرات وحسابات المستثمرين كما كان الحال في العقود الماضية، "الوضع الأمني، والتوتر الاجتماعي، والتقييد للحريات، وملاحقة المجتمع المدني، وسوء أداء البرلمان" - بحسب وصفه.
ولفت إلى أن كل هذه العوامل تؤخذ في الحسبان، إن لم يكن تقديرًا واحترامًا للحقوق والحريات، فلأنها تعبر عن استعداد المجتمع للتفاعل بإيجابية مع السياسات الاقتصادية الحكومية وقبول الشارع للإصلاحات الضرورية، ومن يظن أن المستثمر الوطني أو الأجنبي لا تعنيه سوى أرقام النمو والتضخم وسعر الصرف، دون أي اكتراث للحالة السياسية والاجتماعية في البلد، فهو يرتكب خطأ فادحًا.
فيديو قد يعجبك: