ما الأوضاع الاقتصادية التي دفعت الإيرانيين إلى الاحتجاج؟
كتبت - ياسمين سليم:
في بداية شهر ديسمبر الماضي، عرض الرئيس الإيراني، حسن روحاني، على البرلمان "ميزانية حكومية متحفظة" للعام المالي الجديد وتعهد أن تعمل الحكومة على القضاء على البطالة والفقر، لكنه لم يدرِ أن هذه التعهدات لن تساوي شيئا أمام الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت بين الإيرانيين، اعتراضا على الأوضاع الاقتصادية في طهران.
وشهدت إيران احتجاجات منذ الخميس الماضي، اعتراضا على ارتفاع تكلفة المعيشة والبطالة وسياسات طهران بشأن الشرق الأوسط، ولقى نحو 22 شخصاً حتفهم خلال الاحتجاجات حتى الآن.
خرج مئات الإيرانيين اعتراضا على السياسة المتحفظة التي ينتهجها الرئيس الإصلاحي، حسن روحاني، رغم أن الاقتصاد في طهران بدأ يتعافى منذ 2016 بعد رفع معظم القيود التي فرضت عليه بموجب الاتفاق العالمي الذي وقعته بشأن برنامج طهران النووي.
ويرصد مصراوي خلال السطور التالية مؤشرات الاقتصاد الإيراني خلال الفترة الماضية، وما الذي أدى إلى هذه الاحتجاجات.
الاقتصاد الإيراني يتعافى ولكن
في منتصف الشهر الماضي، قال صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد الإيراني يتعافى بسرعة أكبر من سنوات العقوبات الدولية التي فرضت عليه جراء تطوير البرنامج النووي.
وفي 2015 وقعت الدول الست الكبرى اتفاقية مع إيران، خففت بموجبها هذه العقوبات الاقتصادية التي وقعت على طهران بسبب تطويرها لبرنامجها النووي.
وبحسب بيانات صندوق النقد، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 12.5% خلال عام انتهى في مارس الماضي، ويرجع الصندوق هذه القفزة في النمو إلى زيادة صادرات النفط بعد رفع معظم العقوبات التي وقعت عليها.
وتوقع الصندوق أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي 4.2% في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس المقبل مع احتمال أن يرتفع معدل النمو إلى 4.5% في السنوات التالية مع تطبيق إصلاحات اقتصادية.
وبحسب تقرير لوكالة رويترز فإنه "غالبا ما تكون الاحصاءات الرسمية في إيران غير كاملة وتصدر ببطء بينما يكتنف عملية أخذ القرار الغموض لذا فإن مشاورات إيران مع صندوق النقد تقدم أوضح صورة عن اقتصاد البلاد".
وتشير بيانات الصندوق إلى أن النمو في الاقتصاد الإيراني بدأ يمتد للقطاع غير النفطي، وهو ما يعد إشارة على تعافي الاقتصاد، فضلا عن أن رفع العقوبات تدريجيا على إيران، جعلها قادرة على زيادة صادراتها من البترول.
لكن في مقابل ارتفاع معدلات النمو، ارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 12.5%، وقد يكون هذا هو السبب الرئيسي لاندلاع الاحتجاجات في إيران.
ورغم أن الرئيس روحاني قال في كلمته للبرلمان الإيراني، الشهر الماضي، إن 840 ألف شخص سيدخلون سوق العمل في العام المقبل 2018، إلا أن المحتجين لم ينتظروا حتى يروا هذه التعهدات تنفذ على الأرض.
ويقول مجدي صبحي، باحث اقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الإيرانيين كانوا يتوقعون أن يشهدوا تحسنا في أوضاعهم الحياتية بعد رفع العقوبات عليهم وزيادة صادرتهم من البترول، إلا أنه حدث العكس.
ويضيف لمصراوي "الميزانية الجديدة التي طرحها روحاني على البرلمان، بها زيادة في أسعار بعض السلع ومنها الوقود، وهو ما يعني أنها ستكون استمرارا للسياسات التقشفية التي كانت تنفذها الحكومة من قبل رفع العقوبات".
وأعلن روحاني مسودة الموازنة الجديدة على البرلمان الشهر الماضي بقيمة 3681 تريليون ريال (103.9 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي)، وبزيادة نحو 6% عن ميزانية العام الماضي، بحسب رويترز.
ما الذي دفع الإيرانين للاحتجاج؟
منذ وصول الرئيس الإصلاحي، حسن روحاني، لسُدة الحكم في 2013، وهو ينتهج سياسة تقشفية.
وفي 2016 قرر البرلمان الإيراني إلغاء الدعم النقدي لـ24 مليون مواطن إيراني، كانوا يحصلون عليه بعدما استبدلت الحكومة الإيرانية الدعم النقدي بنظام الدعم الذي كانت تقدمه على السلع .
وكانت الحكومة الإيرانية قد بدأت صرف دعم نقدي لأغلب الإيرانيين في 2010، بعدما لغت دعمها لبعض السلع ومنها الوقود الذي ارتفع سعره، كتعويض لهم عن رفع الأسعار.
وحظى هذا القرار باعتراضات كبيرة داخل المجتمع الإيراني، إلا أن الحكومة في طهران قال إن أغلب الذين يحصلون على الدعم النقدي لا يستحقونه.
وبحسب الباحث في مركز الأهرام، فإن ما تقترحه ميزانية الحكومة الإيرانية الجديدة من رفع أسعار الوقود، مع إلغائها الدعم النقدي- يشير إلى أن الحكومة لم تلتزم بخطتها التي كانت قررتها من قبل وهي صرف الدعم كتعويض عن ارتفاع الأسعار.
وتعاني إيران حاليا من ارتفاع معدلات التضخم حيث وصلت نسبته إلى 10%، رغم أن الإيرانيين كان لديهم أمل أن تتراجع هذه النسب بعد رفع العقوبات عن طهران.
ويقول صبحي إن معدلات التضخم في إيران ليست في مستويات عالية، حيث إنها شهدت من قبل نسبا أعلى خلال الفترة من 2000 إلى 2012، بسبب العقوبات التي فرضت عليها.
لكن مع رفع أسعار بعض السلع مع تطبيق ميزانية العام الجديد، ستكون معدلات التضخم مرشحة للارتفاع، بحسب صبحي.
ويقول صبحي إن "حكومة روحاني تنفذ برنامجا إصلاحيا بالتعاون مع صندوق النقد، والذي يطلبها باستعادة التوازن المالي في الموازنة لتجاوز العقوبات التي وقعت عليها من قبل".
فيديو قد يعجبك: