سيناريوهات المأزق المالي للحكومة مع دولار الموازنة الجديدة
كتب - مصطفى عيد:
وضعت وزارة المالية خطتها للإنفاق في موازنة العام الجاري، (2016-2017)، على أساس أن سعر الدولار مقابل العملة المحلية سيدور حول التسعة جنيهات، ويعكس الفارق بين تلك الجنيهات التسعة والأسعار التي تتأرجح بينها العملة الأمريكية في الوقت الحالي، (16-18 جنيهًا)، حجم الزيادة المتوقعة في الإنفاق العام في ظل استيراد العديد من المكونات المرتبطة بالاستثمار العام والمشتريات الحكومية بجانب تأثير الدولار على حجم المديونية المصرية.
وبينما قالت مصادر حكومية لمصراوي إن الحكومة قد تضع تقديرات موازنة (2017-2018) على أساس متوسط لسعر الدولار خلال العام عند 16 جنيهًا، فإن صندوق النقد الدولي يتوقع من مصر أن تخفض عجز الموازنة في هذا العام إلى 8.3% من الناتج الإجمالي مقابل عجزًا متوقعًا للعام الجاري نسبته 10%.
مصراوي استطلع آراء الخبراء حول أبرز القطاعات المتوقع أن تتأثر بسعر الدولار لوضع سيناريوهات للموقف المالي الحرج في الموازنة الجديدة.
وتأتي توقعات ارتفاع سعر الدولار على خلفية رفع البنك المركزي يده عن حماية العملة المحلية خلال نوفمبر الماضي مما أفقد العملة أكثر من نصف قيمتها.
"عبء الدين الخارجي من أبرز بنود الإنفاق المتأثرة في مشروع الموازنة الجديدة بتغير سعر الصرف" كما قال عمرو عدلي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، متوقعًا أن يتزايد عبء الدين تدريجيًا مع اقتراب مصر من آجال سداد القروض التي أخذتها خلال السنوات الأخيرة لمواجهة أزمة نقص تدفقات النقد الأجنبي.
وبافتراض قيام مصر بسداد نفس خدمة الدين الخارجي (الفوائد + الأقساط) المتوقعة للعام الحالي في السنة التالية (2017-2018)، سترتفع قيمتها مع تغير سعر الدولار إلى 87.4 مليار جنيه مقابل 49.2 مليار جنيه بزيادة 38.2 مليار جنيه.
دعم الغذاء والوقود
يعد الدعم من أهم بنود الموازنة المتوقع أن تتأثر أيضًا بتغير سعر الصرف في موازنة العام المالي المقبل، وقالت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس: "أهم البنود المتأثرة في الموازنة بتغير سعر الصرف تتمثل في دعم الغذاء والوقود".
وانعكست زيادة الدولار خلال الأشهر الماضية بشكل واضح على توقعات حجم الإنفاق على دعم المواد البترولية، بالرغم من أن الحكومة سارعت برفع أسعار الوقود مع التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي، حيث لم تمنع زيادة الوقود من توقع الحكومة ارتفاع تكاليف الدعم بنهاية السنة المالية الجارية بنحو 83% لتصل إلى 64 مليار جنيه، ويرجع عدلي ذلك إلى أن جزءًا كبيرًا من كميات الوقود المستهلكة عبارة عن مشتقات مستوردة من الخارج
الاستثمارات العامة
من المتوقع أن تتأثر أيضًا المبالغ المخصصة للاستثمارات العامة المخططة للعام المقبل بتغير سعر الصرف في حال اعتمادها على خامات أو مواد مستوردة في التنفيذ، وقالت رضوى السويفي: "الاستثمارات العامة ستتأثر في حالة ارتباطها باستيراد مواد من الخارج".
وشهدت الأموال المخصصة للاستثمارات العامة زيادة تقترب من الضعف في موازنة العام المالي الحالي (95.7%) مقارنة بالعام الماضي لتبلغ 146.7 مليار جنيه، ولكن الحكومة لم تنفق من هذا الرقم سوى أقل من خمسه (18.5%) في النصف الأول من العام وهو ما قد يشير إلى اتجاهها نحو التقشف في هذا البند لخفض عجز الموازنة.
"الأموال المخصصة للاستثمارات تنخفض أصلًا بسبب التقشف من أجل خفض عجز الموازنة"، وفقًا لعمرو عدلي.
السلع والخدمات
كما توقع عدلي أن يؤثر تغير سعر الصرف على بند شراء السلع والخدمات التي تحتاجها الحكومة في ظل اعتماد جزء كبير من الاقتصاد على احتياجاته من الخارج بشكل عام.
وشهدت المبالغ المخصصة لشراء السلع والخدمات في الموازنة العامة زيادة بنسبة 61.8% خلال السنوات الست الأخيرة لتصل إلى 42.3 مليار جنيه، وستوضح الزيادة في القيمة المخصصة لهذا البند في مشروع الموازنة الجديدة مدى اعتماد الدولة على المشتريات من الخارج في الوقت الذي يفترض أنها تتجه لتفضيل المنتج المحلي وأصدرت تشريعًا بهذا الأمر في عام 2015.
الفوائد وعجز الموازنة
توقع عدلي أن ينعكس تغير سعر الصرف أيضًا بشكل غير مباشر على خدمة الدين المحلي بسبب إجراءات رفع الفائدة المصاحبة لتحرير سعر الصرف وهو ما يزيد من تكلفة اقتراض الحكومة وبالتالي من بند الفوائد.
وارتفع العائد على أذون الخزانة التي تطرحها الحكومة لسداد عجز الموازنة من مستويات بين 14 و16% في يوليو الماضي (بداية العام المالي الحالي) إلى بين 18 و20% في مارس الحالي، وذلك تأثرًا بزيادة أسعار العائد على الإيداع والإقراض بنحو 3% تزامنًا مع قرار تحرير سعر الصرف في محاولة لتقليل السيولة بالأسواق وبالتالي التقليل من ارتفاع التضخم.
مشتريات الغذاء والوقود من الخارج
من المتوقع أن تتأثر المبالغ المخصصة لمشتريات مصر من المواد البترولية، أو التموينية بتغير سعر الصرف في (2017-2018)، وبافتراض ثبات نفس أسعار السلع التموينية عالميًا على نفس الأسعار التي كانت متوقعة في موازنة السنة الحالية وشراء نفس الكميات المستوردة من الخارج ستزيد مخصصات هذه الواردات بقيمة 7.7 مليار جنيه لتصل إلى 17.7 مليار جنيه.
وفي حالة التوقع بثبات أسعار المواد البترولية العالمية واستيراد نفس الكميات من الخارج خلال السنة المالية الحالية في العام المقبل، فسترتفع مخصصات شراء هذه المنتجات من الخارج من 63.3 مليار جنيه إلى 112.6 مليار بزيادة 49.3 مليار جنيه.
ولكن مع زيادة السعر المتوقع لبرميل البترول من 40 دولارًا في السنة الحالية إلى بين 55 و60 دولارًا في الموازنة الجديدة بحسب مصادر حكومية لمصراوي، قد تزيد المبالغ المخصصة لشراء الوقود من الخارج أكثر إذا تم استيراد نفس الكميات خلال السنة المقبلة.
فيديو قد يعجبك: