محللون: رفع الفائدة قرار استباقي لحزمة جديدة من زيادة الأسعار
كتب - عبدالقادر رمضان:
قال محللان إن قرار البنك المركزي، المفاجئ، برفع أسعار الفائدة، ربما يكون استباقا منه لموجة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية التي تعتزم الحكومة تطبيقها خلال الشهور المقبلة، والزيادات المنتظرة في الأجور بعد تطبيق الخصم الضريبي وصرف العلاوات الجديدة.
ويرى محللون أن قرار المركزي غير موفق وأنه سيكون له تأثير سلبي على النمو والاستثمار، ولن يحقق الهدف المرجو منه بخفض التضخم.
وفاجأ المركزي السوق بالأمس عندما أعلن عن رفع أسعار الفائدة 2% دفعة واحدة، في خطوة لم يتوقعها أغلب محللي الاقتصاد في ظل ضعف النمو الذي تعاني منه البلاد.
ورفع المركزي سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 16.75% و17.75% على التوالي.
وعزا المركزي قراره إلى محاولة السيطرة على التضخم السنوي والوصول به إلى مستوى في حدود 13% في الربع الأخير من 2018.
وقالت ريهام الدسوقي كبيرة محللي الاقتصاد في بنك استثمار أرقام كابيتال الإماراتي، إن "قرار المركزي خطوة استباقية لحزمة الإجراءات التي تعتزم الحكومة تطبيقها قريبا".
وأضاف عمر الشنيطي الخبير الاقتصادي، والمدير التنفيذي لشركة مالتيبلز للاستثمار، أن "المركزي عارف إنه داخل على موجة تضخمية جديدة، وبالفعل الحكومة أعلنت عن الزيادات التي ستطبقها في المياه والكهرباء، وربما يكون المركزي بيحاول يستبق هذه الإجراءات".
واتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات التي ساهمت في رفع الأسعار خلال الشهور الأخيرة من العام الماضي، وذلك في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي، من بينها تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود وتطبيق ضريبة القيمة المضافة على المبيعات بنسبة 13% بدلا من 10%.
ومن المتوقع أن تطبق الحكومة زيادات جديدة في أسعار الوقود والكهرباء خلال الفترة المقبلة، من أجل الالتزام بوعودها لصندوق النقد الدولي بخفض دعم الوقود والسيطرة على عجز الموازنة العامة.
كما أنه من المقرر زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 14% بداية من العام المالي المقبل، وهو ما سيكون له تأثير إضافي على معدلات التضخم التي وصلت إلى 32.9% وهو مستوى لم يسبق له مثيل منذ حوالي ثلاث عقود.
وقالت ريهام إن "قرار المركزي برفع الفائدة قد يكون لتخوفه من الطلب الذي قد ينشأ عن الزيادة المحدودة في المرتبات والأجور بعد تطبيق نظام الخصم الضريبي، وصرف العلاوات الجديدة".
"كما أن المركزي قد يرى أنه لا تزال هناك حاجة لتحجيم الطلب في القطاع غير الرسمي، أو في طبقات الدخل الأعلى في محاولة للسيطرة على التضخم"، بحسب ما قالته ريهام.
وتسعى الحكومة لتطبيق نظام ضريبي جديد يسمى "الخصم الضريبي" يسمح برد جزء من الضريبة التي يسددها أصحاب الدخول المنخفضة في محاولة لتخفيف أعباء الزيادات الكبيرة في الأسعار.
وأقر البرلمان علاوة 10% لغير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، عن العام المالي الجاري، وتعتزم الحكومة صرفها بأثر رجعي من أول يوليو الماضي، قبل رمضان، كما أن المخاطبين بالقانون سيصرفون علاوة بنسبة 7% مع بداية العام المالي الجديد في يوليو المقبل.
وتوقعت ريهام أن تكون الزيادة الحالية في الفائدة مؤقتة، وأن "تبدأ النزول بقوة مع نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل".
أسباب أخرى لرفع الفائدة
استباق الزيادة الجديدة في الأسعار أو الأجور لم يكن السبب الوحيد الذي يرى عمر الشنيطي أنه وراء قرار المركزي برفع الفائدة، والذي وصفه بأنه "قرار غير موفق".
"توصية صندوق النقد للحكومة والبنك المركزي بالسيطرة على التضخم، كان سببا رئيسيا لقرار المركزي برفع الفائدة" بحسب ما قاله الشنيطي.
وكان كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد لدى مصر شدد في بيان صحفي للصندوق في وقت سابق هذا الشهر على ضرورة كبح التضخم قائلا "أعود وأكرر على ضرورة احتواء التضخم."
وأضاف الشنيطى أن "المركزي ربما يكون لديه اعتبارات تتعلق بضرورة احتواء التضخم خشية حدوث أي اضطرابات سياسية واجتماعية نتيجة الضغوط التي يشهدها المواطنون بسبب ارتفاع الأسعار، بأي ثمن، ولو على حساب النمو".
كما أن الزيادة الكبيرة في المعروض النقدي والذي ارتفع في 6 أشهر حوالي 40% في الوقت الذي كان يزيد 20% على الأكثر سنويا، ساهمت في حرص المركزي على رفع الفائدة لامتصاص هذه السيولة، رغم أنه يعلم أن جزءا كبيرا منها ناتج عن تعويم الجنيه، وليس زيادة في الاستهلاك والطلب، بحسب الشنيطي.
وقال الشنيطي إنه كان من الممكن أن يتفهم اضطرار المركزي لرفع الفائدة استجابة لصندوق النقد ومن أجل احتواء الزيادة في السيولة، "لكن المركزي لم يكن مضطرا لزيادة الفائدة 2% مرة واحدة، وكان الأفضل أن يرفع الفائدة ربع أو نصف في المئة على الأكثر وينتظر حتى يرى تأثيرها على السوق".
وأشار إلى أن المركزي بهذه الخطوة "حرق كل الأوراق التي في يده" وأنه سيكون قليل الحيلة أمام أي زيادة جديدة في التضخم.
وأضاف أن "رفع الفائدة سيكون له تأثير سلبي كبير على الاستثمار، وسيقتل النمو على المدى القريب"، كما أنه لن يحل مشكلة ارتفاع الأسعار الناتجة في الأساس من إعادة تسعير المنتجات بعد التعويم.
فيديو قد يعجبك: