تكليفان من السيسي.. هل يستطيع طارق عامر والحكومة تنفيذهما؟ وكيف؟
تقرير - إيمان منصور:
طالب عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، الحكومة والبنك المركزي بالعمل على تحقيق هدفين اقتصاديين مهمين خلال الفترة المقبلة وهما خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي، وهما قد يبدوان هدفين متناقضين في ظل تلميح محافظ المركزي مؤخرًا بخفض قريب لسعر الجنيه، حيث من المتوقع معه رفع أسعار الفائدة وبالتالي تكلفة الدين المحلي.
واقترح خبراء، خلال حديثهم مع مصراوي، خطوطًا عريضة للبنك المركزي والحكومة للعمل على تحقيق هذين الهدفين في إطار عملية إصلاح شاملة للاقتصاد المصري الذي يسعى لمداوة آلامه المتثاقلة التي تعيقه عن مواصلة السير بشكل طبيعي بعد سنوات عانى خلال من الكثير بسبب اضطرابات ما بعد ثورة 25 يناير 2011.
وكان الرئيس السيسي شدد خلال اجتماعه أمس السبت مع شريف إسماعيل رئيس الوزراء، وطارق عامر محافظ البنك المركزي، وعمرو الجارحي وزير المالية، على أهمية اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواصلة خفض الدين العام وزيادة الاحتياطي النقدي، مؤكدًا التزام مصر بسداد أقساط الديون في التوقيتات المحددة.
الوضع الحالي للدين والاحتياطي
وأعلن البنك المركزي المصري، في تقرير له الشهر الماضي، زيادة الدين العام المحلي خلال الربع الثالث من العام المالي (2015 - 2016) بقيمة 128.2 مليار جنيه ليسجل بنهاية مارس الماضي 2496.5 مليار جنيه مرتفعًا في أول 9 أشهر من عام (2015 - 2016) بنحو 380.2 مليار جنيه، ليصل إلى 88.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 87.1 بالمئة بنهاية يونيو 2015.
بينما ارتفع الدين الخارجي لمصر بنهاية مارس الماضي إلى أعلى مستوى في 25 عامًا على الأقل، حيث وصل إلى 53.4 مليار دولار بنسبة 16.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 48.1 مليار دولار بنهاية يونيو 2015 بنسبة 14.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكانت وزارة المالية ذكرت أن موازنة العام المالي الحالي (2016 - 2017) محاطة بالعديد من التحديات والمخاطر المالية والاقتصادية من أهمها انخفاض تنافسية الاقتصاد المصري، واستمرار ارتفاع عجز الموازنة، وزيادة أعباء خدمة الدين، والحاجة إلى رفع جودة الخدمات العامة، وتزايد عجز ميزان المدفوعات.
وأشارت في البيان التمهيدي للموزانة إلى استمرار ارتفاع عجز الموازنة العامة وزيادة أعباء خدمة الدين، موضحة أنه بالرغم من انخفاض نسبة عجز الموازنة العامة لتصل إلى 11.5 بالمئة خلال العام المالي (2014 - 2015) مقارنة بـ 12.2 بالمئة خلال العام المالي (2013 - 2014) إلا أن هذه النسبة مازالت مرتفعة بالمقاييس الدولية، بل وتعد من أعلى المعدلات المسجلة عالميًا، مما يصعب تمويله.
وأعلن البنك المركزي منذ أيام ارتفاع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 17.546 مليار دولار بنهاية يونيو ليصل إلى أعلى مستوى منذ أغسطس 2015، ويستهدف البنك الوصول بالاحتياطي إلى 25 مليار دولار بنهاية العام الحالي 2016.
بينما تتجه الأنظار إلى الاحتياطي خلال يوليو الحالي لقياس مدى تأثره بسداد 1.72 مليار دولار مستحقات خارجية خلال الأيام القليلة الماضية.
مقترحات وأزمة "السهل الصعب"
وقال أحمد آدم الخبير المصرفي، إن تدعيم النقد الاحتياطي لا يأتي إلا عن طريق تعديل قانون البنوك ورفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك، وتسهيل بيع رخص لبنوك أجنبية تدر عملات أجنبية وتعمل على توفيرها داخل السوق المصري.
وأضاف آدم خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن خفض الدين العام أمر ليس بالهين حدوثه، حيث أن المشروعات التي تمت خلال الفترة الماضية ستعمل على تفاقم الدين العام حيث أنها مشروعات خدمية وطويلة الأجل، وتحتاج إلى فترة كبيرة حتى تدر عوائد مالية، وهذا ما يزيد من عجز الموازنة.
وتوقع أن يتزايد حجم الدين العام المحلي خلال الفترة المقبلة بشكل كبير، وأن يزيد عجز الموازنة عن 350 مليار جنيه، منوهًا إلى أنه لابد من أجل تخفيض الدين الخارجي أن يتم اتخاذ إجراءات قوية كما كان في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عن طريق إصدار تعليمات بوقف الاقتراض من الخارج، وهذا أمر في يد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة في ظل الاعتماد على المساعدات الخارجية.
ولفت آدم إلى أنه برغم سهولة هذا المقترح إلا أنه من الصعب تنفيذه في ظل الظروف الحالية التي تشهد تراجعًا في موارد الدولة من النقد الأجنبي بسبب تراجع الصادرات وانخفاض عوائد قناة السويس، وتدهور قطاع السياحة، وهو ما تضطر معه الدولة إلى الاقتراض من الخارج.
وأكد أن الإجراءات التي يقوم بها محافظ البنك المركزي ليس لها فائدة دون إصلاح منظومة السياسة النقدية، كما أن محاولة تخفيض الجنيه المصري وربطه بتشغيل المصانع ستؤدي إلى إغلاق المصانع وليس العكس.
تنسيق المجموعة الاقتصادية
ومن جانبه، قال الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن تخفيض الدين العام وزيادة الاحتياطي النقدي يحتاج إلى انضباط مالي محكم، حيث أن عجز الموازنة تفاقم خلال العام المالي (2015-2016) عن المستهدف من 9 بالمئة إلى 11.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي أي بواقع 100 مليار جنيه زيادة، وهو ما يتوجب معه الالتزام بالمستهدف للعام المالي الحالي (2016- 2017) وخفض العجز إلى 9.8 بالمئة.
ولفت الفقي خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، إلى أنه من أجل زيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي لابد أن يستخدم البنك المركزي أدواته للتعاون مع المجموعة الاقتصادية في إطار المجلس التنسيقي، والربط بين السياسة المالية والنقدية.
وأضاف أن التنسيق مع الحكومة لابد أن يشمل بذل وزير السياحة جهودًا لتنشيط السياحة، وتهيئة وزيرة الاستثمار المناخ للتشجيع عليه، ومحاولة وزير الصناعة تحفيز الصادرات وتخفيض الواردات، وكل من في المجموعة الاقتصادية له دور هام وكبير لتحقيق الأهداف المرجوة.
وأوضح الفقي أن التصريحات التي يدلي بها محافظ البنك المركزي بخصوص فكرة خفض الجنيه "تحدث بلبلة لا فائدة منها وغير مرغوبة"، وكما أن التقريب بين سعري الدولار في البنوك والسوق السوداء عبر خفض الجنيه سيزيد من التضخم والغلاء، بينما سيؤدي رفع الفائدة على الودائع إلى تحسين السيولة وتوافرها في السوق.
فيديو قد يعجبك: