ليس مثاليا ولكن يتجه للازدهار.. اقتصادي مصري يرد على مقال فورين بوليسي
كتب– محمد عطايا:
نشرت مجلة "فورين بوليسي"، الأمريكية مقالًا للخبير الاقتصادي المصري والأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية، أحمد شمس الدين، رد فيه على مقال سابق نشرته المجلة واسعة الانتشار ليحيى حامد وزير الاستثمار السابق خلال حكم جماعة الإخوان الإرهابية.
يحيى حامد المنتمي لجماعة الإخوان، زعم في مقاله بالمجلة الأمريكية، أن الاستثمار المصري يتجه نحو الانهيار ويمر بأزمات، محرضًا المستثمرين الأجانب على عدم ضخ المليارات فيه، وهو ما نفاه أستاذ الاقتصاد المساعد في الجامعة الأمريكية جملة وتفصيلًا.
أحمد شمس الدين، يقول في مقاله ردا على ادعاءات يحيى حامد، إن الأخير قدم انتقادات معقولة إلى حد ما لمستويات الدين المرتفعة في مصر، ومستويات الفقر بعد سياسات الإصلاح الاقتصادية بعد العام 2016، إلا أنه رسم رؤية غير عادلة للتحديات الاقتصادية التي تواجهها القاهرة.
المثير للسخرية، من وجهة نظر الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية، هو تحذير يحيى حامد للقراء من ارتفاع العجز في الميزانية، لأنه أقل خلال الفترة الحالية بمقدار 300 نقطة أساسية (بحساب العجز كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي)، عما كان عليه عندما كان حامد وزيرًا للاستثمار.
أكد أحمد شمس الدين، أنه من الحماقة أن يلوم حامد الحكومة على ارتفاع الفائدة مؤقتًا، لأن ارتفاع الفوائد تقع ضمن نطاق مسؤولية ومهمة البنوك المركزية في كل مكان بالعالم، ومن الصعب بشكل خاص توجيه اللوم نحو الحكومة التي حققت أهدافها المالية بالكامل.
انتقاد سياسة التقشف المصرية وسياسة صندوق النقد الدولي التي زادت من معدلات الفقر بين المواطنين –بحسب وجهة نظر البعض- قد يكون مفهومًا إذا ما أتى من اليساريين، وذلك وفقًا لشمس الدين، الذي أكد أن المثير للدهشة هو أن التشنيع جاء من يحيى حامد المنتمي للإخوان، وهو في الوقت ذاته كان أول من اقترح الاعتماد على صندوق النقد الدولي في 2012، للخروج من الأزمة الاقتصادية.
وأوضح الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية، أنه في تلك الفترة كانت حكومة هشام قنديل، قريبة للغاية من إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي لحل أزمة الوضع الاقتصادي القاتم، من نقص للعملة الأجنبية، والاعتماد على السوق السوداء، فضلًا عن نقص في مصادر الطاقة والمواد الأساسية، إضافة إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية، التي أدت إلى الركود الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة.
وأكد أحمد شمس الدين في مقاله بـ"فورين بوليسي"، أنه يمكن تصنيف الفترة بين 2012 إلى 2013، بأسوأ أزمة اقتصادية مرت بها مصر، منذ الثلاثينيات.
وأكد شمس الدين، أنه لا يمكن أن نسمي الاقتصاد المصري الحالي بالمنهار كما ادعى حامد، لأن الدولة تمكنت من خفض العجز في الحساب المالي من 5 بالمئة إلى أقل من 2.5 بالمئة، كما قللت من عجز الميزانية من 16.5 بالمئة في 2013، إلى 8.5 بالمئة في 2018.
وأضاف أن الحكومة المصرية تمكنت من زيادة معدلات النمو والإنتاج بنسبة 5.5 بالمئة، وذلك وفقًا لبيانات رسمية من صندوق النقد الدولي، ووزارة المالية، مؤكدًا أن ما يحدث حاليًا يمكن وصفه بما تحويه الكلمة من معنى بأنه "تعافٍ قوي للاقتصاد".
الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية، أكد أن الديون الخارجية تراكمت على مصر بالفعل خلال العامين الماضيين، وزاد الدين العام، إلا أن تلك ليست "القصة الكاملة". قبل الوصول إلى استنتاج "باطل" عن انهيار الاقتصاد المصري مثلما زعم حامد، يجب أولًا مقارنة نمو الدين بنمو الناتج المحلي الإجمالي، وتحليل أساسيات ميزان المدفوعات والمصادر المستدامة للعملات الأجنبية، ودراسة تكلفة خدمة الدين الخارجي.
ويضيف المقال أنه وفقًا لبيانات البنك الدولي وشركة تحليل البيانات الدولية "سي إي آي سي"، فإن الدين الخارجي لمصر وصل إلى نحو 32 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل بكثير من متوسط الأسواق النامية البالغ 42 بالمائة، وأكثر ملاءمة بكثير من معظم نظرائها الناشئة، مثل تركيا التي وصلت نسبة الدين الخارجي بها إلى 58 بالمئة، وماليزيا 63 بالمئة، وتشيلي 62 بالمئة، وجنوب إفريقيا 48 بالمئة، والمغرب 44 بالمئة، وفيتنام 43 بالمئة، والمكسيك 36 بالمئة.
وأكد أستاذ الاقتصاد أنه على الرغم من ذلك إلا أن الاقتصاد المصري ليس مثاليًا على الإطلاق، فمعدل الادخار المحلي منخفض للغاية، فضلًا عن تأثر الدخل المتاح للمصريين بالتضخم والضوابط المالية للحكومة، وما زال المستثمرون الأجانب يواجهون تحديات من مخاطر الأسواق الناشئة العالمية والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وضعف القدرات المؤسسية المحلية.
ويختتم مقاله في فورين بوليسي بالإشارة إلى أنه إذا تمت مقارنة التحديات الاقتصادية التي تواجه القاهرة حاليًا، مع تلك التي واجهتها قبل خمس سنوات، فمن الواضح أن الاقتصاد المصري يتجه إلى الازدهار أكثر من الكساد.
فيديو قد يعجبك: