لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل تتفادى الحكومة أخطاء "خصخصة" نظام مبارك في طروحات البورصة الجديدة؟

06:00 م الأحد 25 مارس 2018

كتبت- شيماء حفظي:

تعتزم الحكومة طرح 23 شركة وبنكا في البورصة خلال الشهور المقبلة، من أجل توسيع قاعدة الملكية، وتوفير موارد للموازنة العامة، وتنشيط البورصة المصرية، بحسب الأهداف المعلنة من الحكومة.

ويعتبر برنامج الطروحات الحكومية، الذي يستهدف جمع حصيلة قيمتها 80 مليار جنيه، خلال فترة ما بين 24 و30 شهرا، واحدا من الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.

ولا تفضل الحكومة أن تسمي هذه الطروحات الجديدة، بـ "الخصخصة" نظرا لما يحمله هذا المسمى من سمعة سيئة لدى كثير من المواطنين، نتيجة بعض الأخطاء التي شابت عمليات الخصخصة في عهد نظام مبارك، بحسب ما قاله خبراء اقتصاديون.

وتختلف طروحات الشركات هذه المرة عن سابقاتها، حيث أنها ستتم كلها عبر الطرح في البورصة، سواء عبر زيادة رأسمال الشركات، أو تخلي الحكومة عن حصص فيها، وليس عبر البيع لمستثمر استراتيجي.

كما أن النسبة التي تعتزم الحكومة طرحها أمام المستثمرين في البورصة، تتراوح بين 15 و30% من مساهمات المال العام في الشركات التي تضمنتها القائمة الأولى.

وقال خبراء اقتصاد - بعضهم شارك في عمليات الخصخصة الأولى - إن بيع الشركات والبنوك خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، شابها كثير من الأخطاء، لا بد أن تسعى الحكومة الحالية لتفاديها.

فيما يقول اقتصاديون متخصصون في الاستثمار، إن برنامج الطروحات الحكومية الذي أعلنته وزارة المالية نوع من "الخصخصة" حتى وإن كان ذلك المصطلح يتمتع بـ""سمعة سيئة" لدى الناس.

وأعلن عمرو الجارحي، وزير المالية، يوم الأحد الماضي، أسماء 23 شركة وبنكا حكوميا، تعتزم الحكومة طرحها في البورصة، خلال فترة تتراوح بين 24 و30 شهرا، بهدف تنشيط السوق وجمع تمويلات لإعادة ضخها في الخزانة العامة.

وقال هاني توفيق، الرئيس التنفيذي السابق لشركة يونيون كابيتال لإدارة صناديق الاستثمار المباشر، إن طرح الشركات الحكومية في البورصة هي نوع من أنواع الخصخصة، وعادة يحدث للشركات الرابحة، أما الشركات الخاسرة يتم بيعها لمستثمرين متخصصين وهو نوع آخر من الخصخصة.

وأضاف "كنت ممن تولوا الخصخصة أيام مبارك، ارتكبنا خطأً لأننا بعنا شركاتنا وبنوكنا وشركات الاتصالات، ولم نترك شيئا لأولادنا.. هذا كان خطأ ونحن نكرر هذا الخطأ حاليا".

وتابع: "أنا ضد الطروحات الحالية لأنها مثل شخص يبيع عفش بيته، هذه الأصول حق الأجيال المقبلة، ولا يحق لنا بيعها، نحن نبيع كل الشركات الجيدة الرابحة لسد عجز الموازنة، إذا في الأعوام المقبلة هنبيع إيه؟".

ويرى توفيق، أن ضخ إيرادات الطرح يجب أن يكون لتأهيل الشركات الخاسرة، "لكن أبيع علشان ناكل ونشرب هذا ليس تصرف يراعي المستقبل"، بحسب توفيق.

ويرى شريف الديواني المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية سابقا أن "الخصخصة" كلمة يتحفظ عليها الناس ولديهم حق، بسبب ما حدث في برامج الخصخصة السابقة.

"الخضخة أيام مبارك كان بها شبهات عدم شفافية وطغت عليها المصالح الخاصة.. كانت تجربة جديدة بالنسبة لنا وكان بها أخطاء، فضلا عن أن حالات كبيرة منها مشاكل، لذلك نحن نحلل الأخطاء حتى نتفاداها مستقبلا" وفقا للديواني.

يعتبر الديواني أن اختيار الحكومة برنامج الطروحات، يعد الأداة الأفضل للحصول على التمويل وتنشيط سوق المال.

ويقول الديواني إن "كانت الطروحات جيدة، فإن آلية البيع للمستثمر تأتي على نفس الأهمية لأنه يوفر الخبرة الفنية لتنمية الشركات".

وبحسب عمر الشنيطي، المدير التنفيذي لمجموعة الاستثمار «مالتيبلز» فإن الخصخصة أو برامج الطرح في البورصة له إيجابيات وسلبيات، لكنه لا يمكن النظر لبرنامج الطروحات الحكومية بمعزل عن اتفاق قرض صندوق النقد الدولي، لأنه كان أحد المحاور الأربعة الأساسية للقرض.

وتعهدت الحكومة لصندوق النقد الدولي في وثائق المراجعة الثانية لبرنامجها الاقتصادي المنشورة في شهر يناير الماضي، بأنها ستنشر خطة للطروحات خلال السنة المالية الجديدة، تهدف من خلالها رفع رأس مال القطاع الخاص في الشركات العامة من خلال طرحها بالبورصة أو بوسائل أخرى.

ويرى الشنيطي، أن برنامج الخصخصة في التسعينات كان أيضا بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي لإعادة هيكلة الاقتصاد، وأن الطريقة التي تم بيع الشركات بها كانت خاطئة وكان الأفضل من بيعها أن تدخل الدولة شريكا مع القطاع الخاص في هذه الشركات بدلا من بيع الشركات بالكامل.

وقال الشنيطي، إن برنامج الطروحات الحالي هو أفضل من الخصخصة السابقة، لكنه أيضا لا يتم تنفيذه بالشكل الأمثل.

ورأى الشنيطي، أنه من إيجابيات الطرح زيادة رأس المال السوقي في البورصة، وبالتالي تحسن أداء البورصة، وتحسين طريقة إدارة الشركات وتطبيق الحوكمة بها.

"لكن على الجانب الآخر هناك بعض التحفظات على برنامج الطروحات، الدولة اختارت 23 شركة من أحسن الشركات الموجودة في السوق دون أن تدمج معها شركات خاسرة يتم إعادة تأهيلها" وفقا للشنيطي.

وأضاف "اتفقنا مع الصندوق منذ 2016، كان على الدولة إعادة تأهيل شركات خاسرة وتحسين أدائها ثم دمجها في برنامج الطروحات لتنويع نوعية الشركات المطروحة".

وأوضح الشنيطي أن التحفظ الثاني يتعلق بطريقة تنفيذ الطروحات "من الحكمة أن يتم الطرح على مرحلتين، أولهما مرحلة ما قبل الطرح ثم الطرح نفسه".

وأوضح الشنيطي، أن مرحلة ما قبل الطرح في البورصة "أن يشتري مستثمر استراتيجي نسبة 10 إلى 15% من أسهم الشركة ويساعد في تطوير الإدارة وإدخال التكنولوجيا فيها، بما يسهم في رفع القيمة السوقية للشركة قبل طرحها في البورصة".

وقال إن عملية الطرح الأولى للمؤسسات الكبرى "المستثمر الاستراتيجي" تعمل على زيادة حصة المؤسسات مقارنة بالأفراد في الاكتتاب العام، حتى لا نكرر ما حدث في اكتتاب شركة المصرية للاتصالات.

وخلال طرح المصرية للاتصالات في 2005، حدث أن نسبة الأفراد المستحوذين على أسهم الشركة كان أكبر من نسبة المؤسسات، وهو ما أثر سلبا فيما بعد على سعر السهم، كما أن وضع الشركة الاقتصادي لم يتغير لاعتمادها على نفس الأسلوب في الإدارة.

أما التحفظ الثالث للشنيطي، على برنامج الطروحات، فهو أن ضخ إيراد الطرح سيكون حل لسد عجز الموازنة العامة للدولة، لعام واحد فقط، إذا فماذا سنفعل في الأعوام المقبلة؟.

قال محمد ماهر، الرئيس التنفيذي لشركة «برايم» القابضة، إن برنامج الطروحات الحكومية يعد خصخصة، ولا يمكن النظر لها باعتبارها مشكلة، لكن الخصخصة السابقة كان بها أخطاء.

وأضاف "من أخطاء الخصخصة السابقة خروج الدولة من قطاعات بشكل كامل في وقت سريع، ولم تكن رؤية الحكومة واضحة".

وأضاف ماهر، أن إحدى المشكلات التي واجهت عملية الخصخصة في السابق، هي عدم التقييم الصحيح للأصول.

"الشركات التي يتم بيعها بعضها ارتفع قيمته كثيرا بعد الطرح، والبعض الآخر انخفض قيمته كثيرا وفي الحالتين كان هذا خطأ تقييم"، وفقا لماهر.

"كيف تتخطى الحكومة الأخطاء السابقة للخصخصة؟

وضع المتخصصون الأربعة، عددا من الاقتراحات لتتفادى الحكومة الحالية، الأخطاء التي وقعت فيها حكومة مبارك في الخصخصة السابقة.

ويرى هاني توفيق، أنه على الحكومة زيادة رؤوس أموال الشركات التي اختارتها للطرح، وألا تذهب هذه الأموال لسد عجز الموازنة فقط.

وقال توفيق "هكذا نحافظ على الأسهم الأصلية التي يملكها الشعب، وبالتالي يتم طرح الأسهم الزيادة هذه في البورصة".

واتفق عمر الشنيطي، مع هذا الرأي بأن ضرروة إعادة استثمار حصيلة الطرح في الشركة يساهم في تحسين أدائها، وبالتالي زيادة أرباحها السنوية والتي تسهم بنسبة منها في الموازنة العامة للدولة خلال السنوات المقبلة.

وأضاف الشنيطي، أنه على الحكومة تعديل برنامج الطروحات بإضافة شركات أخرى تنوع محفظة الطرح، وتؤجل طرح الشركات الكبيرة، فضلا عن تنفيذ طرح أولي للشركات على مستثمرين استراتيجيين قبل الاكتتاب العام في البورصة.

وقال شريف الديواني، إن زيادة القطاع الخاص في الاستثمار هو الهدف الأساسي للخصخصة للاستفادة من خبراته، لكن على الحكومة أن تضع معايير للتعامل مع المستثمر المباشر المقبل على شراء حصة بالشركات الحكومية.

أحد أهم هذه المعايير، من وجهة نظر الديواني "فتح أسواق جديدة لمنتجات وخدمات الشركة، وكذلك خطة عمله لإدارة الشركة، وموقفه من العمالة، واستيعاب وخلق فرص عمل في البلد".

كما أكد محمد ماهر، إمكانية تدارك أخطاء عملية الخصخصة التي تمت في التسعينات من خلال التقييم العادل لأصول الشركات ومراعاة تحديد سعر الطرح بما يحقق هامش ربح مضمون للمستثمر.

وأضاف أنه على الحكومة الاستفادة من الخبرات المتوافرة وقواعد الحوكمة المتاحة حاليا، خاصة في ظل الرقابة المالية على عمليات التداول والتسعير والإفصاحات اللازمة لوقت الطرح.

اقرأ أيضا:

تعيين خبراء بنوك استثمار لإدارة شركات قطاع الأعمال.. هل يمهد للخصخصة؟

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان