لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف تغيرت نظرة وسائل الإعلام والمؤسسات الدولية للاقتصاد المصري؟ (تحليل)

05:15 م الأحد 08 يناير 2017

الحكومة المصرية

تحليل - مصطفى عيد:

استطاعت الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة المصرية خلال الشهور الأخيرة تغيير نظرة العديد من المؤسسات الدولية ووسائل الإعلام الغربية إلى الاقتصاد المصري لنظرة تفاؤلية وعلى رأسها مجلة الإيكونوميست البريطانية، التي اختارت مصر ضمن أفضل 12 وجهة استثمارية في 2017 بعد أن كانت ترى في أغسطس الماضي أن الوضع قاتمًا.

وقامت الحكومة المصرية بتحركات إصلاحية واسعة خلال الشهور الأخيرة ضمن برنامج مدته 3 سنوات، يستهدف إصلاح تشوهات المالية العامة بخفض نسبة عجز الموازنة والدين العام الحكومي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وإصلاح منظومة الدعم، وتوسيع المنظومة الضريبية لزيادة الموارد.

كما يستهدف البرنامج مرونة السياسة النقدية ووجود أسعار صرف تعبر عن القيمة الحقيقية للجنيه، وتهيئة مناخ الاستثمار، وزيادة معدل النمو وأن يكون نموًا احتوائيًا ومستدامًا يتضمن زيادة تحسين الأحوال المعيشية، بالإضافة إلى العمل على خفض نسب البطالة وتضخم الأسعار، وتنوع قطاعات الاقتصاد، والاعتماد على التصنيع المحلي.

إشادة عالمية

في أوقات متقاربة، قامت عدد من وسائل الإعلام العالمية والمؤسسات والبنوك الدولية بالإعلان عن عدد من المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري في 2017، منها ما ذكرته مجلة الإيكونوميست يوم الخميس الماضي بوضعها مصر ضمن أفضل 12 وجهة استثمارية في العالم خلال العام الجديد 2017، متوقعة صعود الجنيه بنسبة 14 بالمئة خلال السنة.

وقال كبير الاقتصاديين لدى المجلة سايمون بابتيست - في أول أعداد المجلة لسنة 2017 - إن ارتفاع جاذبية مصر الاستثمارية يرجع إلى إصدار البنك المركزي المصري قرارًا في نوفمبر الماضي بتحرير سعر الصرف، والذي كان موضع ترحيب دولي في أواخر عام 2016.

كما اختارت شبكة بلومبرج الإخبارية، الأسبوع الماضي، مصر ضمن تقرير لها لرصد وإبراز أفضل 20 وجهة سياحية في عام 2017، بعد زيادة تأمين الأماكن السياحية، وبداية عودة شركات تنظيم الرحلات العالمية المعروفة إلى مصر، وافتتاح عدد من المزارات بعد ترميمها.

ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، اختارت مجموعة سيتي بنك، مصر ضمن 5 أسواق ناشئة يرى المستثمرون أنهم متحمسون لضخ الاستثمارات فيها خلال 2017، وتشمل أيضًا باكستان وفيتنام وسريلاكنا ورومانيا.

كما قامت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في منتصف ديسمبر، بالإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى "بي"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، مرجعة ذلك إلى أن الحكومة المصرية نوعت خلال الآونة الأخيرة من مصادر التمويل الخارجية.

خطوات إصلاحية

قامت الحكومة بتطبيق عدة خطوات ملموسة في برنامج الإصلاح ففي إطار التوسع الضريبي، وافقت الدولة على تطبيق الضريبة على القيمة المضافة بدلًا من ضريبة المبيعات في سبتمبر الماضي لتدخل أنشطة وقطاعات جديدة ضمن المنظومة الضريبية، بالإضافة إلى العمل على إدخال الاقتصاد غير الرسمي للاقتصاد الرسمي عبر مجموعة من الحوافز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وشملت الخطوات الإصلاحية تحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر الماضي وترك حرية تحديد أسعار العملات الأجنبية أمامه للبنوك وفقًا لآلية العرض والطلب، للقضاء على السوق السوداء للعملات وعودة حركة تغيير العملات إلى سوقها الطبيعي في البنوك.

ورغم ارتفاع أسعار الدولار في الفترة الأخيرة مما تسبب في تضخم الأسعار بشكل ملحوظ إلا أن التوقعات ترى أن الجنيه سيرتفع عند مستوى مستقر خلال النصف الثاني من 2017.

كما قامت الحكومة باستئناف برنامج خفض الدعم على المواد البترولية والذي بدأ في منتصف عام 2014 وتوقف خلال السنة المالية الماضية، حيث قامت الحكومة برفع أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي للسيارات بنسب تتراوح ما بين 30 و45 بالمئة، كما استمرت في تنفيذ برنامج خفض الدعم على الكهرباء ورفع الأسعار.

ورحب البنك الدولي بالخطوات التي قامت بها الحكومة في هذا الإطار (تعويم الجنيه وخفض الدعم)، منبهًا إلى أن هذه الإصلاحات ستعمل على خلق وظائف وإعادة تنشيط الاقتصاد، وتدعم نمو الصادرات والمنافسة بين المستثمرين المصريين، وتجذب الأجانب، وتحسين مستوى معيشة الفقراء.

كما رحب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بهذه القرارات، لافتًا إلى أنها خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، وستحسن من أوضاع أسواق الصرف، أثنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني على تحرير سعر صرف الجنيه، منوهة إلى أن القرار سيزيد في الغالب من إمكانية حصول البنوك على الدولار ويدعم الأنشطة الاقتصادية وأعمال البنوك في مصر.

وسجلت البورصة أرقامًا قياسية خلال عام 2016 على إثر تحرير سعر الصرف، حيث تجاوز المؤشر الرئيسي حد 12 ألف نقطة وارتفع لأعلى مستوياته، كما سجل رأس المال السوقي أعلى مستوى في 8 سنوات متجاوزًا 600 مليار جنيه، تجاوز قيم التداول اليومية في عدد من الجلسات 2 مليار جنيه.

قرض الصندوق

بدأت مصر مفاوضات في يونيو الماضي مفاوضات غير معلنة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتم الإعلان عن المفاوضات عند قدوم بعثة خبراء من الصندوق في أغسطس الماضي والتي توصلت خلال الزيارة على اتفاق مبدئي مع الحكومة للحصول على القرض.

وفي الحادي عشر من نوفمبر الماضي، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد بشكل رسمي على منح قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات في إطار حزمة تمويلية بقيمة 21 مليار دولار، وحصلت مصر على 2.75 مليار دولار الشريحة الأولى من القرض، على أن تحصل على الثانية في النصف الأول من 2017.

ومن المنتظر أن يكون حصول مصر على القرض شهادة من جهة دولية لعودة الثقة للمستثمرين الأجانب بشأن جدية والتزام مصر بإجراء الإصلاحات لتهيئة المناخ المناسب، وهو ما يلزم الحكومة باستكمال الإصلاح وفي نفس الوقت يعيد الثقة في الأسواق المصرية ويعمل على جذب الاستثمارات.

وفي إطار موازٍ، وافق كل من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي على منح مصر الشريحة الثانية من قرضين يقدمهما البنكان لمصر منهما قرض بقيمة 3 مليار دولار على 3 سنوات من البنك الدولي، والآخر بقيمة 1.5 مليار دولار في نفس الفترة من البنك الأفريقي، وتبلغ الشريحة الثانية من القرضين 1.5 مليار دولار.

تنشيط الاستثمار

تعمل الحكومة حاليًا على إقرار مشروع قانون الاستثمار من مجلس النواب بعد موافقة الحكومة عليه، بما يعمل على تهيئة مناخ الاستثمار إلى جانب إجراءات أخرى، ومن المتوقع إقرار القانون خلال يناير الحالي أو فبراير المقبل على أقصى تقدير، كما تم إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار وأصدر المجلس عدة قرارات في اجتماعه الأول برئاسة عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.

وشملت هذه القرارات الصادرة في الأول من نوفمبر الماضي، إعفاءات ضريبية لعدد من القطاعات التي يتم الاستثمار فيها في مناطق معينة مثل الصعيد، بالإضافة إلى تسهيلات أخرى في الأراضي وغيرها، وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإدخال الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، وتأجيل الضريبة على أرباح البورصة لمدة 3 سنوات.

وعلى جانب تنشيط البورصة، تعتزم الحكومة إعلان برنامج طروحات في البورصة تشمل قيد وطرح نسب معينة من أسهم عدد من شركات قطاع الأعمال العام خاصة البترولية، والبنوك للتداول في البورصة، وزيادة رأسمالها، بما يمكن الحكومة باستمرار التحكم فيها، على أن يتم تطويرها بهذه الطروحات، وزيادة الشفافية والإفصاح، وتنشيط التداول في البورصة المصرية.

وتعتزم الحكومة المصرية طرح سندات دولارية في الأسواق الدولية بقيمة تتراوح ما بين 5 و6 مليارات دولار خلال عام 2017، جزء منها خلال النصف الأول من العام، وقام البنك المركزي بعمل اتفاقية مبادلة عملة مع البنك المركزي الصيني بقيمة 18 مليار يوان (2.6 مليار دولار) لمدة 3 سنوات، لتخفيف الضغط على الدولار في مصر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان