بعدما تخطى حاجز الـ 80 مليار دولار.. هل ارتفاع الدين الخارجي مقلق؟
كتب- مصطفى عيد وعبد القادر رمضان:
واصل الدين الخارجي ارتفاعه خلال الربع الأول من العام المالي الجاري ليسجل مستوى قياسيا جديدا عند 80.8 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي.
ولكن على الرغم من ذلك، فإن الزيادة التي سجلها الدين الخارجي خلال هذا الربع من العام بنحو 1.8 مليار دولار تعد الأقل في عام و9 أشهر، وهو ما قد يشير إلى تغير الاتجاه السائد خلال العامين السابقين بتسجيل قفزات في الدين الخارجي.
قالت ريهام الدسوقي، كبيرة محللي الاقتصاد في بنك استثمار أرقام كابيتال، لمصراوي، إن الزيادة الجديدة ليست كبيرة ولا تمثل مصدر قلق على الاقتصاد المصري.
"الزيادة في الدين المحلي أو الخارجي، كانت شراً لابد منه، من أجل عبور فترة الأزمة التي مرت بها مصر، سواء من أجل سد عجز الموازنة أو لمواجهة نقص الموارد الأجنبية بسبب عجز الميزان الجاري والمالي"- بحسب ريهام.
وتابعت: "كما أن هذه الزيادة تأتي في إطار إعادة هيكلة تمويل الموازنة المصرية، وإحلال الديون الأجنبية بدلا من المحلية لتقليل تكلفة الاستدانة وإطالة أجل الدين العام".
وشهدت الفترة التالية لتعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر 2016 ارتفاعا ملحوظا في العائد على أدوات الدين المحلية بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة 7% خلال 8 أشهر من التعويم لمواجهة التضخم.
وقال نعمان خالد، المحلل بشركة سي آي كابيتال لإدارة الأصول، إنه رغم مواصلة الدين الخارجي الارتفاع إلا أن تباطؤ قيمة الزيادة يشير إلى أن البنك المركزي بدأ في الاتجاه نحو عدم الاقتراض بأرقام كبيرة من الخارج مع عدم الحاجة لزيادة الاحتياطي بقيم ضخمة.
وعلى الرغم من قفزة احتياطي البنك المركزي خلال يوليو الماضي بنحو 4.7 مليار دولار إلا أن هذه الفترة لم تظهر اقتراض مصر أي مبالغ ملحوظة من الخارج سوى دخول الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 1.25 مليار دولار.
وقال مسؤول كبير بالبنك المركزي لمصراوي، في أغسطس الماضي، إن معظم الزيادة الكبيرة في احتياطي النقد خلال يوليو جاء من "الاقتصاد المحلي"، مشيرا إلى أن تدفقات النقد الأجنبي تتسارع كل شهر، وحققت هذا الشهر فقط، 7.7 مليار دولار، بخلاف قرض صندوق النقد.
ومنذ ذلك الوقت لم يشهد الاحتياطي ارتفاعا ملحوظا سوى في يناير الماضي بقيمة 1.2 مليار دولار ليسجل نحو 38.2 مليار دولار.
وقال مصدر بالبنك المركزي، منذ أيام لمصراوي، إن "حصيلة البنوك والبنك المركزي من العملات الأجنبية وصلت إلى 5.6 مليار دولار في يناير فقط، بزيادة 1.5 مليار دولار".
وأكدت مصادر بالبنك المركزي أنه لم يدخل لمصر أي قروض خارجية خلال يناير الماضي.
هل تمثل زيادة الدين قلقاً ؟
وارتفع الدين الخارجي لمستويات قياسية خلال العامين الماليين الماضيين بعد أن لجأت الدولة للاستدانة من أجل تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي وعجز الموازنة والمساهمة في حل أزمة العملات الأجنبية.
وشهد الدين الخارجي زيادة بنسبة 41% خلال العام المالي المنتهي في يونيو السابق، حيث ارتفع بنحو 23.2 مليار دولار.
وقالت ريهام الدسوقي إن "مصر حصلت على معظم متطلباتها التمويلية الخارجية من المؤسسات أو الدول الخليجية.. والديون القادمة سيكون مصدرها السندات الدولية، أو عمليات مالية مع مؤسسات خارجية مثل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) أو غيرها".."هذه الزيادة في الديون الخارجية لا تمثل قلقا أو خطورة.. أنت كنت في أزمة ومحتاج تستلف حتى تستعيد قوتك وترجع تشتغل وتنتج، وتبدأ تسدد هذه القروض والدين يقل تدريجيا"، بحسب قولها.
وتوقع نعمان خالد أنه مع استمرار البنك المركزي في التوجه نحو عدم الاقتراض بقيم كبيرة، أن تشهد نهاية عام 2018 أول تراجع لرصيد الدين الخارجي منذ فترة طويلة، في ظل الاستغلال الأمثل لفوائض تدفقات العملات الأجنبية خلال الفترة المقبلة بعد بناء الاحتياطي.
وقال خالد: "من المتوقع أن يتم سداد جزء من الديون المستحقة في 2018 عبر السندات التي سيتم طرحها في الأسواق الدولية والتي قد تتراوح بين 4 و6 مليارات دولار، إلى جانب سداد بقية الديون عبر الفوائض المتوقع تحقيقها من ميزان المدفوعات".
وتعتزم مصر طرح سندات في الأسواق الدولية بقيمة تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار خلال الأسبوع المقبل، بحسب ما قاله عمرو الجارحي وزير المالية في مؤتمر صحفي بمجلس الوزرء منذ 3 أيام
ومن المتوقع دخول الشريحة الثالثة والأخيرة من قرضي البنكين الدولي، التنمية الأفريقي لمصر بقيمة 1.5 مليار دولار لخزينة البنك المركزي قريبا، وذلك بعد توقيع اتفاقيتي الشريحتين مع سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي.
وتأتي توقعات خالد في الوقت الذي رفع فيه صندوق النقد الدولي توقعاته للدين الخارجي لمصر، إلى 86.9 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري، بحسب تقرير المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد المصري والذي كشف عنه في سبتمبر الماضي.
وبحسب بيانات البنك المركزي، وصلت نسبة الدين الخارجي من الناتج المحلي الإجمالي إلى 36.2% بنهاية سبتمبر الماضي مقابل 33.6% في نهاية يونيو الماضي.
وعلى الرغم من أن نعمان خالد يرى أن نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي تعتبر مرتفعة، ولكنه يشير إلى أنها "قد لا تكون معبرة بشكل دقيق لأنها تتغير بتغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار".
"المخاطرة الحقيقية تتمثل في علاقة المستحقات السنوية عن الدين الخارجي مقارنة بالموارد الدولارية التي يمكن من خلالها سداد هذه المستحقات في فترة ما" بحسب نعمان خالد.
فيديو قد يعجبك: