حوار- خط الفقر للمواطن المصري يقترب من ألف جنيه بعد القرارات الاقتصادية
- حررنا 600 محضر لمواطنين امتنعوا عن تقديم بيانات التعداد
- إعلان نتائج التعداد السكاني في أول أغسطس المقبل
كتب - إيمان منصور وعبدالقادر رمضان:
تصوير - أحمد طرانة:
قبل عامين كان المواطن الذي ينفق ألف جنيه في الشهر، يصنف ضمن الطبقات الغنية في مصر، لكن بعد القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة في الشهور الأخيرة، وشملت زيادة أسعار الوقود مرتين في أقل من عام، ربما يهبط هذا المواطن إذا كان لا يزال ينفق نفس المبلغ، ليقترب من خط الفقر.
ويحدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خط الفقر المصري عند 5787.9 جنيه سنويا، أو نحو 482 جنيها شهريا. وبلغت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر 27.8%، وفقا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015.
وخط الفقر يشير إلى الحد الأدنى من الدخل الذي لا يمكن للفرد تلبية احتياجاته الأساسية إذا لم يحصل عليه.
ويرى اللواء أبوبكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن القفزة التي شهدتها الأسعار، بعد تعويم الجنيه في نوفمبر، والذي أفقد الجنيه حوالي نصف قيمته، سيضاعف على الأقل الحد الأدنى لخط الفقر في مصر، ليقترب من الألف جنيه شهريا.
وتتوقع بنوك استثمار ارتفاع معدل التضخم السنوي خلال الشهور المقبلة لمستويات تتراوح بين 35 و36% بعد زيادة أسعار الوقود والكهرباء، بعدما كان تباطأ إلى نحو 30.9% في شهري مايو ويونيو الماضيين.
ووصف الجندي، في مقابلة مع مصراوي، القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة خلال الشهور الأخيرة بأنها "الدواء المر" الضروري من أجل انعاش الاقتصاد المتعثر، وإصلاحه على المدى المتوسط والبعيد.
*الحكومة أعلنت مؤخرا عن رفع أسعار الوقود، كيف ترى تأثير هذا القرار على الأسعار؟
هذه ليست المرة الأولى التي ترفع الحكومة فيها أسعار الوقود، وفي كل مرة، يخطرنا رئيس الوزراء، بالزيادة المقررة في الوقود، من أجل دراسة تأثيرها على كافة أنواع المواصلات ووسائل النقل داخل المحافظات وخارجها.
ووفقا للدراسة التي أعدها الجهاز بعد الزيادة الأخيرة التي شملت البنزين والسولار والغاز الطبيعي للسيارات، فإن 95% من وسائل النقل والمواصلات لن تزيد تكلفتها أكثر من 10%.
*لكن الزيادات على أرض الواقع أكبر من ذلك بكثير؟
الدراسة التي أعدها الجهاز، وزعت على كل المحافظين، وتم زيادة تعريفة المواصلات على أساسها، بحيث يتم تعويض أصحاب وسائل النقل، عن الزيادة في التكلفة، بشكل مقبول، بدون استغلال، والجهاز سيقوم خلال الأيام المقبلة، بدراسة لاحقة لأثر قرار زيادة الأسعار على وسائل النقل، لرصد نسبة الزيادة الحقيقية أسعار المواصلات الحقيقية على أرض الواقع، وإعلانها أمام الرأي العام.
*متى سيبدأ الجهاز في إجراء بحث دخل وإنفاق الأسرة المصرية لعام 2017؟
الجهاز سيبدأ البحث الميداني، في أول أغسطس المقبل، ولمدة عام، حيث يقوم الباحثون، بالتواجد الدائم مع العينة المختارة من المواطنين والتي تمثل المجتمع، طوال العام، لرصد كافة أحوال معيشتهم وإنفاقهم بأدق التفاصيل.
حوار مصراوي مع اللواء أبوبكر الجندي رئيس جهاز التعبئة والإحصاء
*هل تتوقع زيادة عدد الفقراء وارتفاع الحد الأدنى للفقر (خط الفقر) مقارنة بأخر بحث في عام 2015؟
أكيد عدد الفقراء هيزيد، لكن ليس بالنسبة التي قد يتوقعها البعض، فالزيادات الكبيرة التي حدثت في الأسعار بعد تعويم الجنيه، من المؤكد أنها سترفع الحد الأدنى لخط الفقر للضعف على الأقل.
لكن هذا لا يعني أن عدد الفقراء سيتضاعف، لأن إنفاق الناس أيضا زاد، ودخولهم ارتفعت في السنوات الماضية، والدولة ضاعفت مخصصات الحماية الاجتماعية، لعدد كبير من المواطنين.
وعلينا أن نتفق جميعا أن الإجراءات التي تتخذها الحكومية في الفترة الأخيرة هي مثابة "الدواء المر" الضروري من أجل إنقاذ الاقتصاد المصري، وتحسين حياة المواطنين على المستوى المتوسط والبعيد.
*هل حزمة الحماية الاجتماعية التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي وتضمنت زيادة دعم التموين إلى 50 جنيها وعلاوات دورية واستثنائية للموظفين في الدولة ورفع قيمة المعاشات، ستساهم في تخفيف أعباء القرارات الحكومية الأخيرة برفع أسعار الكهرباء والوقود؟
بالتأكيد ستساهم بشكل كبير في تخفيف أثر الإجراءات الحكومية، ولا ننسى أن هذه الحزمة الاجتماعية هي أقصى ما يمكن أن تقدمه الدولة للمواطنين في ظل التزاماتها والقيود التي على الموازنة العامة، وحتى تتمكن الحكومة من السيطرة على عجز الموازنة، بدلا من الاستمرار في الاستدانة التي ترفع معدلات الديون وتسبب مزيد من التضخم.
*ما هي الفئات الاجتماعية الأكثر تضررا من قرارات رفع الوقود الأخيرة؟
المواطنون في الطبقة المتوسطة والعليا هم من سيتحمل هذه الزيادات، وهذا أكثر عدالة، أن يكون الأثر أقل كلما كان المواطن منخفض الدخل، يعني المواطن الذي يمتلك سيارتين يدفع أكثر من الذي يمتلك سيارة واحدة، ولا يمكن أن نستمر في دعم كل المواطنين، سواء كانوا يستحقون الدعم أو لا.
ولذلك فان أتفق تماما مع الحكومة في خطوة تنقية بطاقات التموين من غير المستحقين، فلا يوجد بلد في العالم يدعم 80% من الشعب، ولا يصح أن يكون 77% من أغنى 10% في مصر لديهم بطاقات تموينية، كما أنه غير مقبول أن تمتلك أسرة بطاقة تموينية بينما يدرس أبنائها في مدارس وجامعات دولية.
*كيف سيؤثر رفع أسعار الوقود على معدل التضخم في الأسعار، ومتى سنرى التضخم ينخفض؟
بالتأكيد سيكون هناك تأثير على التضخم بعد زيادة أسعار الوقود، لأنها لا تؤثر فقط على المواصلات ولكنها ستنعكس على كل السلع.
وتأثير هذه الزيادة في الأسعار لن يظهر على معدل التضخم في شهر يونيو، لأن رفع سعر الوقود حصل في نهاية الشهر، والتأثير سيظهر سواء على مستوى التضخم الشهري أو السنوي بداية من شهر يوليو.
ورغم أن التضخم كان في مسار نزولي، لكنه لا يزال مرتفعا، فهو صحيح انخفض من 5% في شهر التعويم، إلى 1.6% في مايو، لكن هذا الرقم يعتبر مرتفع أيضا.
ومن المتوقع أن ينخفض معدل التضخم السنوي بشكل واضح بداية من نوفمبر المقبل مع انتهاء تأثير سنة الأساس المنخفضة، مقارنة بالسنة التي حدث فيها تعويم الجنيه.
مصراوي في غرفة عمليات التعداد السكاني
*ما هو الموقف حاليا بالنسبة للتعداد السكاني، ومتى ستعلنون نتائجه؟
انتهينا من مرحلة حصر المباني، التي بدأت في فبراير الماضي، وننتهي حاليا من تدقيق نتائج مرحلة خصائص السكان، وبدأنا الأسبوع الجاري، المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة حصر المنشأت، التي قد تستغرق حوالي أسبوعين، وسنعلن عن نتائج التعداد بالكامل خلال شهر ونصف تقريبا، في نهاية أغسطس أو بداية سبتمبر. وهذا يعتبر إنجاز كبير، لأن إعلان نتائج التعداد في السابق، كان يستغرق أكثر من عام ونصف، بسبب استخدام استمارات مطبوعة، لكن هذه المرة ونتيجة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة، ستظهر النتائج بشكل سريع.
*ما هي التكلفة التي تحملتها الدولة لإجراء هذا التعداد؟
التكلفة وصلت حتى الآن إلى حوالي 800 مليون جنيه، وهذا المبلغ لم يصرف في عام واحد، ولكني أتحدث عن حوالي خمسة أو ستة أعوام مالية، منذ بدأنا المراحل التجريبية في عام 2012-2013. كما أن 80% من هذا المبلغ تم دفعها كأجور للشباب القائمين على التعداد، والذي يبلغ عددهم حوالي 40 ألف شخص.
وهذه التكلفة تعد استثمار في محله، ومن أفضل أنواع الدعم للشباب والأسر المصرية، لأنه وفر وظائف للشباب مقابل ألفين جنيه شهريا، وأغلبهم من الطبقات محدودة ومتوسطة الدخل، هذا بالإضافة إلى التدريب والخبرة التي حصلوا عليها.
كما أن أجهزة التابلت المستخدم في التعداد، وعددها 40 ألف جهاز، سنعطيها لوزارة التربية والتعليم، بعد انتهاء التعداد، ليستفيد بها الطلبة.
* هل واجه مندوبو التعداد مشكلات ميدانية مع المواطنين، وإلى مدى تجاوب المصريين معهم؟
حالات رفض إعطاء البيانات من المواطنين كانت أقل من المتوقع، وأغلب المواطنون تجابوا مع موظفي الجهاز، وأدلوا ببياناتهم، خاصة أن موظفي الجهاز يحمل كل منهم بطاقة تعريفية مدون عليها "كوده" الشخصي، ويمكن للمواطن أن يتصل بالجهاز ويتأكد أن الشخص الذي يطلب بيانته، موظف بالفعل لدى الجهاز.
لكن كانت هناك بعض حالات الرفض، وتم التعامل معها بحسم، خاصة إذا كان من يرفض الإدلاء ببياناته صاحب حيثية، يعني لو مواطن بسيط لا يدرك أهمية التعداد، نحاول أن نشرح له ونوعيه، لكن لو شخص مسؤول مثلا أو موظف كبير في جهة ما، ورفض إعطاء بياناته، كنا نتعامل بحزم.
ومنذ بداية التعداد وحتى الآن، حررنا حوالي 600 محضر، لمواطنين امتنعوا عن تقديم بياناتهم، حيث أن كبار العاملين في التعداد لديهم حق الضبطية القضائية، لكن الجهاز تنازل عنها كلها بعد مثول هؤلاء المواطنون أمام النيابة، وموافقتهم على التجاوب مع موظفي الجهاز، فالقانون في هذا الأمر واضح، والمواطن غير مخير في تقديم بياناته لمندوب التعداد، وعقوبة الامتناع تصل إلى 6 أشهر حبس.
فيديو قد يعجبك: