تحليل - لماذا توقعت وزيرة التخطيط زوال آثار التعويم عن الأسعار في نوفمبر؟
كتب - مصطفى عيد:
قالت وزيرة التخطيط هالة السعيد في مؤتمر الشباب اليوم بالإسماعيلية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن آثار تعويم الجنيه بشأن ارتفاع الأسعار ستزول في نوفمبر المقبل بعد عام من تحرير سعر الصرف، وهو ما يتفق مع تصريحات سابقة لوزير المالية بأن معدل التضخم سيبدأ في التراجع في نوفمبر وديسمبر المقبلين، ولكن لماذا تتوقع أن يحدث ذلك في هذا الشهر بالذات وما معنى كلام الوزيرة؟.
تشهد مصر ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع وصل معه معدل التضخم إلى مستويات لم يسجلها منذ عقود وبلغت ذروتها على أساس سنوي في مارس الماضي عند 32.5%، وهو ما يشتكي معه المصريون من الغلاء وزيادة تكلفة المعيشة.
وليس معنى زوال أثر تعويم الجنيه على ارتفاع الأسعار في نوفمبر المقبل أن الأسعار نفسها ستنخفض ولكن المقصود هو عودة المعدلات السنوية التي كانت ترتفع بها الأسعار إلى ما كانت عليه قبل تعويم الجنيه.
فمثلا لو كان متوسط معدل التضخم السنوي في الشهور السابقة على التعويم يصل إلى نحو 10%، ولكن بعد التعويم وصل التضخم لمستويات 30%، فإن نسبة ارتفاع الأسعار ستبدأ في العودة إلى نفس مستويات قبل التعويم (نسبة 10%) بدءا من نوفمبر المقبل، ويتوقف ذلك أيضا على العوامل الأخرى المؤثرة في التضخم ولكن آثار التعويم تكون قد انتهت.. ولكن لماذا في نوفمبر؟
ستبدأ آثار التعويم على معدلات التضخم في الزوال بدءا من نوفمبر بسبب سنة الأساس، أي شهر المقارنة الذي على أساسه يتم قياس التضخم، وكان نوفمبر أول شهر يتأثر فيه التضخم بسبب التعويم، وبالتالي عند قياس الأسعار به في نوفمبر المقبل يكون قد امتص تأثير التعويم أصلا وهو ما سيحدث مع الشهور التالية له.
ويتفق محللون وبنوك استثمار مع قالته الوزيرة بشأن بدء زوال آثار التعويم على الأسعار في نوفمبر، وقالت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس "التضخم السنوي سيتراجع على نوفمبر 2017؛ مدعوما بسنة الأساس".
ولكن مؤشرا آخر يشير إلى أن هناك تحسنا فيما يتعلق بآثار التعويم على زيادة الأسعار وهو معدل التضخم الشهري الذي تراجعت وتيرته للشهر الثاني على التوالي خلال مارس الماضي ليسجل 2.1% مقارنة مع 2.7% في فبراير و4.3% في يناير.
ويعني ذلك أن الوتيرة التي ترتفع بها الأسعار خلال الشهر أصبحت أقل من ذي قبل وهو ما وصفته رضوى السويفي بأنه "يشير لانحسار الموجة التضخمية".
ولم يكن تعويم الجنيه السبب الوحيد في زيادة التضخم بهذه الحدة خلال الشهور السابقة ولكنه كان عاملا رئيسيا فيها، فإلى جانب التعويم قررت الحكومة أيضا في ليلة الرابع من نوفمبر رفع أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي وهو ما زاد من تكلفة نقل السلع وبالتالي أسعارها إلى جانب التأثير المباشر على أسعار المواصلات.
كما أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سبتمبر الماضي بدلا من ضريبة المبيعات كانت سببا آخر في زيادة التضخم مع رفع السعر العام للضريبة إلى 13% مقابل 10% بضريبة المبيعات إلى جانب زيادة بعض النسب المطبقة في ضريبة الجدول وشمول سلع وخدمات جديدة، وهو ما رفع من الأسعار وعلى رأسها خدمات الاتصالات والسجائر.
ورفعت الحكومة الأسعار الاسترشادية للجمارك أيضا لبعض السلع وهو ما ساهم في زيادة أسعارها.
ومن آثار المشكلات الاقتصادية التي أشارت وزيرة التخطيط خلال حديثها بأنها تؤثر في زيادة معدلات التضخم، ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء في شهور ما قبل التعويم حتى وصلت إلى حدود 18 جنيها والتي كانت تعتمد عليها السلع غير الأساسية في تمويل استيرادها، بينما كانت تقوم البنوك بتمويل الأساسية منها بسعر 8.8 جنيه.
ولكن مع التعويم الذي أفقد الجنيه نحو نصف قيمته، تأثرت أسعار السلع الأساسية خاصة الغذائية منها بشدة مع ارتفاع تكلفة التمويل، وهو ما أشعر المواطن - والفقير بشكل خاص - بارتفاع تكلفة المعيشة لأنه يوجه جزءا كبيرا من دخله إلى الطعام والشراب.
ويتوافق ذلك مع ما قالته الوزيرة بشأن بحث الدخل والإنفاق الصادر عن جهاز الإحصاء والذي يشير إلى أن 34% من متوسط إنفاق الأسرة المصرية يكون على الغذاء وهو ما زاد من إحساس المواطن بالغلاء في بلاد وصل معدل الفقراء به إلى أكثر من ربع عدد السكان.
وتعتمد مصر على استيراد جزء كبير من السلع الغذائية الأساسية منها القمح والزيوت والسكر.
فيديو قد يعجبك: