لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شركات الأسمنت في أزمة مع زيادة المعروض بالسوق وتراجع جاذبية التصدير

06:22 م الأحد 14 أكتوبر 2018

صورة ارشيفية

كتبت - أميرة الجندي:

تواجه شركات الأسمنت العاملة في مصر خلال الفترة الأخيرة عددا من التحديات، وصل تأثيرها إلى نتائج أعمال هذه الشركات، مع زيادة المعروض من الإنتاج ألذي يفوق الطلب كثيرا، وفي ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج الذي ساهم أيضا في صعوبة تصريف المنتج خارجيا مع ضعف القدرة التصديرية وتراجع التنافسية مقارنة بدول أخرى تقدم منتجها بسعر أقل.

وساهمت زيادة الإنتاج عن القدرة الاستيعابية للسوق، في صعوبة القدرة على تصريف المنتج في السوق المحلية، خاصة مع زيادة الطاقات الإنتاجية بنحو 1.2 مليون طن، مع افتتاح مصنع بني سويف للأسمنت بداية العام الجاري.

"الشركات لا تستطيع العمل بكافة طاقاتها، لأن الطلب لن يستوعب كل هذا الإنتاج، والأسمنت سلعة غير قابل للتخزين" بحسب مدحت إسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء في اتحاد الصناعات.

وبحسب بيانات شعبة الأسمنت، فإن الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت في مصر تصل إلى 80 مليون طن، في حين أن الإنتاج الفعلي يقدر بـ 55 مليون طن، وتوجد في مصر 20 شركة لإنتاج الأسمنت.

وافتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أغسطس الماضي رسميا، أكبر مجمع مصانع للأسمنت في الشرق الأوسط ببني سويف، بتكلفة إنشاء بلغت 1.1 مليار دولار، ومن المتوقع أن ينتج المجمع الصناعي العملاق 20% من إنتاج مصر من الأسمنت، بما يزيد على 11 مليون طن من الأسمنت سنويًا، وبما يزيد على 37 ألف طن يوميًا.

وقالت نهى بكر، المديرة التنفيذية لشعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن هناك عددا من التحديات تواجه صناعة الأسمنت، منها زيادة الطاقة الإنتاجية للشركات عن الطلب بالسوق، وارتفاع تكلفة مكونات الإنتاج، ومنها الطاقة التي تمثل 50% من تكلفة شيكارة الأسمنت، مع وجود ارتفاع التكاليف الأخرى.

وتتمثل هذه التكاليف الأخرى في زيادة ضريبة المحاجر، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وزيادة تكلفة الصيانة وقطع الغيار بعد تحرير سعر الصرف بسبب استيراد أغلب موادها من الخارج، وارتفاع تكلفة الاقتراض بعد رفع الفائدة، بحسب نهى بكر.

وقال إسطفانوس إن تكلفة إنتاج الأسمنت ارتفعت إلى نحو الضعفين خلال السنوات العشر الماضية.

وتوقع تقرير لبنك الاستثمار فاروس في أغسطس الماضي، أن ترتفع تكلفة الإنتاج بمقدار من 50 إلى 70 جنيهًا في الطن، نتيجة الزﯾﺎدة اﻷﺧﯾرة ﺑﻧﺳﺑﺔ 50% ﻓﻲ ﺗﻌريفة اﻟﮐﮭرﺑﺎء بدءا من يوليو الماضي، وارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟدﯾزل ﺑﻧﺳﺑﺔ 57%.

ورفعت الحكومة أسعار توريد الغاز الطبيعي لصناعة الأسمنت، بداية يوليو من عام 2014، إلى 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية لصناعة الأسمنت، بدلا من 3 دولارات، وهو ما تضاعف تكلفته على الشركات بعد الانخفاض الحاد في سعر الجنيه بعد التعويم، حيث تقوم الحكومة أسعار الغاز للشركات بالدولار.

وفي يوليو 2010 عدلت الحكومة ضريبة المبيعات على الأسمنت من 2.5% للطن إلى 5% من قيمة المبيعات، ثم إلى 14% مع زيادة ضريبة القيمة المضافة في يوليو من العام الماضي، كما فرضت حدا أدنى لرسم تنمية الموارد المفروضة على الطَفلة التي تستخدمها مصانع الأسمنت بواقع 15 جنيها على كل طن إنتاج، في يوليو 2010.

ودفعت ارتفاع أسعار الغاز الموجه لمصانع الأسمنت إلى اتجاه الشركات في الأعوام الأخيرة لاستخدام طاقة بديلة مع الغاز الطبيعي، حيث توسعت الشركات في استخدام طاقة المخلفات، وطاقة الفحم لتخفيض التكلفة.

وظهرت أزمة شركات الأسمنت مع عدم قدرتها على تمرير ارتفاع تكلفة الإنتاج إلى المستهلكين مع زيادة المعروض عن الطلب، بشكل ملحوظ مع بداية الشهر الجاري، حيث تراجعت الشركات عن الزيادة التي كانت أقرتها لأسعار منتجاتها في بداية الشهر والتي تراوحت بين 50 و60 جنيها للطن، مع تراجع الطلب على الشراء وضعف القوة الشرائية.

وكانت أسعار الأسمنت شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الشهور الأولى من 2018 لتتجاوز مستوى ألف جنيه للطن لأول مرة، قبل أن تتراجع مع زيادة المعروض على الاستهلاك.

وتتراوح أسعار الأسمنت في السوق حاليا بين 710 جنيها للطن، وهو سعر شركة تيتان في بني سويف، و900 جنيه، وهو سعر أسمنت العربية.

وتزامنت زيادة الأسعار خلال الفترة الماضية مع تراجع القوة الشرائية للمواطنين وتركيزها على السلع الأساسية بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادي وتحرير سعر الصرف التي أدت إلى أعنف موجة غلاء في آخر 3 عقود العام الماضي.

وانعكست هذه التحديات على نتائج أعمال عدد من الشركات المقيدة في البورصة خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث هبطت أرباح بعضها مثل شركة جنوب الوادي للأسمنت التي تراجع صافي ربحها بنسبة 77% لتسجل 20.6 مليون جنيه، بعد تراجع مبيعاتها إلى 480.4 مليون جنيه مقابل 513.3 مليون جنيه في نفس الفترة من العام الماضي.

بينما زادت خسائر شركات أخرى مثل أسمنت سيناء التي زادت خسائرها بشكل طفيف خلال النصف الأول لتسجل 155.7 مليون جنيه، متأثرة بتراجع المبيعات التي تراجعت إلى أكثر من النصف لتسجل 307.3 مليون جنيه.

تراجع تنافسية التصدير

مما يفاقم المشكلات التي تواجهها شركات الأسمنت أن زيادة تكلفة الإنتاج تمثل عائقا أيضا أمام الباب الثاني لتصريف الإنتاج وهو التصدير إلى الخارج، رغم أن المفترض زيادة جاذبية صادرات مصر بعد الانخفاض الحاد في الجنيه عقب التعويم في نوفمبر 2016.

ورغم ارتفاع صادرات مصر من الأسمنت بنسبة 242% خلال العام الماضي مقارنة بعام 2016، مسجلة نحو 2.7 مليون طن، بحسب ما قاله المجلس التصديري لمواد البناء، في مارس الماضي، فإن هذه الكمية لا تتجاوز حدود الـ 5% من الإنتاج السنوي في مصر.

وسجلت قيمة الصادرات العام الماضي ارتفاعا بنسبة 49% لتسجل 94 مليون دولار مقابل 63 مليون دولار خلال 2016.

وقالت نهى بكر إنه على الرغم من وجود فائض في الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت في مصر فإن ارتفاع تكلفة الإنتاج تحول دون التصدير، حيث تعتبر أسعار الأسمنت الحالية غير جذابة للتصدير.

وأضافت أن المنافسة في السوق الخارجي أصبحت صعبة خاصة مع وجود فائض في إنتاج الأسمنت من دول مثل اليونان وتركيا والسعودية وإسبانيا بسعر أقل من سعر الأسمنت المصري.

واتفق مدحت إسطفانوس مع نهى بكر، حيث ذكر أن ارتفاع تكلفة إنتاج الأسمنت قلل من الميزة التنافسية للمنتج المصري، وبالتالي أصبح من الصعب المنافسة مع صادرات دول مثل تركيا، أو إيران، التي يصل فيها سعر الطن إلى نحو 40 دولار.

وشهد العام الجاري تراجعا حادا في أسعار عملتي تركيا وإيران خلال عام 2018، وهو ما يسهم في زيادة جاذبية أسعار منتجاتها التصديرية، في الوقت الذي شهد الجنيه المصري انخفاضا طفيفا أمام العملات الأجنبية خلال العام، أشبه بالاستقرار.

وقال حسين منسي، العضو المنتدب لشركة لافارج هوسلم السويسرية، إن الأسمنت في المقام الأول ليس سلعة تصديرية ولكن كانت الشركات التي تعمل في مصر تتجه لتصريف الفائض لديها من خلال التصدير، منذ عام 2002، مشيرا إلى أن الأسمنت المصري كان يصدر إلى الأسواق الأفريقية، بالإضافة إلى بعض الدول العربية ومن ضمنها اليمن وليبيا.

وحسب تقرير هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، تعتبر ليبيا تصدرت أكثر الدول استيرادًا للأسمنت والسيراميك المصري.

وأضاف منسي أن صادرات الأسمنت شهدت طفرة في العام الماضي بسبب فرق سعر العملة في الأسواق الخارجية مما أدى إلى زيادة فرص الشركات المصرية التسويقية، وجعلت الشركات قادرة على منافسة نظيرتها العالمية الأخرى في تلك الأسواق خاصة الأفريقية منها وعلى رأسها كينيا وأوغندا وجيبوتي، بالإضافة إلى بعض الدول العربية.

ولكن المنسي أشار إلى أن سعر الأسمنت في مصر أصبح أقل تنافسية في الوقت الحالي مقارنة بدول أخرى مصنعة للأسمنت، مع ظهور تأثير زيادة تكلفة الإنتاج، وأسعار الطاقة والضرائب على بعض المواد الخام.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان