تعاون بين العراق والبنك الدولي لمحاربة الفقر
القاهرة - مصراوي:
حضر ملف معالجة أزمة الفقر في العراق بقوة في برامج التشغيل والتنمية المحلية والمجتمعية لـ "الصندوق الاجتماعي للتنمية"، الذي ناقشت سبل بدء نشاطاته ورشة عمل في بغداد ضمّت البنك الدولي والحكومة العراقية، التي وافقت على إنشائه لدعم الأسر العراقية. وقال الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق إن "هذه الورشة تعد الإطار الأول للاتفاق على خطة العمل الأولية للمضي قدماً في إنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية، والاتفاق مع البنك الدولي يتضمن هذا العام بناء القدرات وتنفيذ بعض النشاطات والورش، وأن يكون البنك مستعداً للدعم المالي مطلع عام 2018، كما سنُدخل في موازنة العام المقبل تخصيصات للصندوق، بعدما وافق مجلس الوزراء على هذا المشروع".
وأضاف في كلمته أن "الجهد الجديد مع البنك الدولي المتمثل بتأسيس الصندوق الاجتماعي للتنمية، مرتبط بآلية تحول الإمكانات التي تتاح لهذا الصندوق إلى تنمية حقيقية من خلال تنشيط التشغيل والقضاء على البطالة وتحريك بعض النشاطات الصغيرة". وأوضح أن "الموضوع يحتاج إلى تمويل والفكرة الأساس للصندوق تتمثل في أن تتولى الدولة تأمين جزء من موارده عبر المنح الدولية ومنافذ أخرى"، مشيراً إلى "رفع تقرير تفصيلي عن آلية عمل الصندوق وأهدافه إلى مجلس الوزراء، إذ نوقش بدقة متناهية وصدر قرار من المجلس بتبني هذا الصندوق وأبلغنا البنك الدولي بهذا القرار ثم ناقشنا آليات تطويره".
ولفت العلاق إلى التفاعل مع منظمات المجتمع المدني بما يخدم المسيرة التنموية، مثنياً على "مشروع في بغداد تبنته المصارف الخاصة ويهدف إلى إعادة تأهيل 20 ساحة في العاصمة وتطوير شارع الرشيد ومشروع نافورة السلام في منطقة التاجي شمال بغداد وأماكن أخرى". واستعرض ما أنجز بعد عام 2003 ودور وزارة التخطيط في إجراء الدراسات والمسوحات، حيث بدأ العمل بالمسح الغذائي بعدما أشارت المنظمات الدولية إلى وجود مشكلة في الأمن الغذائي في العراق".
وشدد على أن "العراق نفذ خلال السنوات الماضية بالتعاون مع البنك الدولي، المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، وما أنجز يمثل طفرة نوعية لتطوير منهجيات العمل"، لافتاً إلى "انبثاق استراتيجية تخفيف الفقر في العراق 2010-2014، التي كان كتب لها القبول والانتشار الواسع وتنفيذ بعض أنشطتها لولا ما حصل عام 2014، لا سيما أن المؤشرات كانت تؤكد انخفاض نسبة الفقر من 23 إلى 19 في المئة".
وقال رئيس فريق المهام في البنك الدولي غسان الخواجة إن "مناطق عدة في العراق تعاني تدني البنية التحتية والاقتصادية، ويترافق ذلك مع شح فرص العمل وظروف اقتصادية صعبة بسبب الحرب على الإرهاب وانخفاض أسعار النفط، وتأثير ذلك في الفئات الهشة في المجتمع"، لافتاً إلى أن "بقاء هذه الحال من دون معالجة فورية سيؤدي إلى مزيد من انعدام الاستقرار".
وأكد أن "التجارب الدولية أظهرت أن هذا الصندوق يمكن أن يساهم في مواجهة التحديات أمام المجتمع من خلال تقديم المساعدة إلى الفئات المحرومة ومساعدتها في إعادة بناء البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية واستحداث فرص عمل موقتة". وقال إن "البرنامج يأتي في صلب عمل البنك الدولي بالتعاون مع الحكومة العراقية ووزاراتها لوضع برنامج لتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي"، مشيراً إلى أن البنك يتطلع إلى البرنامج ليكون نقطة تحول في المجتمع العراقي.
وأشاد رئيس "رابطة المصارف الخاصة العراقية" وديع الحنظل بهذه التجربة، معتبراً أن "الشمول المالي يساند أهداف الصندوق ويعزز قدرات العائلة العراقية ويمكّنها من رفع المستوى المعيشي وتجاوز خط الفقر، من خلال تمكين الفرد وتوفير فرص عمل وتأمين موارد مالية مستمرة بعد الدخول إلى ميدان العمل الفعلي الإنتاجي والخدمي".
وفي ملف متصل، أكد الناطق باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية عبدالزهرة الهنداوي في تصريح إلى "الحياة"، أن "الوزارة لم تصدر أي مؤشرات جديدة عن نسب الفقر في العراق، والمؤشر الرسمي المعتمد من قبل الحكومة والبنك الدولي لمستوى الفقر هو 22.5 في المئة، وفقاً للدراسة الأخيرة التي أعدتها الوزارة عن الفقر نهاية عام 2014".
وأوضح أن "كل ما يتم تداوله من مؤشرات تتعلق بمستوى الفقر، عبارة عن تكهنات وتوقعات غير مبنية على دراسة أو مسح ميداني"، لافتاً إلى أن "وزارة التخطيط تعدّ لتنفيذ مسح جديد خلال الفترة المقبلة لتحديد مؤشرات الفقر في شكل دقيق". وأضاف أن "العراق تعرض لأزمتين متلازمتين في النصف الثاني من عام 2014، تمثلتا بالانخفاض الحاد لأسعار النفط واحتلال تنظيم داعش مناطق عدة، ما تسبّب بموجات من النزوح إلى إقليم كردستان والمحافظات العراقية الأخرى".
وأشار الهنداوي إلى أن "الأزمتين تسببتا بانخفاض النمو إلى 6 في المئة بين عامي 2013 و2014، فيما كان متوقعاً أن يسجل 9 في المئة، كما شهد قطاع الصناعة والإنشاءات انخفاضاً كبيراً في معدل النمو من 27 إلى سالب 18 في المئة". ولفت إلى أن "وزارة التخطيط بالتعاون مع الكثير من الجهات المعنية والبنك الدولي، تستعد لإطلاق إستراتيجية جديدة للتخفيف من الفقر للسنوات 2017-2021، تأخذ في الاعتبار الواقع والتحديات الأمنية والإنسانية والاقتصادية التي يواجهها العراق"، موضحاً أن "الاستراتيجية الأولى التي أطلقتها الوزارة للسنوات 2010-2014 نجحت في تحقيق هدفها بخفض نسبة الفقر من 23 إلى أقل من 16 في المئة خلال النصف الأول عام 2014، ولكن بسبب تداعيات الأزمتين الأمنية والاقتصادية، عاودت مؤشرات الفقر الارتفاع إلى 22.5 في المئة".
وكانت عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي النائب نجيبة نجيب صرحت بأن معدل الفقر في العراق ارتفع إلى 35 في المئة، وهو الأعلى منــذ نحو 100 سنة.
فيديو قد يعجبك: