جدل بعد تصريحات محافظ المركزي بشأن علاقة سعر الصرف بارتفاع الأسعار
كتب - مصطفى عيد:
أثارت تصريحات طارق عامر محافظ البنك المركزي بشأن علاقة سعر الصرف بمعدلات التضخم، حالة من الجدل بين خبراء الاقتصاد، فبينما يرى البعض أن هذه التصريحات تعتبر هروبًا من المسؤولية عن تداعيات القرار على ظروف المعيشة، يؤكد آخرون أن هذه التصريحات صحيحة لأن تعويم الجنيه يعد بريئًا بشكل كبير من صعود التضخم.
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي، خلال لقاءه مع برنامج "مساء DMC" مع الإعلامي أسامة كمال، يوم الجمعة، إن أسعار الصرف أصبحت ليس لها علاقة بالتضخم، وتحركها لن تؤثر على معدلات التضخم ولن تتكرر الفترة التي مررنا بها والتي أصبحت تاريخًا.
وقرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر الماضي، ليصل سعر الدولار إلى مستويات تعدت 19 جنيهًا أحيانًا بعد أن كان سعره 8.88 جنيه قبل التعويم، ولكن الجنيه صعد بوتيرة سريعة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من فبراير بنسبة 16% ليصل سعر الدولار لمستوى 15.75 جنيه.
وتزامن ذلك مع صعود معدلات التضخم إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية ليصل بنهاية يناير الماضي إلى 29.6% ليسجل أعلى مستوياته في سنوات.
من ناحيته، قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، إن تصريحات محافظ البنك المركزي يمكن تفسيرها في إطار باب الهروب من المسؤولية عن ارتفاع الأسعار الذي حدث خلال الفترة الأخيرة والذي أدت إلى تراجع مستوى المعيشة بعد قرار "تعويم الجنيه".
وأضاف عبده خلال تصريحات لمصراوي، أن المحافظ يحاول أن يستغل عدم تأثر الأسعار بشكل كبير في أي تحرك غير حاد لسعر الصرف في رفع يده عن ارتفاع الأسعار رغم أن السبب الأساسي فيها كان قرار تحرير سعر الصرف والذي أدى في النهاية لاستغلال التجار له لمضاعفة الأسعار مرة أخرى.
ولفت إلى أن أي بناء على واقع جديد لا يعفي من التسبب في أن يكون هذا الواقع "خرب" فلا يصح فصل المستقبل عن الماضي والحاضر، متسائلًا كيف سمح رئيس الجمهورية للمسؤولين عن هذه الإجراءات التي يرونها إصلاحية بينما لم ينتج عنها إلا تضرر أغلب الفئات وجاءت بما وصفه بـ "الخراب".
وشدد عبده على ضرورة استعانة رئيس الجمهورية بمستشارين اقتصاديين لتقييم أي إجراء أو قرار يتم اتخاذه، وهو أمر لا يعيب الرئيس بل يحسب له، منبهًا إلى سعر الصرف يعد من أهم العوامل المؤثرة في التضخم بشكل عام إلى جانب جشع التجار، وتراجع الإنتاج.
وعلى الجانب الآخر، يرى الدكتور هشام إبراهيم استاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، أن تصريحات محافظ البنك المركزي تعتبر صحيحة من الناحية الاقتصادية، حيث تعويم العملة في الأصل بريء من ارتفاع الأسعار.
وقال إبراهيم خلال تصريحات لمصراوي، إن سعر الدولار في السوق السوداء وصل إلى مستويات 18 جنيهًا خلال الفترة التي سبقت التعويم، حيث كانت تعتمد أغلب السلع المستوردة على تمويل استيرادها من هذه السوق وبالتالي ساهمت في ارتفاع الأسعار، بينما لم يؤثر التعويم إلا على أسعار السلع الأساسية التي كان يمولها خلال هذه الفترة.
وأضاف أن هناك أسبابًا أخرى ساهمت بشكل كبير في ارتفاع الأسعار ومنها أسباب حقيقية مثل رفع الأسعار الاسترشادية للجمارك مرتين خلال 2016، وزيادة أسعار الوقود والكهرباء، وتطبيق الضريبة على القيمة المضافة، إلى جانب أسباب أخرى مفتعلة منها محاولة التجار تحقيق أكبر مكسب ممكن خاصة مع تراجع الاستيراد.
وأشار إبراهيم إلى أن الدليل على ذلك أن بعض التجار قاموا بخفض الأسعار بشكل تلقائي ليس له علاقة بصعود الجنيه في الفترة الأخيرة، وذلك بسبب حالة الركود التي أصابت السوق وبالتالي مع التزام هؤلاء التجار بتكاليف إلى جانب حاجتهم للسيولة لاستكمال دورة رأس المال قاموا طواعية بعمل مبادرات لخفض الأسعار، بينما لا يمكن أن يظهر تأثير صعود الجنيه بهذا الشكل السريع.
وتوقع إبراهيم مع حدوث مثل هذه المبادرات أن يكون معدل التضخم خلال الشهر الماضي هو الأعلى وهو ما يتوافق مع تصريحات محافظ البنك المركزي بأن الفترة التي مرت بها مصر لن تكرر وأصبحت من التاريخ.
كما توقع عدم تأثر معدلات التضخم بأي ارتفاع لأسعار الصرف إلا لو كان هذا الارتفاع قويًا، ولكن ذلك لن يكون أيضًا بمعزل عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التضخم، منبهًا إلى عام 2017 سيشهد عدة إجراءات من شأنها أن تساهم في ارتفاع الأسعار منها رفع جديد لأسعار الكهرباء والوقود، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة ضريبة القيمة المضافة المطبقة من 13 إلى 14% بدءًا من يوليو المقبل.
فيديو قد يعجبك: