إعلان

الحكومة في مأزق.. ارتفاع أسعار البترول العالمية يهدد مستهدفات الموازنة

01:15 م الخميس 04 أكتوبر 2018

أرشيفية

كتب - مصطفى عيد:

عادت أسعار البترول العالمية تهدد مصر كعقبة أساسية أمام تحقيق أحد أبرز أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي وهو السيطرة على عجز الموازنة، وذلك بعد أن شهدت الأسعار العالمية للبترول ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة.

وارتفعت أسعار البترول العالمية بشكل ملحوظ خلال الأسبوعين الأخيرين من مستوى نحو 78 دولارا للبرميل إلى حدود 85 دولارا، وذلك بعد توقعات بنقص الإمدادات مع بدء تنفيذ عقوبات أمريكية تستهدف صناعة البترول الإيرانية في الرابع من نوفمبر المقبل، وسط توقعات من بعض الشركات بوصول السعر إلى 100 دولار مع بداية 2019.

ومن المتوقع أن يرتفع عجز الموازنة بمصر في حالة زيادة متوسط سعر برميل البترول خلال العام المالي 2018-2019 عن ما حددته وزارة المالية في الموازنة عند 67 دولارا للبرميل.

وبحسب البيان المالي لموازنة العام المالي الجاري، فإن كل زيادة بواحد دولار بأسعار البترول العالمية عن السعر المحدد يكلف الحكومة 4 مليارات جنيه إضافية في دعم البترول.

وتوقعت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، أن تنعكس زيادة أسعار البترول على العجز الكلي للموازنة، ليرتفع إلى حدود 9% تزامنا مع الزيادة المتوقعة في دعم الخبز بسبب ارتفاع أسعار القمح العالمية عن توقعات موازنة العام الحالي، إلى جانب زيادة العوائد على أدوات الدين الحكومية، وهو ما قد يرفع مخصصات الفوائد.

وتستهدف وزارة المالية مواصلة خفض عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي ليصل إلى 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل نحو 9.89% العام السابق، ومقابل 10.8% في عام 2016-2017.

وتسعى المالية لخفض الدعم الموجه للمواد البترولية خلال العام الحالي إلى نحو 89.1 مليار جنيه مقابل 110.1 مليار جنيه العام المالي السابق، وذلك مع اقتراب الموعد المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي للتخلص من دعم الوقود نهائيا العام المقبل.

وتتوقع رضوى أن يتراوح متوسط سعر برميل البترول خلال العام المالي الجاري بين 72 و74 دولارا مقابل 69 دولارا في توقعات سابقة لفاروس، وذلك بعد الزيادة الملحوظة التي حدثت في الأسعار خلال الربع الأول من العام الجاري.

ولكن طارق الحديدي الرئيس التنفيذي لهيئة البترول سابقا، توقع ألا يرتفع دعم المواد البترولية في نهاية العام المالي الجاري عما قدرته وزارة المالية في بداية العام، وبالتالي عدم تأثر عجز الموازنة من ناحية أسعار البترول، مرجعا ذلك إلى أنه يتوقع أن تعود أسعار البترول للانخفاض مرة أخرى.

ويتفق الحديدي مع رضوى السويفي في أن أسعار البترول من المتوقع أن تتراجع خلال الفترة المقبلة، ولكنه يتوقع تراجعا أكبر تحقق معه وزارة المالية توقعاتها لمتوسط سعر البرميل خلال العام الجاري أو يزيد معه متوسط سعر البرميل قليلا عن هذه التوقعات.

وقالت رضوى لمصراوي، إن ارتفاع أسعار البترول لمستويات في حدود 85 دولارا للبرميل حاليا هو زيادة موسمية مرتبطة بتراجع حصة إيران من الإمدادات بسبب العقوبات الأمريكية، وإن الأسعار ستتراجع مع بداية عام 2019 مع الزيادة المتوقعة في الإنتاج لتعويض النقص الحالي.

وأشار الحديدي إلى أن الاستجابة المتوقعة من منظمة أوبك للدول المصدرة للبترول لمطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخفض أسعار البترول ستساهم بالإضافة إلى استقرار سعر الدولار أمام الجنيه في تحقيق الحكومة لمستهدفات دعم المواد البترولية في موازنة العام المالي الجاري.

ويبدو أن تهدئة الأسعار هو السيناريو الأقرب للحدوث، حيث نقلت وكالة رويترز أمس عن أربعة مصادر مطلعة قولهم إن روسيا والسعودية أبرمتا اتفاقا سريا في سبتمبر الماضي على زيادة إنتاج النفط لتهدئة الأسعار الآخذة بالارتفاع وهو ما أيده وزير الطاقة السعودي، حيث قال إن المملكة سترفع إنتاج النفط أكثر في نوفمبر المقبل.

ورغم توقيع الحكومة الشهر الماضي عقود التأمين ضد مخاطر تقلبات ارتفاع أسعار البترول العالمية مع بنكي استثمار عالميين، فإن محمد معيط وزير المالية قال الثلاثاء قبل الماضي إن الحكومة تنتظر هدوء الأسواق العالمية للبترول لتفعيل هذه العقود.

التأثير على التضخم وميزان المدفوعات

بينما يرى بنك الاستثمار هيرميس، أنه إذا استقرت أسعار البترول فوق 80 دولارا للبرميل، فإن رفع أسعار الوقود المخطط له منتصف العام المقبل سيكون أكثر تكلفة من منظور التضخم وفقا لوكالة بلومبرج، تتوقع رضوى السويفي ألا ترفع الحكومة أسعار المواد البترولية قبل يونيو المقبل وبالتالي لن يتأثر التضخم بارتفاع الأسعار العالمية حتى هذا الوقت.

كما استبعدت رضوى أن تتأثر مصر بشكل كبير بتضخم أسعار السلع ومستلزمات الإنتاج المستوردة، الناتج عن زيادة البترول.

لكن الميزان التجاري لمصر سيتأثر بزيادة أسعار البترول، بحسب ما قاله محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار هيرميس لوكالة بلومبرج في تقرير لها أمس، حيث أشار إلى "أن كل 10 دولارات زيادة في سعر برميل البترول تزيد عجز الميزان الجاري لمصر بين 1 إلى 1.2 مليار دولار".

وأشارت رضوى إلى أن زيادة أسعار البترول تمثل ضغوطا على سوق الصرف في مصر، ولكن هذه الضغوط لن ترتقي إلى تحرك سعر الجنيه معها نحو الهبوط في الفترة الحالية، فقد تنعكس فقط في زيادة عجز الميزان الجاري، أو تحركات قيمة الصادرات والواردات البترولية في ميزان المدفوعات.

وتراجع العجز في حساب المعاملات الجارية لمصر مع العالم الخارجي بنسبة 58.6% خلال السنة المالية 2017-2018 مقارنة بالسنة المالية السابقة عليها، بحسب بيانات البنك المركزي، حيث سجل نحو 6 مليارات دولار.

وقال أبو باشا لبلومبرج، إنه رغم تخفيف زيادة عائدات مصر من الصادرات البترولية من ضغط ارتفاع أسعار البترول على الموازنة وميزان المدفوعات إلا أنه من المرجح أن يكون التأثير الصافي سلبيا.

ووفقا لبيانات البنك المركزي عن ميزان المدفوعات، صدرت مصر منتجات بترولية خلال العام المالي الماضي بنحو 8.8 مليار دولار بزيادة 33.1% عن العام السابق، بينما استوردت منتجات بترولية خلال نفس العام بنحو 12.5 مليار دولار بزيادة 3.9% فقط عن العام السابق عليه.

وأشار أبو باشا إلى أنه يحتمل أن تفقد مصر مع زيادة أسعار البترول ما ستوفره من إنهاء استيراد الغاز الطبيعي المسال.

وكان طارق الملا وزير البترول، قال السبت الماضي، لوكالة رويترز، إن مصر أوقفت استيراد الغاز الطبيعي المسال من الخارج بعد أن تسلمت آخر شحناتها المستوردة منه الأسبوع الماضي.

وتبلغ قيمة الوفر المتوقع أن تحققه مصر سنويا من وقف استيراد الغاز المسال مع اتجاهها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي هذا العام، ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار، بحسب ما ذكره وزير البترول في مداخلة هاتفية مع برنامج "الحكاية"، عبر فضائية "mbc مصر"، مساء السبت الماضي.

ولكن رضوى توقعت ألا تفقد مصر كل الوفر الذي ستحققه من وقف استيراد الغاز المسال، بسبب زيادة أسعار البترول، ولكنها قد تفقد جزءا منه فقط.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان