هل تعتذر الحكومة للمصريين بعد خطأ توقعات صندوق النقد بشأن الجنيه؟
كتبت - إيمان منصور:
فاجأ صندوق النقد الدولي، المصريين بإعلانه أمس الأربعاء، أنه أخطأ في توقعاته حول مدى انخفاض سعر الجنيه عقب قرار التعويم، حيث أنه كان يتوقع أن يسجل الجنيه أمام الدولار قيمة أعلى من أسعاره الحالية، وذلك وفقًا للعوامل الأساسية التي تم بناءً عليها الموافقة على القرض.
وكان كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لدى مصر، قال أمس الأربعاء، في مؤتمر صحفي عبر الانترنت، إن سعر صرف العملة في مصر انخفض أكثر مما توقعه الصندوق بالنظر إلى العوامل الأساسية.
فهل اتخذت الدولة قرار تحرير سعر الصرف دون دراسة كافية أدت إلى زيادة الأسعار بالشكل الحالي الذي ألهب جيوب المصريين؟ وهل قدمت معلومات غير دقيقة للصندوق أدت إلى تقدير غير موفق لتراجع سعر الجنيه بعد التعويم؟ وبالتالي هل على الحكومة أن تعتذر للشعب المصري على هذا الغلاء نتيجة الإجراءات الأخيرة؟
من جانبه، قال الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، إن الحكومة سعت بكافة الطرق لموافقة الصندوق على منح القرض "حتى أنها تعمدت تقديم أرقام وإحصائيات عكس الواقع، حتى تستطيع الحصول على القرض، واتخذت إجراءات قاسية فوق طاقة المواطن، حتى تنال رضا الصندوق عنها، ولذلك لن تعتذر ولن تقوم باتخاذ أي إجراءات لتصحيح هذا المسار".
وأضاف النحاس خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن الحكومة لم تدرس السوق جيدًا قبل اتخاذ قرار تعويم الجنيه، وأصبحت عاجزة عن ضبط الأسعار وإعادة حركة الإنتاج بشكل صحيح والسيطرة على الأسواق، وذلك بسبب قفز سعر الدولار بشكل كبير من 13 جنيهًا في نوفمبر الماضي حتى تخطى الـ 18 جنيهًا في أقل من 3 أشهر، وكانت هذه النتيجة أعلى من توقعات الصندوق.
وأشار إلى أن الحكومة تتصرف وكأنها هي التي تدير المتغيرات ولكن العكس يحدث في الواقع حيث أن المتغيرات هي التي تدير القرارات، ففي غضون شهور قليلة، حدثت أزمة في سلعة الأرز، والأدوية، والقمح، وذلك بسبب أن الحكومة تأخذ القرارات في عالم معزول دون النظر إلى أي اعتبارات، وكانت النتيجة تحقيق خسائر اقتصادية عقب التعويم أكبر من قيمة القرض نفسه، بحسب وصفه.
ونبه النحاس إلى أن الحكومة سعت خلال الفترة الماضية إلى تخفيض حجم الواردات، وبالفعل انخفض ولكن النتيجة كانت حدوث أزمة كبيرة في الشارع المصري واختفاء العديد من السلع من الأسواق، مثل الأرز، والقمح، والأدوية، منبهاً إلى أن مصر تحتاج إلى مخزون تجاري من السلع وليس مخزون استراتيجي.
ولفت إلى أن الحكومة لا تستطيع فعل أي شيء حاليًا لإعادة ضبط هذا الوضع الذي وصل إلى مرحلة "الانفلات الاقتصادي"، منوهًا بأن تصريحات الحكومة بتوقعات انخفاض معدل التضخم، وارتفاع النمو غير صحيح، حيث أن مصر دولة كبيرة لن يصلح اقتصادها بعض المشروعات الصغيرة يتم افتتاحها في الوقت الحالي.
من ناحيته، قال الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن انخفاض سعر الجنيه بشكل أكبر من توقعات صندوق النقد بعد تحرير سعر الصرف، يأتي نتيجة اتخاذ الحكومة هذه الخطوة دون دراسة كافية وفي توقيت خاطئ وبطريقة غير صحيحة.
وأضاف عبده خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن الصندوق طالب بتحديد سعر مرن للجنيه قابل للانخفاض بشكل متدرج، ولكن هبوط قيمته مقابل الدولار في فترة قصيرة واحدة من 8.8 إلى 18 جنيهًا أدى إلى "خراب بيوت".
وتابع: "ارتفع معدل التضخم إلى 24.3%، وعانت كل الطبقات في شهور ما يمكن أن يحدث لها في سنوات من اشتعال أسعار وتعطيل مصالح، وعدم قدرة البنك المركزي تنفيذ وعوده بتلبية احتياجات الدولار، حتى بدأت السوق السوداء في الظهور مرة أخرى".
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن أن معدل التضخم السنوي سجل 24.3 بالمئة لشهر ديسمبر 2016 مقارنة بشهر ديسمبر 2015، مرتفعًا من 20.2 بالمئة في نوفمبر 2016، وسجل بذلك أعلى مستوى منذ أغسطس 2008، حيث تخطى وقتها 25 بالمئة.
ولفت عبده إلى أن الحكومة كان همها الوحيد هو موافقة الصندوق على إعطاء القرض، "ولذلك حاولت مجاملة الصندوق على حساب الشعب".
وأشار إلى أن الحكومة لا تستطيع فعل أي شيء حاليًا "فقد انطلقت الرصاصة ولا رجوع فيها" كما أنها لن تعتذر عن ما حدث، والحل الوحيد حالياً هو مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بتغيير فوري لهذه الحكومة، حتى لا يدفع الشعب المصري ثمن أخطاءها، وإيجاد حكومة لديها فكرة ورؤية.
فيديو قد يعجبك: