العودة أم التقشف... كيف يواجه المصريون الإصلاحات الاقتصادية في السعودية؟
كتبت- ياسمين سليم:
مع أداء فريضة الحج هذا العام، ستغادر ريهام محمود، المملكة العربية السعودية، هي وأطفالها للمرة الأخيرة بعدما قضت بها نحو 11 عاما، منذ قدومها مع زوجها الذي يعمل هناك.
تقول ريهام إن قرار مغادرة السعودية، يأتي توفيرا للنفقات بعدما رفعت المملكة رسوم الإقامة على العاملين الأجانب والمقيمين المرافقين لهم، فضلا عن رفع أسعار الكهرباء وتطبيق ضريبة القيمة المضافة مع بداية العام الجديد.
وتنفذ المملكة خطة للإصلاح تحت اسم "رؤية 2030"، لتخليص الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط، وزيادة مواردها عن طريق بعض الإجراءات مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الطاقة وفرض رسوم على المقيمين فيها.
"أغلب الأسر المصرية بدأت تنزل بشكل نهائي، وتسيب أزواجها هناك توفيرا للنفقات إللي هتدفع كرسوم إقامة على المقيمين"، تقول ريهام لمصراوي.
دفع زوج ريهام نحو 10 آلاف ريال سعودي لزوجته و3 أطفال مقابل إقامتهم معه لمدة عام ونصف تنتهي بنهاية العام المقبل.
وبحسب ريهام "دفعنا 10 آلاف ريال ولسه جوزي هيدفع أول السنة 4800 ريال سعودي رسوم لمكتب العمل".
وتبدأ وزارة المالية السعودية تحصيل مقابل مالي شهري على العاملين الوافدين بداية من يناير 2018، ويتراوح المقابل المالي بين 300 إلى 400 ريال شهريا.
في يوليو الماضي، فرضت السعودية مقابل مالي على المقيمين المرافقين للعمالة الوافدة في القطاع الخاص بقيمة 100 ريال شهريا، وخلال العام المقبل سترتفع القيمة إلى 200 ريال شهريا.
تقول ريهام "هو مرتب جوزي فيه كام ألف علشان كل سنة ندفع قرب 20 ألف ريال للبلد".
كان قرار أسرة ريهام، بعودتها هي وأطفالها، وترك زوجها، رغبة في توفير كل هذه المصروفات التي ستلزمهم المملكة بدفعها مع بداية العام الجديد، "أنا وولادي العبء الأكبر في المصاريف، فبنزولنا لمصر هيقل العبء ده ونقدر نوفر".
لم تكن ريهام تعاني من ارتفاع الرسوم المفروضة عليها هي وأسرتها من قبل المملكة فقط، ولكنها بدأت تعاني مؤخرا من ارتفاع الأسعار مع انتظار المزيد مع تطبيق المملكة ضريبة القيمة المضافة وزيادة أسعار الكهرباء والبنزين.
بالنسبة لريهام، سيكون قرار مغادرة السعودية أفضل من المكوث مع زوجها لأن "جوزي عليه ديون، ولو قعدنا كمان سنة فإللي جاي مش هيبقى على قد الرايح".
البحث عن العروض
ونتيجة الإجراءات الاقتصادية التي تطبقها السعودية حاليا، لم يدخر أحمد صلاح، طبيب صيدلي، أية أموال تقريبا منذ شهر يونيو الماضي.
ويقول صلاح لمصراوي، الذي يعمل في السعودية منذ 4 أعوام، "مرتبي بيعتمد على نسبة من المبيعات في الصيدلية إللي شغال فيها وبقالنا فترة في حالة ركود بسبب الإصلاحات الاقتصادية في السعودية، وده قلل دخلي بنسبة 35%".
ومع بداية العام الجديد، سيدفع صلاح مبلغ 4800 ريال رسوم إقامة زوجته وطفلته، فضلا عن رسوم أخرى سيدفعها عن نفسه.
يقول صلاح "حتى الآن ما نعرفش هل إحنا هنتحمل الرسوم دي ولا صاحب العمل إللي هيدفعها، لكن حوالي 75% من المصريين هنا هما إللي دفعوها".
لم يتخذ صلاح أي قرار بعودة زوجته وابنته إلى مصر توفيرا للرسوم التي سيدفعها ويقول "المهم الراحة النفسية، لكن في ناس بدأت توفر فلوس الرسوم والإيجارات وبقت بتنزّل ولادها علشان توفر فلوس".
ويبلغ عدد المصريين المقيمين في السعودية أكثر من 2.9 مليون مصري، بحسب إحصاء السكان الأخير، الصادر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بما يمثل نسبة كبيرة من الوافدين في السعودية.
ويقدر عدد العاملين الأجانب في السعودية بالقطاع الخاص 11.1 مليون عامل، فضلا عن 2.2 مليون مرافق لهذه العمالة، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء أعلنتها في يوليو الماضي، من إجمالي 32.5 مليون نسمة وهو عدد السكان في السعودية.
بدأ صلاح اتخاذ إجراءات تقشفية رغبة منه في توفير مقابل مالي له، "بقيت أدور على العروض في المحلات والرفاهيات قلت خالص ومبقاش في أكل من برا في المطاعم وقبل لما أشتري أي حاجة أبص على سعرها الأول مش زي زمان"، بحسب قوله.
وخلال شهر نوفمبر الماضي، ارتفعت أسعار المستهلكين في السعودية، لأول مرة خلال عام 2017، بنسبة 0.1%، بحسب تقرير لموقع العربية الأربعاء الماضي.
ومثلما قرر صلاح اتخاذ إجراءات تقشفية، اتخذت أسرة رباب راشد، هي الأخرى نفس الإجراءات تقول لمصراوي "قللنا جدا من الأكل بره، مبقاش غير الضروري أوي والخروجات، وشراء اللبس بقى يا دوب إللي يقضي الأولاد".
تقول رباب، التي تعيش مع زوجها وطفلين منذ عدة سنوات بالسعودية "بقينا نحسب بس السنة تعدي أزاي من غير ما نستلف ونكفي نفسنا".
دفع زوج رباب 12 ألف ريال رسوم لزوجته وطفليه لتبقى حتى نهاية 2018، فيما سيتكفل مكان عمله هو بدفع الرسوم المفروضة عليه، وفقا لرباب.
وتضيف "أحنا دفعنا وهنقعد، لكن حسب ما نرى حولنا، فإن عدد إللي هينزل وخد خروج نهائي تضاعف بسبب كل الإجراءات دي".
لم تدفع أسرة رباب فقط رسوم الإقامة في السعودية خلال العام فقط، لكنها دفعت أيضا رسوما بقيمة 2500 ريال للسفارة المصرية بالسعودية مقابل أن يؤدي أطفالها الامتحانات بها.
"مش كفاية علينا الفلوس إللي هندفعها للبلد لأ كمان بلدنا زودت الرسوم علشان العيال تمتحن في السفارة"، وفقا لقولها.
تشتكي رباب من ارتفاعات في الأسعار متوقعة خلال العام القادم في المملكة "أسعار الكهرباء هترتفع وإللي كان بيدفع 100 ريال في الشهر هيدفع 380 ريال وأكتر"، وفقا لقولها.
وستبدأ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية رفع أسعار الكهرباء، في يناير 2018 على الاستهلاك السكني والتجاري والزراعي والمؤسسات والجمعيات الخيرية والمنشآت الصحية والخاصة والمعاهد والمدارس الأهلية.
لا تجد رباب وأسرتها حلا إلا في البقاء في السعودية "هنعمل أيه مفيش حلول تانيه هنرضى وهنصبر لأن معظم إللي موجود هنا مالوش دخل ولا وظيفة بمصر ولا حتى فيه رأس مال يعمل مشروع".
اقرأ أيضا:
5 إجراءات تثقل كاهل المصريين العاملين في السعودية خلال 2018
فيديو قد يعجبك: