بنك فرنسي: مصر محطة لتصدير الغاز الإسرائيلي للعالم
القاهرة - (مصراوي ):
بعد 4 أعوام من توقف مصر عن تصدير الغاز إلى إسرائيل، تلوح في الأفق صفقة جديدة تتعلق بتولي مصر مهمة إعادة تصدير الغاز الاسرائيلي للعالم، وهي الصفقة التي رأى بنك بي إن باريبا في تقرير حديث أنها ستكون فرصة لمصر لتوفير مصدر جديد للعملة الصعبة، بالرغم من المخاطر السياسية المحيطة بهذا الملف.
قبل عامين احتفت البلاد بأنباء كشف جديد للغاز داخل الحدود المصرية بالبحر الأبيض المتوسط، في ما عُرف بحقل ظهر للغاز، والذي روجت الحكومة بأنه سيساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز خلال سنوات قليلة بل و تصدير الفائض من هذه الطاقة للخارج.
ويقول تقرير بي إن باريبا، الذي جاء بعنوان "مصر تسعى لأن تصير مركزا إقليميا للغاز"، إنه على الرغم من التوقعات بعودة البلاد لتصدير الغاز بعد 2019، إلا أن هذا لن يكون قابلا للاستمرار لفترة طويلة، لذلك فإن الفرصة الحقيقية التي تتيح لمصر زيادة دخلها من العملة الصعبة في هذا المجال تكون بالتحول إلى مركز لتجارة الغاز بين دول المنطقة والعالم.
وتتزامن أزمة العملة الصعبة المتفاقمة في البلاد مع اكتشاف حقول غاز جديد في إسرائيل وقبرص، وبينما يحتاج البلدين لتصدير الفائض من الطاقة لديهما فهما لا يقدران على ذلك لأن تصدير الغاز عبر البحار والمحيطات يتطلب بنية أساسية لتحويله إلى مادة سائلة وشحنه في السفن العملاقة.
ولا توجد بنية أساسية في إسرائيل أو قبرص لـ" التسييل"، بينما تتمتع مصر بهذه البنية، وهو ما يفتح الحديث لتعاون إقليمي بين البلدان الثلاث في تصدير الغاز يمثل مصدرا جديدا لمصر من العملة الصعبة.
فقد أصبحت إسرائيل غنية بالغاز بعد اكتشاف حقلي تامار وليفيثان في 2009، ويوفر تامار حاليا 100% من الاحتياجات المحلية الإسرائيلية من الغاز، بينما يبدأ ليفيثان الإنتاج في 2020.
أما قبرص فاكتشفت حقل أفروديت في 2011، ولكن لم تتم تنميته حتى الآن، ويوجد لديها حقل واعد شمال ظهر المصري يجري استكشافه خلال العام الجاري.
ويعتبر تقرير باريبا أن وجود مصنعين في مصر لتسييل الغاز يوفر حلا للاستفادة من فائض الغاز الإنتاج في دول شرق المتوسط، لأن تكلفة الاستعانة بهما أقل من الاستثمارات المطلوبة لإنشاء وحدات جديدة في إسرائيل أو قبرص.
لكن هذه الخطة لا تخلو من العقبات، وعلى رأسها قضايا التحكيم التي رفعتها شركات إسرائيلية على مصر بعد توقفها عن تصدير الغاز إلى إسرائيل في 2012، وحصلت فيها بالفعل على أحكام بالغرامة ضد الطرف المصري.
وكانت مصر تصدر الغاز إلى إسرائيل منذ عام 2008، بموجب اتفاق مدته 20 عاما، لكن الاتفاق انهار في 2012 بعد تعرض خط الأنابيب، الذي يتم التصدير من خلاله، لهجمات متعددة من مسلحين في سيناء، وتوقفت إمدادات الغاز.
وفي مواجهة القرار المصري لجأت شركات إسرائيلية لرفع دعاوى تحكيم الدولي، وحصلت في نهاية 2015 على حكم يلزم الجانب المصري بسداد غرامة تقارب الملياري دولار. وطعنت الجهات المصرية المعنية على الحكم، لكن قرار التحكيم صدر الأسبوع الماضي بتأكيد إلزام هيئة البترول المصرية وشركة إيجاس بدفع الغرامة.
وكان القطاع الخاص المصري قد عقد بالفعل اتفاقيات مبدئية خلال 2015 لاستيراد الغاز من إسرائيل، ووقعت شركة دولفينوس، التي تعرف نفسها بأنها ممثلة لمستهلكين صناعيين وتجاريين مصريين غير حكوميين، اتفاقين مبدئيين لشراء الغاز من حقلي تمار ولوثيان الإسرائيليين.
لكن صدور الحكم الدولي بتغريم الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة إيجاس لقطعهما الإمدادات عن شركة الكهرباء الإسرائيلية، غير موقف الحكومة، لتعلن عن تجميد أي محادثات لاستيراد الغاز من إسرائيل، إلى أن يتم التنازل عن هذا التعويض.
وزار وفد من شركاء حقل تمار الإسرائيلي القاهرة في مارس الماضي لإحياء الاتفاق مع شركة دولفينوس، قبل تأكيد الحكم ضد مصر في نهاية إبريل الماضي.
وقال أسامة كمال وزير البترول الأسبق، لمصراوي في تعليقه على الحكم الصادر لصالح إسرائيل، إن مصر تخوض حاليا مفاوضات بشأن استغلال إسرائيل لمحطات إسالة الغاز المصرية، بشروط منها التنازل عن حكم التعويض، واعتبر أن إسرائيل تسعى للضغط على مصر بقضية التعويضات لدفعها قبول تسييل مواردها من الغاز.
وأدت أزمة الطاقة التي دخلتها مصر خلال السنوات الأخيرة، مع تراجع إنتاج الغاز في مقابل تزايد احتياجات السوق المحلي، إلى توقفها عن توجيه الغاز إلى مصنعي إسالة الغاز في إدكو ودمياط.
وكان الهدف من إنشاء المصنعين، والذي تم بالتعاون مع شريكين أجنبيين، هو التوسع في تصدير الغاز المصري للخارج بعد تسييله، لكن مصر عجزت عن توفير الغاز لهما بسبب حاجتها لتوجيهه للسوق المحلي.
وكانت شركتي بريتش جاز البريطانية ويونيون فينوسا الإسبانية، الشريكتين الأجنبيتين في مصنعى إدكو ودمياط لإسالة الغاز، قد وقعتا أيضا مذكرة تفاهم للتعاون مع مسئولي حقلي تمار ولوثيان الإسرائيليين عام 2014 ، بهدف استيراد الغاز وتسييله كمرحلة سابقة على تصديره للخارج.
ويشير تقرير بي إن بي باريبا إلى أن قدرة مصر على تجاوز المخاطر الجيوسياسية والمالية هي التي ستحدد إمكانية تحقيق طموحها في أن تصبح مركزا إقليميا لتجارة الغاز، فتطبيق هذا التعاون العابر للحدود في مجال الطاقة يواجه مخاطر سياسية تتطلب التفاوض بين الدول المعنية وكذلك الشركات العاملة في المجال، كما يقول التقرير.
كما يحتاج المشروع إلى تمويل يصعب أن يتوافر قبل أن تسدد مصر التزاماتها المتأخرة تجاه الشركاء الأجانب، وترفع سعر الغاز الذي تشتريه من المنتجين لتسديد احتياجات السوق المحلي.
فيديو قد يعجبك: