تقرير يحذر من تأثير مشاكل ندرة المياه على فرص العمل والنمو الاقتصادي
القاهرة - (أ ش أ):
حذر تقرير للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، من أن المشاكل المتعلقة بندرة المياه والحصول على خدمات المياه والصرف الصحي يمكن أن تحد من النمو الاقتصادي، ومن خلق فرص العمل في العقود المقبلة، مشيرًا إلى أن نحو ثلاثة من كل أربعة من الوظائف التي تشكل القوة العاملة في العالم تعتمد بشكل أو بآخر على المياه.
ولفت التقرير - حول تنمية الموارد المائية في العالم لسنة 2016، الذي وزعه المكتب الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة - إلى أن نصف عمال العالم، أي 1.5 مليار شخص يعملون في ثمانية قطاعات تعتمد على المياه والموارد الطبيعية وهي الزراعة والغابات ومصائد الأسماك والطاقة والصناعات وتدوير المخلفات والبناء والنقل.
وقالت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) إيرينا بوكوفا، إن التقرير يفتح آفاقًا جديدة وبشكل غير مسبوق من خلال دراسة العلاقة الوثيقة بين المياه وفرص العمل.
ويأتي إطلاق التقرير في اليوم العالمي للمياه، وفي سياق خطة عمل 2030 للتنمية المستدامة، ليبرز الدور الاستراتيجي لقطاعات المياه في تحول العالم نحو الاقتصاد الأخضر.
وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية ورئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية غاي رايدر، إن هذا التحليل يسلط الضوء على حقيقة أن الماء هو العمل، فهو يتطلب العمال لإدارته بشكل آمن، وفي الوقت نفسه يمكن أن يخلق العمل.
وأضاف أن نجاح خطة العمل 2030 وبناء مستقبل مستدام، يقتضيان أن يكون العمل في قطاع المياه عملًا لائقًا، وأن يكون الماء الذي نعتمد عليه آمنًا.
ويشير التقرير إلى أن الاستثمار في المشاريع الصغيرة لتوفير خدمات المياه المأمونة ومرافق الصرف الصحي في أفريقيا يمكن أن يوفر عائدًا اقتصاديًا يقدر بحوالي 28.4 مليار دولار في السنة، أو ما يقارب 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للقارة.
ويبدو أن لمثل هذه الاستثمارات أيضًا تأثيرًا مفيدًا على العمل، ففي الولايات المتحدة يخلق كل استثمار بمليون دولار في البنية التحتية للمياه ما بين 10 و20 وظيفة إضافية، وفي الوقت نفسه تخلق كل وظيفة يتم إنشاؤها في قطاع المياه والصرف الصحي في الولايات المتحدة 3.68 فرصة عمل غير مباشرة.
وفي أمريكا اللاتينية أظهرت دراسة أخرى أن استثمار مليار دولار في توسيع خدمات المياه والصرف الصحي يخلق 100 ألف وظيفة بشكل مباشر.
ويساهم تغير المناخ في تزايد الضغط على موارد المياه العذبة، فقد زاد معدل سحب المياه الجوفية بنسبة 1 بالمئة سنويا منذ 1980، ويتوقع أن يرتفع سكان العالم بنسبة 33 بالمئة، بين عامي 2011 و 2050 أي من 7 إلى 9 مليار نسمة، في حين سيرتفع الطلب على الغذاء بنسبة 70 بالمئة في الفترة نفسها.
وعلاوة على ذلك، يتوقع تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أن يتسبب كل ارتفاع بدرجة حرارة واحدة على الأرض في انخفاض بـ20 بالمئة تقريبًا في الموارد المائية المتجددة.
وهذا النقص المتوقع يدعو إلى اللجوء لمصادر غير تقليدية للمياه، مثل تجميع مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي المعالجة والمياه الحضرية، وسيمكن استخدام هذه المصادر المائية البديلة من خلق فرص عمل جديدة في مجال البحوث وتطوير التكنولوجيا وتنفيذ نتائجها.
ووفقًا للتقرير، فإن ما يقرب من 1 بالمئة من مجموع القوى العاملة في كل من البلدان المتقدمة والبلدان النامية تعمل حاليًا في قطاعات المياه، والتي تشمل إدارة المياه وبناء وصيانة البنية التحتية، فضلًا عن إمدادات المياه والصرف الصحي.
وفي العقود الأخيرة، انخفض عدد العاملين في خدمات المياه والصرف الصحي بشكل مستمر ترجع أسبابه لقلة اهتمام الخريجين الجدد بوظائف قطاع المياه، ونقص الموارد للتوظيف واستبقاء الموظفين المهرة، خاصة في القطاع العام، ففي الولايات المتحدة لوحدها، ينتظر أن يبلغ ما بين 30 بالمئة و50 بالمئة من القوى العاملة في مرافق المياه سن التقاعد بحلول عام ٢٠٢٠.
ومن ضمن التحديات، صعوبة اجتذاب العمال المهرة للعيش والعمل في المناطق الريفية، بالإضافة إلى الوصمة السلبية المرتبطة بقطاع الصرف الصحي.
ورغم عن هذه التحديات، يعتبر سوق الوظائف في مجال المياه والصرف الصحي سوقًا واعدًا وذي إمكانات نمو كبيرة، فعلى سبيل المثال، في بنجلاديش وبنين وكمبوديا لوحدها، يعيش ما يقرب من 20 مليون شخص في المناطق الريفية التي تحتاج للحصول على المياه الجارية بحلول عام 2025، وهذا يمثل ستة أضعاف العدد الحالي، كما يمثل إمكانات نمو اقتصادي تصل قيمته إلى 90 مليون دولار.
وعلاوة على ذلك، أظهرت دراسة في بنجلاديش وإندونيسيا وبيرو وتنزانيا أن توفير خدمات الصرف الصحي تقدر بقيمة 700 مليون دولار سنويًا.
من ناحية أخرى، تمثل الحاجة للاستثمار في تحديث البنية التحتية القديمة وغير الفعالة عاملًا محتملًا إضافيًا لنمو الوظائف في هذا القطاع.
فالإحصاءات تشير إلى أن ما يقدر بـ 30 بالمئة من المياه في العالم تضيع بسبب التسرب في الشبكات، ففي لندن مثلًا يبلغ معدل الخسارة 25 بالمئة، وفي النرويج 32 بالمئة، وفي بعض البلدان، تعد ممارسات الري إما غير موجودة أو عفا عليها الزمن وتؤدي لإنتاجية زراعية متدنية.
ففي أفريقيا على سبيل المثال، تعتمد الزراعة بشكل رئيسي، على مياه الأمطار وأقل من 10 بالمئة من الأراضي المزروعة حاليًا تعتمد على الري مما يقلل من فرص خلق الوظائف.
ويتطلب تحقيق خطة عمل التنمية المستدامة 2030 فهمًا عميقًا للدور الرئيسي للمياه في عالم العمل، فالعمل اللائق يرتبط مباشرة بإدارة المياه في مجالات مثل توفير إمدادات المياه والبنية التحتية وإدارة النفايات؛ والقطاعات التي تعتمد على المياه، مثل الزراعة وصيد الأسماك والطاقة والصناعة والصحة.
وعلاوة على ذلك، يسهل تحقيق هدف تحسين مياه الشرب والصرف الصحي خلق فرص عمل وقوى عاملة بصحة جيدة ومتعلمة ومنتجة هي الأساس للنمو الاقتصادي.
وتعد تهيئة الظروف لتحسين إنتاجية المياه ولتسهيل التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتدريب المزيد من العمال المهرة من أجل الاستجابة للطلبات المتزايدة على العمالة في قطاعات المياه من النقاط التي يلفت التقرير انتباه الحكومات لها من أجل الاستجابة بشكل مناسب لمتطلبات أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة - لا سيما الهدف 6، المتعلق بالمياه والصرف الصحي.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: