استثمار التبرعات.. قصة صندوق "عطاء" الخيري لدعم ذوي الإعاقة (حوار)
شراء وثائق الصندوق من خلال بنوك الأهلي ومصر وقناة السويس وناصر
دار الإفتاء المصرية أجازت توجيه أموال الزكاة والصدقات للتبرع للصندوق
صندوق عطاء ليس بديلا للجمعيات الأهلية لكنه قناة تمويل لأعمال الخير
شريف سامي: ندرس إقامة ورش لتصنيع الأجهزة التعويضية لتوفير تكلفة استيرادها
كتبت- شيماء حفظي:
تصوير- علاء أحمد
كشف شريف سامي، عضو مجلس إدارة صندوق الاستثمار الخيرى لدعم ذوى الاعاقة "عطاء" والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية ، تفاصيل إنشاء الصندوق، والهدف منه.
وأوضح سامي، في حوار لمصراوي، آليات عمل الصندوق، الذي يستهدف استثمار الأموال التي يكتتب بها في الصندوق واستخدام عائدها في تمويل برامج رعاية ذوي الإعاقة. فيبقى أصل المال وتوجه العوائد دورياً لمختلف أوجه دعم مبادرات ذوي الإعاقة.
ويعد "عطاء" أول صندوق استثمار خيري مفتوح في مصر، قام بنك ناصر الاجتماعي وعدد من الشركات بتأسيسه بعد أن أتاحت تشريعات سوق رأس المال إنشاء مثل هذا النوع من الصناديق لخدمة أغراض اجتماعية وخيرية.
وإلى نص الحوار..
** ما هو "صندوق الاستثمار الخيري"؟
مصر بها أكثر من 100 صندوق استثمار، لكن صندوق الاستثمار الخيري، هو شكل جديد من هذه الصناديق، فهو يستثمر الأموال دون أن يحصل حامل الوثيقة (المتبرع) على الأرباح الناتجة، بل يتم توجيهها إلى جمعيات خيرية تخضع لإشراف وزارة التضامن أو إلى الجهات الحكومية التي تقدم خدماتها للأشخاص ذوي الإعاقة على مستويات الخدمات الصحية والاجتماعية في إطار مشروعات وبرامج متنوعة لخدمتهم وفقاً للموارد المتاحة وطبقاً لمعايير اختيار يضعها مجلس إدارة الصندوق، وهذا أول نموذج في مصر يحقق مزايا الضبط والربط لتحقيق أهداف مستدامة في العمل الخيري والاجتماعي.
هذه الصناديق، هي امتداد لفكرة الوقف، التي بدأت في عالمنا العربي، وهو التصور الذي طورته الدول الأوروبية كصناديق استئمان لضمان استمرار تمويل أنشطة مستشفيات وجامعات وغيرها، أما في مصر فتم وقف العمل بالوقف الأهلي منذ الخمسينات، واقتصر على الوقف الخيري الذي تديره وزارة الأوقاف، لكن منذ 4 سنوات رأت هيئة الرقابة المالية، أن العمل الخيري في مصر يحتاج للاستدامة في التمويل، نحن نتحمس للتبرع لإنشاء المستشفيات أو دور أيتام بعيدًا عن أي ضمانات لاستمرارية عمل المنشآت أو الأجهزة التي يتم شرائها بالتبرعات أو متابعة خدماتها، ومع الوقت قد تفتر حماسة المتبرع، ومن هنا جاءت أهمية صناديق الاستثمار للأعمال الخيرية.
** ماذا يقدم صندوق الاستثمار الخيري "عطاء"؟
المصريون يفضلون معرفة أين تذهب أموال تبرعاتهم للأعمال الخيرية بعيدا عن الحكومة، ومراقبة أداء الجهة لإعادة تمويلها مرة أخرى، نحن في هذا الصندوق نطوع أدوات سوق المال، لضمان استمرارية تمويل الأعمال الخيرية لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر.
ويستهدف الصندوق، تراكم الأموال وإعادة استثمارها مرة أخرى، ليس فقط في وقت الاكتتاب أو التأسيس، ولكن يمكن لأي فرد شراء وثيقة أو أكثر من البنوك للمساهمة في الصندوق، ولدينا 4 بنوك متاح من خلال فروعها شراء الوثائق.
وقد حصل الصندوق على فتوى من دار الافتاء المصرية بجواز توجيه أموال الزكاة والصدقات لشراء وثائقه، حيث أن الصندوق يمول احتياجات ومشروعات وأنشطة لرعاية المعاقين وهو عمل خيري.
**ما هي متطلبات تمويل العمل الخيري التي يحققها الصندوق الجديد؟
نستهدف في صندوق استثمار عطاء، أن يحقق 5 متطلبات رئيسية أولها الاستدامة، والشفافية والمتابعة الفعالة حيث يصدر مجلس إدارة الصندوق تقريرا سنويا بنشاطه وينشر قوائمه المالية وستكون هناك اجتماعات دورية يدعى لحضورها حملة وثائق الصندوق بما يسمح لكل من تبرع بمتابعة أين تذهب أمواله، وكذلك إدارة الأموال باحترافية لتحقيق أكبر عائد ممكن وإنفاقه على مشروعات وفق دراسة الأولويات من خلال شركة إدارة استثمار متخصصة، كما يستهدف الصندوق قياس النتائج وإعادة توجيه التمويل بناءً عليها في فترات لاحقة وذلك من المزايا التي تنفرد بها صناديق الاستثمار الخيرية مقارنة بالتبرع التقليدي مما يساهم في اكتساب ثقة حملة الوثائق لضمان استمرار التبرعات، بالإضافة إلى القيام بدور المؤسسات الكبيرة المهتمة بالعمل الخيري لكنها لن تلجأ لإنشاء جمعية خيرية، نحن في هذا الصندوق نوفر جهد هذه المؤسسات ونجمع هذه الأموال لتوجيهها إلى العمل الخيري.
**كيف يتم تحقيق استدامة تمويل العمل الخيري؟
يتم تحقيق استدامة التمويل من خلال صرف العائد أو أرباح استثمار أموال التبرعات وليس التبرعات نفسها، ما يعني إعادة تدوير رأس المال أكثر من مرة بما يسمح بتعظيم الفائدة منه، مثل الصدقة الجارية، وهذه ميزة غير موجودة في طرق التبرعات التقليدية.
**كيف يمكن للأفراد شراء وثيقة للمساهمة في الصندوق؟
تم تأسيس الصندوق من خلال مجموعة مؤسسين بنسبة تمثل 2% فقط، أما الـ 98% الأخرى من أموال الصندوق تعتمد على تبرعات الشركات والمؤسسات في إطار مسئوليتها الاجتماعية، وكذلك شراء الأفراد للوثائق.
إن تبرعات الأشخاص الاعتبارية من بنوك وشركات ستكون بقيمة مرتفعة، لكن يهمنا أيضا تبرعات الأفراد وهي قاعدة جماهيرية أوسع، ويتيح رأس المال الحالي وصول حجم الصندوق إلى 250 مليون جنيه، وسيزيد مع بدء عمله وانتشاره، ونتمنى أن يصل حتى مليار جنيه.
شريف سامي: صناديق الاستثمار الخيرية آلية ذكية لتمويل المجالات الاجتماعية والعمل الخيري
**كيف يمكن للأفراد التبرع للصندوق؟
يمكن للأفراد الراغبين في التبرع للصندوق، شراء وثائق من أي فرع تابع لأربعة بنوك نتعاون معها وهي بنك مصر والبنك الأهلي وبنك قناة السويس وبنك ناصر الاجتماعي، وهذا متاح الآن وسيستمر حتى بعد الانتهاء من فترة الاكتتاب في الصندوق (أي فترة التأسيس) الأسبوع الأول من يناير المقبل، وهذه الوثائق تكون باسم حاملها، ويمكنه متابعة أنشطة الصندوق لكنه لا يحصل على عوائد، وتنتقل للورثة في حال وفاة مالكها لاستكمال الخير.
** من يدير الصندوق.. وكيف يستثمر الأموال؟
الصندوق له مجلس إدارة متطوع مختص به، لكنه لا يدير الاستثمار، ومتعاقد مع شركة إدارة أموال متخصصة في الاستثمار مرخص لها بممارسة هذا النشاط من الهيئة العامة للرقابة المالية وهي أيضًا متطوعة، ووظيفتها تعظيم العائد على الأموال من خلال توظيف الجزء الأكبر منها في أدوات مالية منخفضة المخاطر، مثل السندات وأذون الخزانة والشهادات ذات العائد الثابت.
**كيف سيدعم صندوق عطاء الأشخاص ذوي الإعاقة؟
هناك قضايا إعاقة متعددة في مصر ومتطلبات كثيرة، تغطي الحكومة جزء منها من الموازنة العامة، ونحن نسعى للمساهمة في هذه الجهود، لدينا احتياجات كبيرة بين إعاقات ذهنية وإعاقات تحتاج لأطراف صناعية، وتدريب مهني، وفصول تعليم متخصصة وإمدادات في جهات ومستشفيات تخدم بشكل مباشر أصحاب الإعاقة، سيقدم الصندوق تمويلات لهذه الجهات، لكن حجم الدعم واستمراريته يتوقف على حجم العائد المتوقع على الأموال، وكلما زادت الأموال وأرباحها كانت الفرصة أكبر لتوجيه تمويلات لقطاعات أكبر ونطاق جغرافي أوسع، وبشكل أساسي نستهدف مجالات التعليم والتدريب والرعاية الصحية والأجهزة التعويضية ودعم نشاط الرياضات الإعاقية، وفقا لفقه الأولوية، فصندوق عطاء لا تقتصر تبرعاته على إقليم بعينه أو إعاقة واحدة وسيكون لديه كثير من المجالات وسيضع أولويات لعمله ومنها الأكثر احتياجا.
"عطاء" صندوق استثمار خيري غير حكومي لتمويل مبادرات دعم ذوي الإعاقة
** كيف يحصل ذوي الإعاقة على دعم الصندوق؟
يعمل الصندوق كوعاء لتجميع الأموال من حملة الوثائق وكأداة استثمار لتحقيق أرباح، لكنه لا يقدم دعما للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل مباشر، فهو يتعاون مع الجمعيات الأهلية المرخصة والجهات الحكومية من مستشفيات وجامعات ومدارس ودور أيتام لتمويل مشروعات ذوي الإعاقة كما ذكرنا كتوفير فصول تعليمية أو شراء كراسي متحركة أو أطراف صناعية، ومتابعة تنفيذ تلك البرامج.
وهنا ننوه إلى أن صندوق "عطاء" لا يعد بديلا للجمعيات الأهلية، بالعكس سيكون من قنوات التمويل الذكي لأغراض مدروسة، ما يجعل الجمعيات المستفيدة تنفذ مشروعاتها بشكل مستدام ومتقن لتتمكن من الحصول على التمويل مرة أخرى.
**هل يوفر الصندوق تمويل مشروعات لذوي الإعاقة في المستقبل؟
هذا ممكن نظريا، لكن أعتقد أن حجم التحديات التي يواجهها ذوي الإعاقة لن تصل بنا إلى هذه المرحلة بسرعة، ربما يكون من الصعب خلق فرص عمل، لكن يمكن الاهتمام بتدريب صاحب الإعاقة على الاندماج في المجتمع ومنظومة العمل المتوفرة.
**هل يستثمر الصندوق في مشروعات صناعية تخدم ذوي الإعاقة؟
ندرس حاليا إقامة ورش لتصنيع الأجهزة التعويضية وهذه صناعة غير متقدمة في مصر، نبحث الشراكة التصنيعية فيها وتأسيسها في مصر لأن مخرجاتها تخدم قضية الإعاقة مباشرة وتوفر في تكلفة استيرادها.
شركات وبنوك وأفراد يكتتبون في وثائق صندوق الاستثمار الخيري لدعم ذوي الإعاقة
هل هناك اتفاقات طويلة المدى لدعم الصندوق مع شركات أو مؤسسات؟
لم يُطرح هذا المقترح، ولن نطلبه، لكن من وجهة نظري لا أنصح بذلك لأن القائمين على صندوق الاستثمار الخيري "عطاء" يجب أن يحققوا أداءً ونتائج يلمسها الناس، فكلما تنوعت قضايا الإعاقة التي يغطيها الصندوق ونطاقه الجغرافي، يثبت أنه جدير بالثقة ويصبح جاذبا لتبرعات أكثر.
** كيف يؤثر خفض الفائدة في مصر على العوائد المنتظرة في الصندوق؟
إدارة الصندوق تعمل على التوازن في الاستثمار بين الحد من المخاطر وتحقيق قفزات في الربح مع احتمالية الخسارة، فيكون نسبة الأسهم أقل من السندات وأذون الخزانة، حتى إن انخفضت أسعار الفائدة، لأنه كلما قلت أسعار الفائدة كان هذا مؤشرا لانخفاض التضخم، وهذا يعني أن العائد الأقل يمكنه تلبية الاحتياجات بتكلفة أقل، في حال ارتفاع العائد يرتفع التضخم وبالتالي تذهب هذه العوائد لتغطية الزيادة في الأسعار.
شريف سامي: المكتتب في وثائق صندوق الاستثمار الخيري يشارك في متابعة أوجه الصرف
**هل تظهر صناديق استثمار خيري أخرى؟
أتوقع ظهور صناديق استثمار خيرية أخرى لأغراض مختلفة الفترة المقبلة، لأن العمل الخيري الاجتماعي مجاله واسع، خاصة وأننا تأخرنا في هذه الخطوة، وأخذنا وقتنا لتعديل التشريعات واختيار الوقت المناسب، لقد أصبح لدينا صندوق للاستثمار في مجال التعليم، وسيكون في ربيع العام القادم صندوق في مجال آخر.
فيديو قد يعجبك: